الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024
منذ 5 أشهر
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

🖊 قاسم سلمان العبودي ||

دأبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ بزوغ فجر الثورة الاسلامية الى صناعة قادة وفق المتبنيات العقائدية للثورة الاسلامية والتي تبناها الأمام الراحل روح الله الخميني الموسوي ( رض ) . فكان جُل القيادات السياسية المتعاقبة التي أدارت دفة الحكم الاسلامي في ايران من أبناء ولاية الفقيه التي رسخها قائد الأمة في وجدان الشعب الذي ألتف حول قيادته ألتفاف العاشق المحب .

رسم الأمام الخميني رحمه الله ستراتيجية البقاء للثورة . فهذه الثورة ولدت لتبقى مهما حيكت المؤامرات ضدها ، ولو أجتمع العالم بأسره لما وهنت أو ضعفت . لذلك عندما وقع الحادث الجلل بسقوط مروحية القيادة الإيرانية وأستشهاد من فيها ، لم ترتبك المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية بسبب هذا الحادث الأليم . بل على العكس من ذلك ، خرج قائد الأمة الإسلامية برباطة جأشه المعهودة ليطمئن الشعب الأيراني بأن الثورة باقية وأن حكومة ايران ستتعامل مع الموقف بحنكة وهدوء كبيرين ، برغم الغصة والألم الذي كان بادياً على محيا السيد الأمام الخامنئي بسبب ذلك المصاب الأليم . فسارت الأمور بهدوء كبير رغم الفوضى الأعلامية المغرضة التي حاولت شق عصا المجتمع الأيراني المتماسك ، فكان رد الشعب على تلك الاقلام المأجورة والإعلام الفاسد بأن أرسل رسالة الالتفاف حول قيادته عبر التشييع المليوني في شوارع طهران وغيرها من المدن الإيرانية لوداع الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية عبد اللاهيان الذي كان يعرف بمسمى سليماني الدبلوماسية الإيرانية .

وذلك ناتج في واقع الحال من الأدارة والحنكة السياسية التي سار عليها أبناء الامام الخميني قائد بعد قائد . فكانت دولة مؤسسات حقيقية . بمعنى عدم أختزال المؤسسة في شخص المسؤول ، بل ذوبان المسؤول في تلك المؤسسة ، وعليه فإن رحيل اي مسؤول عن اي مؤسسة لن يترك فراغاً عملياً شديد . نعم ربما تحدث ثلمة في ذلك الترك مثلما رأينا في استشهاد القائد الكبير قاسم سليماني ، لكن سرعان ما عادت المؤسسة إلى العمل بشكلٍ طبيعي . تعودت المؤسسات السياسية الإيرانية ان تحول المعوقات الى خط شروع للانطلاق الى الامام دوماً . لذلك بمجرد أن تأكد خبر استشهاد الرئيس الايراني ومن معه ، حتى عملت المؤسسة السياسية في البلاد على تحديد موعداً لانتخابات الرئاسة في مدة أقصاها خمسون يوماً وهي فترة زمنية قصيرة جداً في مضمار سجل الانتخابات الرئاسية على مستوى العالم .

لكن أستقرار العملية السياسية في ايران ووجود قادة حكماء سيحولون هذه الأزمة الصعبة إلى منجز كبير متخطين تداعيات استشهاد الرئيس ابراهيم رئيسي و بعض أركان قياداته . نرى بأن الثابت في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية سيحافظ على المنجز الذي عمل عليه الشهيد عبد اللاهيان الذي كان له دور كبير في تقريب طهران من بعض الدول التي تكُن العداء لايران الإسلام. كما اننا نرى بان العلاقات العراقية مع الجارة الشقيقة ايران لن تتأثر نتيجة فقدان أعمدة الحكم في ايران . كما أن المحور المقاوم ربما فقد أذرع الرئيس رئيس ووزير خارجيته الفذ المساندة للمحور ، لكن القيادة السياسية الراسخة في الوجدان العقائدي الإسلامي متمثلة بوجود السيد القائد آية الله العظمى الخامنائي وأركان القيادة الأمناء على مصالح الأمة سوف تعطي زخماً كبيراً في دعم المحور بهذا الظرف الحساس الذي توحدت فيه ساحات المواجهة مع الكيان الصهيوني . وعليه لا خوف من عدم الاستقرار السياسي في ايران كونها دولة مؤسسات حقيقية أنشأت وفق منظور إسلامي واضح وصحيح ، فكان التسديد من الله طولياً لهذه الدولة المباركة .