مؤتمر بروكسل لم ينهي الصراع في سوريا..!
نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الدول الرأسمالية العظمى تفكر بمصالحها بالدرجة الاولى، تستفيد من وقوع صراعات داخلية في دول لم تكن مصنفة على معسكرها، مثل وضعية سوريا، أو العراق وليبيا واليمن والجزائر وتونس، حيث كانت تلك الأنظمة العربية الجمهورية، محسوبة سابقا على المعسكر الشرقي السوفياتي، ولا يختلف اي متابع، أن أنظمة الحكم العربية الجمهورية تربطها علاقات تعاون بمختلف الأمور مع روسيا الحالية، حاولت دول الناتو إسقاط أنظمة الحكم العربية المحسوبة على روسيا وإحلال محلها أنظمة عربية على غرار أنظمة حكم دول الرجعية العربية، صنيعة دول الاستعمار.
عالم تحكمه المصالح وليس القيم والمبادىء، ماحدث في سوريا من إرهاب الغاية أضعاف سوريا وتحطيمها، ولننظر ماحدث ويحدث الان بغزة، كان نتاج تدمير دول عربية كانت تدعم قضية الشعب الفلسطيني. عقد قبل عدة ايام في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة، أكد على دعم السوريين في الداخل والخارج، هذا المؤتمر سبقته مؤتمرات، الدول العظمى، تستغل الصراعات الداخلية في البلدان المصنفة في المعسكر المعادي لها، بتحقيق مكاسب سياسية، لا يمكن للدول الاستعمارية العظمى العمل على نشر الديمقراطية، بل نفس هذه الانظمة التي تدعي دعمها إلى شعوب معينة لتعزيز الديمقراطية، تدعم أنظمة قمعية بدوية، بل وتدعم بشكل مباشر أو غير مباشر، عصابات تكفيرية من القاعدة وداعش.
لننظر إلى حل الدولتين بين الفلسطينيين والاسرائيليين ورغم صدور القرارات الأمية منذ أكثر من سبعين عام، فما زال الوضع يروح بمكانه، من دون العمل الجاد للوصول إلى تنفيذ تلك القرارات الدولية، سبق أن عقدت مؤتمرات سابقة، عملت على تقسيم سوريا ضمن عمل مناطق نفوذ لأطراف إقليمية ودولية، بل وبسبب الجرائم والقتل وبفضل العصابات التكفيرية، انتشرت قوات تابعة لدول استعمارية على الأرض السورية، واستطاعت توفر حماية لبقاء وجود العصابات الإرهابية، تحتل أجزاء من الأراضي السورية، الغاية الضغط على النظام السوري للقبول بسلام دائم مع إسرائيل.
الجامعة العربية لعبت دور قذر بتدمير سوريا، عندما وافقت على دخول قوات لدول عظمى استعمارية إلى الأرض السورية، وطردت الجامعة العربية ممثل الدولة السورية، وسلمت المقعد إلى أنصار العصابات الإرهابية التكفيرية.
بعد أحداث الربيع، واكتشاف دول الخليج، بوجود خطة في إسقاط أنظمة الخليج وتسليم الحكم الى أنصار الحركات الاخوانية التكفيرية الموالية إلى طيب اردوغان، لعبت الإمارات والسعودية دور مهم في إسقاط نظام مرسي وإفشال المشروع الاخواني، وعملت الدول الخليجية على إعادة سوريا إلى ماكانت عليه، قبل مؤامرة الربيع العربي، على أثر ذلك، صدر قرار من الجامعة العربية بإعادة مقعد سوريا وإعادة التواصل مع الحكومة السورية.
مخططات المخابرات الدولية وادواتهم في سوريا، عملوا على تفتيت مكونات الشعب السوري القومية والمذهبية والدينية.
هناك حقيقة الشعب العراقي والشعب السوري يتشابهون في التركيبة القومية والمذهبية والدينية، ولاسبيل من قبول ساسة المكونات بالعيش المشترك، والعمل على إشراك كافة المكونات في الحكم بالعراق وسوريا، توجد قصة مسرحية جميلة، صدرت في عام 1944، عن جان بول سارتر، وكان عنوان مسرحيّته «لا مخرج» (أو «الباب الموصد»)، وهي عن ثلاثة يُعاقَبون بعد موتهم؛ لكن عقابهم يتمّ بحشرهم معاً في غرفة واحدة في الجحيم. إنّ وجودهم معاً هو التعذيب.
