مقياس القيم..!
د.أمل الأسدي ||
في أوقات كثيرة يمكنك قياس القيم في مجمتع ما عن طريق حياة الناس البسطاء، عن طريق أمثالهم الشعبية وأهازيجهم ومجالسهم ومناسباتهم، فلو نظرت الی المجتمع العراقي قبل وسائل التواصل الاجتماعي؛ لوجدت اختلافات جذرية كثيرة، ومن ذلك الترابط الأسري واجتماع العائلة والأقارب، إذ كان يوم الجمعة مطابقا لمعناه تماما، يجتمع الأبناء والأحفاد، ومنذ الفجر تسمع صوت الأطباق والآواني قادمة من المطبخ، ثم تهب رائحة الخبز والتنور!
ويُفرش” الحصير الملون” في الحديقة أو الحوش أو ” الطرمة” بعد غسلها وسقي الزرع، و “تخدر الأم الچاي بقوري فرفوري كبير” كي يكفي للجميع، وتضع “الطاوة الفانون اللامعة” وتقلي البيض مع البصل أو البطاطة، وتخرج قفص البلبل معها، وتعلو أصوات” اللمة الحلوة” مع تغريد البلبل!
وفي مناسبات الزواج، يجتمع الأقارب، وتعلو ” الهوسات” الجميلة:
عرس فلان هيل وطش بالولايه
أو
جبنالك ورده اشتم بيها
بس كون الورده اداريها
أو
هاي فرحة وبعد فرحة واليحب يتبارك لنا
أو
هاي فرحتنا الچبيره
فرحت كل العشيره!
وهاي فرحتنا التمام
فرحت كل العمام!
وتأتي العروس إلی بيت زوجها، ولم ير أحد وجهها!!
بينما اليوم، نشاهد بعض حفلات الزفاف في بثٍ مباشر علی الفيسبوك، ونشاهد العروس وهي ترقص رقصا جنونيا!!
ونادرا ما تكون هذه العروس من عامة الناس،ففي الغالب تكون من مشاهير التواصل الاجتماعي، ممثلة، بلوغر، فاشينستا…الخ من النماذج التي تعرض حياتها اليومية في الفيسبوك والتيك توك وغيرها من البرامج، ويكون عرضهن محرضا للفتيات والشابات والعوائل علی هذه الأفعال!
وقد تصدق الفتاة أنه من اللائق عرض حفل زفافها أو مهرها
أو عرض قدمها المنقوعة في الماء والياس!
ولاتدرك خطر ما تقوم به من كسر الستر وانتهاك الخصوصية،وبدء حياتها الجديدة بطشة فيسبوكية، لتتحول حياتها كلها فيما بعد الی حياة الكترونية، جامدة، خالية من القيم والأصالة، ولتتحول علاقتها بزوجها وعائلته إلی علاقة سطحية، تفتقر إلی العمق والإخلاص والاحترام ، تفتقر إلی مقومات بناء الأسرة الناجحة!
وعلی هذا قس تراجع القيم الذي أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي ومن يقودها ومن يعمل فيها من أداوت منتفعة!
لهذا غابت هوسة:
نشكر من گال اخذوها
نشكر من عمها وبوها
وحلّ محلها مع الأسف الشديد:
چان عاشگها وخذاها
چان صاحبها وخذاها!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