كيف حطمت الحرب في غزة ثقة المجتمع المدني العراقي في المؤسسات الغربية؟

متابعة ـ جدل فاضل الصحاف ||

كيف حطمت الحرب في غزة ثقة المجتمع المدني العراقي في المؤسسات الغربية؟

مدل ايست بولتكل ساينس، حمزة حداد، 28 ايار 2024 .
ترجمة وتلخيص المؤسسة العراقية للسياسات الخارجية.

● منذ حرب عام 2003 استثمرت الولايات المتحدة الملايين في تعزيز الديمقراطية الشعبية في العراق من خلال تمويل منظمات المجتمع المدني. وعلى الرغم من انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011 فقد تم الحفاظ على الاتصال بالمجتمع المدني العراقي من خلال السفارة الأمريكية، ومن خلال أذرع التنمية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والصندوق الوطني للديمقراطية ومختلف وكالات الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن الوجود الدبلوماسي للولايات المتحدة في بغداد كان ضئيلاً وكان وجودها العسكري كبيرا الا أنها كانت قادرة على تنمية القوة الناعمة من خلال المجتمع المدني.

● في الوقت الذي قد تكون فيه الولايات المتحدة على وشك الخروج من العراق يمكن القول إن هذه الروابط المجتمعية أصبحت أكثر أهمية بالنسبة لصانعي السياسات الأميركيين من أي وقت مضى.

● أصبحت أهمية المجتمع المدني الذي ساعدت الولايات المتحدة في تعزيزه في العراق أكثر وضوحًا خلال حركة الاحتجاج في تشرين الاول 2019، والتي استمرت أشهر وبلغت ذروتها بالوصول الى قانون انتخابي جديد واستقالة رئيس الوزراء.

● بالنسبة للعديد من الذين فقدوا الأمل في عملية التحول الديمقراطي الراكدة في العراق، أدى ذلك إلى إعادة تنشيط إيمانهم بإمكانية التغيير الديمقراطي وأدى إلى إنشاء أحزاب ومنظمات سياسية جديدة قائمة على الاحتجاج.

● ان العديد من الروابط التي تربط الناشطين والباحثين العراقيين بحلفائهم الغربيين بدأت تتفكك تحت وطأة الحرب في غزة.

● ان شعار التزام الغرب بحقوق الإنسان والديمقراطية جعل المؤسسات الغربية شريكاً جذاباً.وكان الدعم الغربي سبباً في إبقاء هذه المنظمات واقفة على قدميها عندما كانت مصادر التمويل المحلي قليلة.

● اما الان فالحال لم يعد كذلك، حيث لم يكن الدعم الغربي الثابت للقصف الإسرائيلي لغزة سبباً في هز المجتمع المدني العراقي فحسب، بل وأيضاً المجموعات الناشطة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

● التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة والجماعات شبه العسكرية في العراق زاد من عدم شعبية الولايات المتحدة على نطاق أوسع ونتجت مخاطر لا يمكن للمجتمع المحلي تحملها .

● و يمكن أن يؤدي ذلك الخطر الى وقف البرامج التنظيمية والتعاون البحثي حول موضوعات مهمة من الحكم الرشيد، والشفافية والحريات السياسية والتنمية الاقتصادية وتغير المناخ. وعلى المدى الطويل، دفع هذا الناشطين العراقيين إلى التشكيك في جدوى وعالمية تلك القيم والأفكار التي غالباً ما يدافع عنها الغرب.

● في ايار 2020 كان هناك أكثر من 4000 منظمة مجتمع مدني مسجلة، وما يقرب من 500 منظمة متخصصة لحقوق الإنسان أو الديمقراطية. وتم التخلي عن العديد من منظمات المجتمع المدني بسبب نفاد التمويل أو تم إنشاؤها لمعالجة قضية محددة لم تعد ضرورية.

● عندما استهدفت الولايات المتحدة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس على طريق مطار بغداد كان ذلك بمثابة منعطف مظلم للناشطين حيث تم تصويرهم على أنهم عملاء للاجانب وخونة. وكانت النخبة السياسية تحاول نزع الشرعية عن مظالمهم.

● بعد مرور أربع سنوات على حركة احتجاجات تشرين الأول تجد منظمات المجتمع المدني في العراق نفسها على خلاف مع الدول الغربية التي دعمتها. فمن وجهة نظر منظمات المجتمع المدني العراقية، فإن الدول الغربية التي تمول برامج تعزيز حقوق الإنسان لم تكن أكثر من مجموعة منافقة لديهم وجهات نظر انتقائية بشأن حقوق الإنسان والتي استبعدت الفلسطينيين والعرب.

● اعلن أعضاء منظمات المجتمع المدني في العراق إدانتهم للحملة الإسرائيلية في غزة، وأعربوا عن صدمتهم واشمئزازهم من موقف الدول الغربية، اذ تقوم العديد من منظمات المجتمع المدني ذات التوجه السياسي الآن بإنتاج محتوى يتعلق بفلسطين والحرب على غزة. ولجأ آخرون إلى تنظيم الاحتجاجات والتجمعات العامة دعماً لفلسطين.

● لدى الولايات المتحدة نهج متعدد الجوانب في السياسة الخارجية في المنطقة، وعلى الرغم من أنها أقامت تحالفات طويلة الأمد مع الأنظمة الاستبدادية، مثل الأردن ومصر والسعودية كما استثمرت في تعزيز الديمقراطية الشعبية من خلال تمويل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في جميع أنحاء المنطقة، لكن الاستثمار في المجتمع المدني هو الذي استمر في إعطاء الولايات المتحدة اليد العليا على الصين وروسيا وهذا الشكل من القوة الناعمة أصبح الآن في خطر.

● على الرغم من أن الشرق الأوسط هو أحد أقل مناطق العالم ديمقراطية، إلا أن قادته ليسوا محصنين ضد ضغوط الرأي العام، كما شهدنا خلال الربيع العربي في عام 2011 وحركة تشرين في عام 2019.