الاثنين - 14 اكتوبر 2024
منذ 5 أشهر
الاثنين - 14 اكتوبر 2024

القاضي حسين بن محمد المهدي ||

بسم الله الرحمن الرحيم

القافلة تسير والحياة متطورة احوالها، خيراتها نعمة، وزينتها فتنة، وهي تمضي بسننها ونواميسها، وكأنها ظل الغمام، وحلم النيام، تعطي وتمنع، وتنقاد وترجع، وتوحش وتؤنس، والانسان فيها حكيم نفسه
فإن سعى نحو الكمال كمل، وحسن حاله.
وان سعى نحو الرذيلة هوى إلى محل الذل والازدراء، وسآءت أحواله.
الأمم كالافراد تخضع لسنة التطور في هذه الحياة، فإن سعت نحو الكمال ترقت في سلم المجد وسمت وعزت
واذا سعت نحو الرذيلة والاختلاف والانحلال إنحلت وضعفت وتمزقت
والأمة الإسلامية في سابق أمرها سارت في طريق التطور الطبيعي نحو الكمال، فقوت وامتصت الثقافات وحملت علم الحضارة وقدمت للعالم زاد العلم والإيمان والتقوى.
الأمة الإسلامية ابتليت في تطورها بعوائق عطلت سيرها الطبيعي وحولتها إلى طريق الذل والضعف والتفكك
ففقدت كثيرا من مقوماتها؛ لأنها لم تبادر وهي قوية إلى صد اهواء من قاموا بتحطيم قوتها، وتفريق كلمتها بنزعاتهم التي تميل إلى تطبيق أغراض أعدائها، فكان الأمة توقفت عن السير في طريق الكمال.
رغم ان الإسلام هو دين الكمال، وهو الدين الذي جاء ليأخذ بيد الإنسانية نحو الوحدة، والقوة، والخير للبشرية أجمعين،(وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا)،(وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)، ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
فالأمة الإسلامية تؤمن بالله وحده لاشريك له، وتؤمن أن نبيها واحد محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وان القران كتاب الله واحد وان قبلتها واحدة، وصلاواتها واحدة، وحجها واحد، يتساوى الكل في التكليف وفي الفروض والواجبات، وهذه فلسطين قضية المسلمين جميعا
فتفرق شعوب الأمة الإسلامية إلى دول وطوائف حرمهم من قوة اكثر من مليار مسلم، تناسوا إخوة الإيمان والإسلام التي أرشد إليها القرآن(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)
وقد ارشدهم القرآن عند التنازع والاختلاف بالعودة إلى الله والرسول فقال سبحانه( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ)
فأين المسلمون من ذلك اليوم وقد اعرضوا عما جاء به القرآن، وحينما ظهرت المسيرة القرآنية شنوا عليها حربا كونية بعيدة عن منهج القرآن،
فقد حان الوقت لرجوع الساسة عن اخطائهم، ومع ذلك فإن المسيرة تمضي في طريقها الى الحق ولن يردها ذلك إلى الوراء أبدا؛ لأنها تسير في تطورها إلى الحق ونحو الحق، مؤمنة بوحدة الأمة، ووجوب الجهاد لاعداء المسلمين
فهي تعلن الحرب على من يحارب المسلمين في فلسطين، غير آبهة بما صنعه أهل الأهواء الذين فرقوا كلمة الأمة، وصاروا ينظوون تحت لواء اعداءها وكانهم لايشعرون، فتمسكوا بالمذهبية والطائفبة.
وذلك لايستفيد منه إلا أعداء الإسلام، وعلى وجه الخصوص الصهيونية اليهودية التي تحتل أرض العرب والمسلمين، وتحتل الأقصى الشريف.
إن الأمة في أمس الحاجة إلى أن تعود إلى فطرتها، وإلى تطورها نحو الكمال، فالمسلمون والمؤمنون جميعا إخوة، لافرق بين سني وشيعي؛ لأنهم كلهم يعتبرون سنة ويعتبرون شيعة، فيعتبرون سنة لانهم جميعا يتمسكون بما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويجمعون على أن الحديث اذا صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجب على الجميع الاخذ به، والقرآن يهدي إلى ذلك، ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).
والجميع يعتبرون شيعة فالكل يحب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام فهم جميعا شيعتهم فقد آن الأوان لأن يتحد المسلمون تحت لواء القرآن، فمسيرة القرآن تجمعهم. ولايستفيد من خلافهم إلا اعداءهم (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين ولانامت أعين الجبناء( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)