نبوءة الجواهري وخلطة العطار ..!
رياض الفرطوسي ||
لقد نعى الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري الواقع العراقي بوقت مبكر حينما قال : ان مستقبل العراق لا يسر ‘ لن يكون للعراق مستقبل متفائل بعد كل الذي كان والذي هو قائم الان . لن يكون الشي الذي يريده الشعب العراقي ابدا . هذا شي مجزوم به اما كيف ولماذا فالحديث طويل لكن هناك اشياء رئيسة منها اننا لا نرى ما يدل على ما يبشر على مستقبله. المقابلة ما زالت موجودة على اليوتيوب . هنا تأتي اهمية الشاعر والكاتب والمثقف والاديب ‘ الاهمية تكمن في القراءة الواعية للوقائع والاحداث وكيف يمكن التوقع والاستباق والتنبيه والتحذير من الفوضى والهيمنة والاستلاب والحيازة والهمجية . لو نظرنا للاحداث قبل عام 2003 من الخارج حيث كان نظام البعث يجثم على صدور العراقيين وكانت السلطة موجودة كما لو ان كل شي في مكانه ‘ في المقابل كانت المعارضة العراقية وتشكيلاتها في الخارج والتي وصل عدد تنظيماتها الى ما يقارب 100 تنظيم ‘ لكن كل هذه التنظيمات السياسية لم تستطع من فرض نفسها على اي من التشكيلات السياسية الكبيرة . اضافة الى ضعفها في تحقيق اي منجزات حقيقية تنعكس على طبيعة مسار القضية العراقية . في ظل ذلك الوضع المختنق كان المعارضون العراقيون منشغلين بالصراعات الجانبية على المواقع والامتيازات بوقت مبكر جدا ‘ وقد شهدت مؤتمرات فيينا ونيويورك ولندن ولبنان وسوريا وصلاح الدين اتهامات وشتائم علنية بالخيانة والعمالة والسمسرة بين قيادات وزعامات تلك الاحزاب . في كل مرة كانت تتدخل شخصيات سياسية من الدولة المضيفة لمؤتمراتهم لفض تلك الخلافات قبل ان تسيل دماء المعارضين الديمقراطيين وتصل ( للرچاب ). كانت المؤتمرات تعج بالاصوات العالية من اجل تحقيق الزعامة وفرضها بوسائل مختلفة . تلك الممارسات العاصفة اسست من البداية الى حالة من التمزق والتشرذم والانقسام انعكست لاحقا على وضع المجتمع العراقي . لقد استهلت المعارضة العراقية في الخارج سياستها عبر تهميش النخب المثقفة والكفاءات العلمية والادباء والصحفيين غير الاعضاء في تلك المنظمات والاحزاب. الامر الذي ساهم في تراجع ثقة المجتمع والناس بعدالة المعارضة وجديتها. لقد كانت تتلبس عقول بعض من المعارضين فكرة الانتقام من بعضهم بعضا لم تكن فكرة بناء مشروع دولة عادلة مطروقة في ذلك الوقت. ولان المستقبل ليس غيبا وانما كيف نفكر وكيف نعيش وتلك هي التفاصيل التي تصنع احداثا كبرى . تغير النظام ودخلنا مرحلة خلطة العطار حيث كل اربع سنوات خلطة جديدة وهذه الخلطة تجمع شخصيات مختلفة ومتنافرة ومتعادية مع بعضها وان بدى للعيان انهم يتزاورون ويجتمعون ويتصافحون ويبتسمون. في كل حقبة نتعرف على الخلطة لكننا لا نعرف العطار الذي خلطها.