العلمانية وفصل الدين (1)الدين عن الحياة..!
الشيخ جاسم محمد الجشعمي ||
العلمانية لها عدة تسميات ، منها العلمانية العالمانية ، واللائكية والدونية . والاسم الشائع هو العلمانية . وفي الغرب يصطلح عليها لائيك .
العلمانية مبدء قام على فصل الدين عن الدولة ومؤسساتها التنفيذية ( الحكومة ) والتشريعية ( البرلمان ) والقضائية . وعدم السماح بالمؤسسات الدينية بالتدخل بالامور السياسية . وعدم السماح بمؤسسات الدولة وبرجالاتها ان أن تتأثر وتخضع للمؤسسات الدينية في عملها الاداري وفي قراراتها السياسية والاجتماعية . وبعبارة مختصرة ان العلمانية هي فصل الدين عن الحياة بجميع ابعادها . اما تفسير العلمانية بفصل الدين عن السياسة فهي شماعة يتستر العلمانيون بها . والتعريف الصحيح للعلمانية والتي تطبقها دول الغرب هو فصل الدين عن الحياة بجميع صورها وابعادها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والادارية حتى الأحوال الشخصية . حيث تطورت العلمانية الى تقليل دور الدين عن الحياة في اي مجال من مجالات الحياة حتى الحياة الشخصية كالزواج والطلاق والوصية والارث . وهذا يعني رفض العلمانية لتعاليم الانبياء التي جاءت للحياة وهو رفض لتعاليم الله وهذا يساوي الكفر وحرب مع الله . وان ادعت العلمانية كذبا وخداعا انها.تحترم الدين .
اسباب نشوء العلمانية :
نشات العلمانية على انقاض حروب الكاثوليك والبروتستانت والتي دامت ثلاثين عاما بين ١٩١٨ و ١٩٤٨ والتي ادت الى مقتل ٨ ملايين شخص والذي يقارب ربع سكان اوربا في ذلك الزمان . حيث كانت اسباب هذه الحروب دينية وطائفية مما ادى إلى ان يفكر بعض المفكرين الغرب بالتخلص من الصراعات الدينية امثال جون لوك ودينيس ديدرو وفولتير وغيرهم . فأنشؤا فكرة العلمانية . ثم تاسست جمعيات واحزاب تدعوا الى العلمانية . أن زعماء العلمانية يدعون انهم لايحاربون الدين وانما يقصون دوره عن الحياة في جميع مجالاتها ويحصرونه في المعابد والكنائس والمساجد ودور العبادة . وهو ادعاء فارغ وكاذب لا صحة له في الواقع . فالعلمانية سجنت الدين في دور العبادة ومنعت تعاليم الانبياء من ممارسة دورها الايجابي البناء في الحياة مما تسب ذلك انهيار القيم الاخلاقية والروحية الدينية وهذا الانهيار سبب بأنهيار العائلة والتماسك الاجتماعي وانتشار الفساد والجريمة بجميع اقسامه والعنف الاسري في الدول التي تطبق العلمانية .
أن اقصاء العلمانية الدين وقيمها الاجتماعية البناءة ظلم ومحاربة للدين ولله تعالى . والخطأ الذي وقع فيه مؤسسوا العلمانية في الغرب انهم عمموا الجانب السلبي في المسيحية وفي ممارسة واستغلال رجال الدين للمسيحية في اغراض شيطانية قبيحة الى جميع الاديان والى جميع رجال الدين في الاديان . ولو كانوا على اطلاع بمنظومة الدين الاسلامي القيمية والأخلاقية والثقافية والتشريعية البناءة في جميع صور الحياة واطلعو على دور علماء المسلمين الايجابي في صنع الحضارة الاسلامية وبناء المجتمع الصالح عبر التاريخ ماكانوا يعممون نظراتهم السلبية الى جميع الاديان ومنها الدين الاسلامي .
اسباب انبهار بعض
المسلمين بالعلمانية :
أن بعض المسلمين غير المطلعين وقعوا في ثلاثة اخطاءعند تعاملهم مع العلمانية :
الأول : أنهم تأثروا بالعلمانية قبل ان يدرسوا اسباب نشوءها في بلادالغرب وانها نشأت بعد أن دفعت الشعوب الغربية الملايين من البشر في الحروب الدينية بين فرقتين مسيحيتين وأن الكنيسة استغلت الدين لأغراضها الشيطانية ووفرت بالدين غطاءاً لظلم الملوك والامراء للشعوب في الدول الغربية . فنشات العلمانية كردفعل لسوءاستخدام الكنيسة للدين .
الثاني : أن المتأثرين بالعلمانية إنما تأثروا بالعلمانية بسبب انبهارهم بالتقدم والتطور الغربي وهذا خطأ ثاني وقع فيه بعض المسلمين المتأثرين بالعلمانية . فالثقافة شيئ والتطور شيئ شيئ آخر .
أن العلمانيين المسلمين كان عليهم أن يعرفوا أن العلمانية الغربية ابعدت الشعوب الغربية عن القيم الاخلاقية مما سبب ذلك بانهيار العائلة وانتشارالمخدرات و الجريمة ولقطاء الشوارع وأن العلمانية صنعت مجتمعات اشبه بقطعان من الحيوانات الوحشيةالتي تتلذذ بالافتراس والاستخواذ والقتل والجريمة وقد رأينا الجنود الأمريكان وجنود التحالف كيف يتلذذون بقتل العراقيين الأبرياء العزل في الشوارع ويدهسون سيارة العراقيين بمركباتهم العسكرية بلا سبب .
الثالث : كان على العلمانيين المسلمين أن يعلموا ان الغرب انشأ العلمانية علاجا لاستغلال الدين . والاسلام ليس كالدين المسيحي المحرف الذي لم يبقى منه الا بعض التوصيات الاخلاقية والروحية والتي لم تخلق حضارة عامرة في تاريخها ابدا . على عكس الاسلام الذي هو منظومة قيمية في التشريعات في جميع ابعاد الحياة والتي صنعت حضارة اسلامية كبرى استقطبت طلاب العالم إليها ومن ذلك طلاب الغرب وكان عاصمتها بغداد في العصر العباسي مع ملاحظاتنا عليها .