الأحد - 06 اكتوبر 2024
منذ 4 أشهر
الأحد - 06 اكتوبر 2024

زمزم العمران||

قال تعالى في كتابه الكريم : {إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ }

الآل مصطلح قرآني ، يمتد بجذوره التاريخية إلى زمن اقدم من زمان نزول القران الكريم ، فقد ورد في الكتاب الكريم ذكر الآل بعدد من الآيات تارة يذكر فيها الآل بناحية تتصف بالقدسية المكتسبة من قبل الخالق ، وتارة أخرى يذكر فيها لاتتمتع بأي قدسية ، بل هي قدسية موهوبة صنعتها السلطة والجبروت والتحكم في مصير الناس ، وقد ضرب الله مثالاً بين الفريقين في الآيات القرآنية الآتية قال تعالى :(وَإِذۡ فَرَقۡنَا بِكُمُ ٱلۡبَحۡرَ فَأَنجَيۡنَٰكُمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ )، وقال تعالى : ( وَإِذۡ نَجَّيۡنَٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ ) ، وقال تعالى :(وَقَالَ لَهُمۡ نَبِيُّهُمۡ إِنَّ ءَايَةَ مُلۡكِهِۦٓ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَبَقِيَّةٞ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَىٰ وَءَالُ هَٰرُونَ تَحۡمِلُهُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ) وقال تعالى : ( أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا ) وقال تعالى : ( وَلَقَدۡ أَخَذۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ ) وقال تعالى : ( كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلّٞ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ )، وقال تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوٓاْ ءَالَ لُوطٖ مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ ) ، وقال تعالى : ( وَلَقَدۡ جَآءَ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ ٱلنُّذُرُ ).

فقد كانت تلك الآيات تشير إلى أن هناك صنفان من الآل ، الاول مقدس والثاني غير مقدس مارس الظلم واضطهاد الناس تحت هذا العنوان ، وفي الصنف الأول هناك أمثلة لم تشمل في القدسية مثلاً أبن النبي نوح (عليه السلام) وزوجته ، وكذلك زوجة النبي لوط (عليه السلام) ، أما في عصر الرسالة المحمدية فقد كان أبو لهب هو اللامقدس على الرغم من كونه عم النبي محمد (صل الله عليه وآله وسلم) ، وكذلك أفعال بعض أبناء الأئمة المعصومين في التعامل مع أحقية غيرهم بالقدسية والمرتبة الإلهية ماصدر من ابن الإمام الهادي (عليه السلام) جعفر حينما أدعى أنه الإمام المعصوم بعد استشهاد الامام العسكري (عليه السلام) ، لكن حادثة استلام الحقوق الشرعية من قبل الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) أثبتت كذب ادعائه ، بعد أن أبلغ حاملي تلك الحقوق بمقدارها واصحابها وهذا التصرف ذكره له الإمام العسكري (عليه السلام) قبل استشهاده في كيفية معرفة الإمام المعصوم بعده .

 

أما مايردني في آية من الآيات حول الوراثة في قوله تعالى : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا )، فالمرجح هنا أن الوراثة ليست الوراثة الدنيوية ، بل وراثة النبوة والرسالة المقصود بها وامتداد الخط الرسالي ، كما أن المرجح من تفضيل آل عمران على العالمين هو ماأورده سماحة الأمين العام لعصائب أهل الحق في أحد بحوثه المنشورة في( مجلة الهدى) ، حول ترجيح أن يكون الاسم الحقيقي لأبو طالب ( رضوان الله عليه) هو عمران وليس عبد مناف ، لأن من المؤكد أن عبد المطلب كان من الموحدين فمن المستبعد للموحد أن يسمي ابنه بتسمية تدل على عبادة صنم من الأصنام ، لذلك يكون التقديس بأن المقصود في الآية أنهم الأئمة المعصومين عليهم السلام ، وفي هذا الزمن يحاول بعض أبناء المراجع الكبار قدست أسرارهم استغلال خاصية الآل والانتساب النسبي إلى الظهور بمظهر هذه القدسية ، التي رفضها قائد الثورة الإسلامية السيد روح الله الخميني (قدس سره) حينما أوصى بالقيادة بعده لسماحة السيد علي الخامنئي (دام ظله ) ، وحرم على ابنائه وأحفاده استغلال مكانته في قلوب محبيه ومنعهم من تولي اي منصب حكومي أو حوزوي ، وان يكونوا مثل عامة الناس.

لكن الأمر في العراق مختلف ، فلا زال البعض من أبناء المراجع العظام ، يتوكأ على تلك العصا التي تعطيهم القوة والقدرة على التحكم بالناس ، تحت عناوين ذات قدسية زائفة ، لاتمت إلى الحق والحقيقة بصلة وقد سببت هذه المفردة العديد من الحوادث المؤسفة والمؤلمة ، والتي وصلت إلى سفك الدماء وانتهاك الحرمات والاعتداء على الناس وقذف الأعراض ، تحت مسمى الدفاع عن القدسية التي لاوجود لها إلا في عقول تعمد البعض إلى تجهيلها خوفاً على مكتسباته الدنيوية ، فقد كان أحد المراجع الذي يدعي البعض أنهم يدافعون عن قدسيته يقول “أنا لست مهماً بوجهي ولا بيدي ولابعيني وانما الشيء المهم هو دين الله ومذهب أمير المؤمنين (عليه السلام) .