المسرحيّة اعتُبرت من معالم الأدبيّات الوجوديّة؛ خصوصاً بسبب العبارة التي اشتُهرت أكثر مما اشتُهرت المسرحيّة: «الآخر هو الجحيم»، والتي وضعها سارتر على لسان جوزيف غارسين، أحد أولئك الثلاثة. فغارسين وإينِيز سيرّانو وإستِلّ ريغوت وُضعوا معاً في تلك الغرفة التي لا يتغيّر شيء فيها؛ لكنّ الخروج منها مستحيل. كلّ واحد منهم لديه رغباته ومطالبه من الآخر التي لا يستطيع هذا الآخر أن يلبّيها له؛ لكن أحدهم لا يمكنه الهرب من الثاني.
عندما تقرأ تاريخ العرب وكيف كانوا معظم الوقت مجرد أدوات في أيدي القوى المتصارعة كالروم والفرس والمغول والترك…..الخ ، تتساءل: متى كان العرب أمة واحدة كي تعمل على توحيد صفوفهم الآن.
قال ابن خلدون(العرب إذا تغلّبوا على أوطان أسرع إليها الخراب):(والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية.. وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له، فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب)
يقصد ابن خلدون الأعراب، ولذلك قيل ارتدت العرب أي الأعراب.
الدولة هي انعكاس للشعب…. الدولة البدوية ستمارس نفس سلوكيات البدو في سياساتها وعلاقاتها… وهذا ما نراه من تصرفات بعض الدول القائمة في بلاد الأعراب،
يقول الإمام الغزالي(إن العرب ـ بعيدا عن الإسلام ـ لن يكونوا إلا حطب جهنم! ذاك فى الدار الآخرة أما فى هذه الدنيا، فإن العرب بعيدا عن الإسلام سيأكل بعضهم بعضا، ثم يأكل بقيتهم اليهود والنصارى).
ههههههه قول الإمام الغزالي وهو احد أئمة السنة قول للظاهر ينطبق تماما على حال هذه الأمة التعيسة، الان العرب يمولون حروب الدول الكبرى الساخنة والباردة وفتحوا أراضيهم إلى احتلال دول عربية …..الخ.
إبقاء الوضع السوري على حاله، يشكل خطر يهدد جميع دول العالم، أطفال ولدوا وترعرعوا تحت سيطرة عصابات وهابية اخوانية تكفيرية، مضاف لذلك عملت العصابات الإرهابية في تهريب المخدرات، وأصبحت المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، أرض خصبة، ومرتعاً لعصابات وجماعات وتنظيمات إرهابية تهدد كل دول العالم، وأصبحت المناطق الخارجة عن سلطة الدولة السورية، كانتونات، يقودها أمراء حرب مجرمين قتلة، دعم العصابات الإرهابية في سوريا، سوف يعمل على زيادة البؤس الاقتصادي والفقر المدقع والمجاعة.
اذا كانت دول العالم تريد محاربة الإرهاب ومكافحة تهريب المخدرات، السبيل الأفضل إعادة السلطة السورية على كافة التراب السوري، وأخذ تعهدات من الدولة السورية في إصدار عفو عن الخونة والعملاء وإعادة دمجهم بالمجتمع السوري، وغلق المخيمات التي تدار من قبل العصابات التكفيرية، وإخضاع سكان المخيمات إلى إعادة تأهيل نفسي والعمل على اقناعهم بترك أفكار بن تيمية وابن عبدالوهاب، حل الأزمة السورية ينهي ملف لجوء مئات آلاف المواطنين السوريين وغير السوريين لدول الغرب، أن مكافحة الإرهاب ومعالجة ومحاربة تهريب المخدرات وإيجاد حلول الأزمات الاقتصادية التي يعانيها المواطن السوري في داخل سوريا وخارجها، لا يمكن أن يتم إلا بحل سياسي.
من مصلحة السعودية بالدرجة الأولى إعادة سلطة الدولة السورية على كافة التراب السوري، لتجفيف البؤر التي تدرب آلاف الإرهابيين التكفيريين والذين يخططون لقلب النظام في السعودية وأنظمة دول الخليج، يمكن للسعودية لعب دور ما بين النظام في سوريا وأمريكا بتوقيع اتفاقيات تنهي حالة عدم الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
30/5/2024