الاثنين - 14 اكتوبر 2024

العراقي بين مطرقة التبذير و سندان الإسراف (كض إيدك حبوبة)

منذ 5 أشهر
الاثنين - 14 اكتوبر 2024

إنتصار الماهود ||

بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تبذر إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) الإسراء 26/27.
” ركز وياي حبوبة زين وشنف لي كل حواسك، مو بس أذاناتك سالفتنا اليوم مهمة، ولازم نوعى الها ونعالجها، مو بس الدولة لا إحنا لازم هم نتحرك عليه“، فالله لا يغير ما بنا، حتى نغير أنفسنا نحن.
الإسراف والتبذير هما من الصفات المذمومة، والتي تدخل صاحبها النار الإ إذا عفى الله عنه، وقد ذكر التبذير في القرآن الكريم وقرن الله تعالى بين المبذر والشيطان بإن جعلهم إخوة.
والتبذير في اللغة هو صرف الشيء فيما لا ينبغي، أي أنك تصرف أموالك في شيء أنت لست بحاجة له.
أما الإسراف فهو صرف الشيء فيما ينبغي زائدا عن الحد، كان تشتري عدة أشياء من صنف واحد أنت تحتاجها.
والتبذير صفة ترافق الإنسان وقت الرخاء، وهو أكثر كائن حي على كوكب الأرض يستهلك المقدرات والثروات الطبيعية، ويسخرها لخدمة مصالحه وهو شيء ليس بالمكروه، بالعكس لكن هل فكر الإنسان يوما بالإعتدال بهذا الإستهلاك، للمحافظة على نعم الله عليه؟!.
التبذير له عدة أوجه لكننا سنتكلم اليوم عن التبذير في الطعام، تلك النعمة التي يتحسر عليها الكثير حول العالم لأنه لا يملك رفاهية إشباع بطنه خبزا.
إليكم بعض الحقائق الصادمة والأرقام الخطيرة، من العراق والعالم والتي ربما ستجعل المبذرين يتراجعون عما يفعلونه.

هل تعلم أن كمية الطعام المهدرة بلغت 1.3 مليار طن حول العالم، لعام 2023 حسب إحصاءات متخصصة، بعد أن كانت 900 مليون طن في عام 2021، وهذه النسبة هي ثلث الطعام المصنع حول العالم، وتبلغ قيمة المهدر منه 1 ترليون دولار سنويا، وتبلغ نسبة الطعام المهدر في المنازل 60% من الكمية الكلية، ومن المفارقات العجيبة أن تهدر هذه الكمية، بوجود أكثر من 828 مليون جائع حول العالم، حقائق مخيفة أوليس كذلك؟! إسمع الآتي إذا:
هل تعلم أن العراق لوحده يتخلص من 20 الف طن يوميا وليس سنويا، بل يوميا من الطعام بقيمة 8 مليون دولار، وإن بغداد لوحدها تطمر 10 طن يوميا من النفايات الغذائية، وتبلغ نسبة الطعام المهدر من المنازل 43%، وبسببها يعتبر العراق من البلدان الأكثر هدرا في العالم، وهو بلد تبلغ نسبة الفقر فيه 22% أي حوالي 10 مليون شخص، حسب أخر تصريح لوزارة التخطيط عام 2023.
وهنالك أسباب نعرفها نحن تسببت بهذا الهدر منها:

1. السلوك الإجتماعي، أي الكرم المرافق للفرد العراقي، حيث نرى الإسراف بإسم الكرم في المناسبات العامة، بتوفير الطعام للمدعوين في الأعراس والمآتم زيادة عن الحد .
2. سلوك إقتصادي بحت، خاصة في المطاعم وكميات الطعام التي تعرضها في البوفيهات المفتوحة، واخذ كل فرد ما يزيد على قابليته للتناول، ” شمالكم حبوبة ما شايفين أكل؟!“.
أما أضراره فكثيرة نحصي لكم منها الأقرب لنا:
1. جانب بيئي، هل تعلم أن النفايات الغذائية حين تتحلل تطلق غاز الميثان وبعض الغازات السامة والمواد المضرة، التي تنتج عن التحلل وهذا يؤدي الى الإضرار بالتنوع البيئي والبيولوجي، سواء كان طمرها برا أو رميها في المياه، كما أنها تعد أهم سبب للإحتباس الحراري وإرتفاع درجة الحرارة للغلاف الجوي.
2. الجانب الإقتصادي، حيث هدر الطعام يعني زيادة في إستخدام المواد الأولية، لتصنيع المزيد وتحويلها الى أغذية مصنعة، وتصرف الأموال لشرائها، تخيل انك تستيقظ يوما تملك مليار دولار وأنت جائع، الإ أنك لاتجد ماتشتريه لنفاذ المواد الأولية من الطبيعة؟! ما هو شعورك حينها؟!.
تحاول الحكومة العراقية إقرار القوانين التي تساهم في إعادة تدوير النفايات خاصة الغذائية منها، من أجل الإستفادة منها وعدم هدرها وللمحافظة على البيئة، وهو ما يسمى بقانون (صفر نفايات) أي لن تكون هنالك نفايات مهدرة وهو ما ننتظر تطبيقه بلهفة.

”أيبااااااااااه لو نرجعكم شوي لأيام إبن صبحة، ونراويكم بفلاش باك شلون الناس عاشت بالحصار، وشلون جانوا يسوون للخبز اليابس تدوير للطعام من يطبخونه محروگ إصبعه، لو يسوون التمر الزهدي مدگوگة، لو البيضة أم الطحين لو لو لو.. يبووووو يصديم سويت فلك ولك بالوادم، أمي الله يرحمها ويرحم أمواتكم، چانت تكول يمة العفى هيج سوة بالوادم، والبطر خلا الدنيا تنگلب بينا، حتى نحس بقيمة هاي النعمة وما يتبطرون عليها “.

يا ترى هل نحتاج الى حصار آخر كي نحس بنعمة الله ونشكره عليها، ولا نبذر أو نسرف في هدرها، أم إننا سنقع تحت غضب الله مرة أخرى كما وعد في كتابه الكريم في سورة الإسراء 16: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا).

حبوبة كضوا إيدكم شوي وتهدوا بالرحمن، لو إلا يجيكم صديم جديد يطلع هالخير هذا من خشومكم يلا تهيدون.