قراءة سريعة في اداء عشرين شهرا من حكومة السيد السوداني..!
محمود الهاشمي ||
31-5-2024
لاشك ان جميع الرؤوساء الذين يحصرون جميع الصلاحيات بايديهم ،ويعملون باوقات خارج الدوام ،لدرجة انهم يوقفون زمنهم للصالح العام ،في البناء والاعمار وغيرها هم قادة وطنيون .
السيد محمد شياع السوداني رئيس مجلس وزراء العراق من هذا النوع من الرؤوساء ،حيث يعمل لمدة (17)ساعة في اليوم ،ويحفظ جميع مشاريع البلد عن ظهر قلب وحين تجلس عنده ،لاتسمع سوى ارقام ،وسوى وقائع مداولات المشاريع وخطط العمل والاموال المرصودة واسماء الشركات والمناطق وغيرها ..
السيد محمد شياع السوداني اعرفه قبل
ان يكون بهذا المنصب ،ولم يتغير فيه شيء وكنت قد سألته لمرات عن عمله وادائه بالوزارات التي عمل بها فكان صريحا ودقيقاً بارقامه و(موضوعياً).
لايتوقف تلفون السيد السوداني من الصباح حتى اخر الليل فهو اما متصل بمسؤول او يتصلون به ،حتى انه اشتكى مرة من زحمة العمل واكد انه احيانا يتصل به بعض المحافظين عند الفجر ..
الذين عملوا بهذه الطريقة من الزعماء
مثل جمال عبد الناصر وهواري بومدين
وعبد الكريم قاسم لااحد يشك بوطنيتهم لكنهم كانوا موضع انتقاد من قبل المفكرين والكتاب لان الدولة لاتدار من قبل شخص واحد انما تدار من قبل فريق عمل كامل تتشابه فيه
الاداءات والمباديء العامة والحرص والوطنية وقيم العمل .
لااحد يشك ان المسؤول يرى (متعة )كبيرة
في الاشراف المباشر على العمل ،وفي افتتاح المشروع صغيرا كان او كبيرا
ولكن ،في نفس الوقت ان جميع المسؤولين من وزراء ومدراء ودون ذلك هم لهم شخصيتهم وحرصهم وحين ينجزون عملا يرون انهم انجزوه في ظل فترة ادارة الرئيس فلاان او فلان ولااحد ينكر ذلك ايضا ..
حين اتابع اخبار السيد السوداني تجد انها
قريبة من اداء الرؤوساء الذين اسلفت الحديث عنهم وقد عاصرناهم نحن وطالعنا الكثير عنهم وحين غادروا باتوا اشبه بحالة (رومانسية )حملت احداثا كثيرة وانجازات ولكنها لم تؤسس للمرحلة التي تليها ،لانها اشبه بحالة (فردية )انتهت مع انتهاء زعيمها ..
نحن نحتاج الى ان نؤسس الى استراتيجية
في الاداء الحكومي وترسيخ عمل المؤسسات ،حتى ان غادر مسؤول لاي سبب كان فالمؤسسة باقية .
حين تتابع جدول عمل السيد السوداني تراه في حركة بين بغداد والمحافظات واجتماعات وافتتاح مشاريع ولقاء بالناس وفجأة السفر لدولة اخرى وحضور مؤتمرات ..وهناك مراجعات حتما لملفات وكتب رسمية وتواقيع الخ
وهذا (منهك ).
قد يقول احدكم (ان الرجل حريص على عمله وقد استلم مرحلة معقدة ضارب فيها الفساد الاداري والمالي ولابد من الاشراف والمتابعة بنفسه )نقول (لاباس ولكن الى حين ) فالدولة بحاجة ان تدار
بشكل مشترك وبفريق واحد .
ان زحمة العمل تدفع للخطأ احيانا فمثلا ان شخصية السيد محمد السوداني مهذبة جدا ،ولم يعرف عنه احد (الانفعال )لكن زيارته لمستشفى الكاظمية ومطار بغداد
عبرت عن (انفعال ) وجدل في ذلك ،وسرعة (تربص)الخصوم .
واذا كان الحديث (همساً) لدى (اطراف الاطار التنسيقي )بانهم يجهلون (تفكير السيد السوداني )فهم من رشحه لهذا المنصب ويتمنون ان لايخرج عن (مدارهم )فالتفكير ب(ولاية ثانية )حق مشروع ولكن ليس ب(انكار )الاصدقاء.
فعلى مدى عشرين شهرا من فترة ادارة السيد السوداني ،لم يرق (الخلاف )بين الاطار وادارة السيد السوداني الى ماحدث الان ،بعد ارسال السيد السوداني جداول توزيع الاموال على المحافظات ،حيث التقليص الكبير في الموازنات المخصصة للحكومات المحلية وخاصة لمحافظات الجنوب والوسط ،وارتفع خطاب وسائل الاعلام (القريبة من الاطار التنسيقي ) بان هذا (التوزيع )غير عادل ،وان الاقليم استحوذ على المبالغ الاعلى ،وبدأ التشكيك
بان الهدف من هذا (التقليص )لكبح (نجومية )بعض المحافظين الغير قريبين من السيد السوداني .
ومهما كان الهدف ،فان (ردة فعل النواب )على (جداول توزيع الاموال )وكذلك الاعلام (وهجوم منصات التواصل )تحتاج الى (وقفة )اكبر من (اعادة النظر )بمخصصات المحافظات
تكون فيها (العدالة )واضحة وكذلك (الموضوعية )فلا نريد ان نخسر شخصية بنوع السيد السوداني صاحب اليد النظيفة وسليل الاسرة المجاهدة ،ولاان نخسر (الاطار التنسيقي )ككتلة سياسية تمثل طيفا مهما من الشعب العراقي .
ومثلما نمد جسورا لعبور العجلات والمشاة وفك الاختناقات لابد ان نمد جسور التفاهم مع كل الاطراف ،لان اي خطأ سيوقعنا في ازمة تشبه التي سبقت تشكيل حكومة السيد السوداني والتي كلما تذكرها السيد (السوداني )تالم كثيرا ..
صحيح ان تربح الشعب (شيء مهم )ولكن خسارة طبقة السياسيين (مشكلة )فهم يمتلكون المال والخبرة ووسائل الاعلام ،
والمهارة ان تكسب رضا الاغلب على الاقل ،
فالتفاهم مع الكتل السياسية
يحملهم المسوولية ايضا لانهم شركاء ليس فقط في اختيار رئيس للوزراء بل في ادارة الدولة ،فلايمكن ان تدار الدولة بشخص الحكومة ،بل طبقة السياسيين هم من يمنحون الحكومة (هويتها ).
محمود الهاشمي, [5/31/2024 10:06 PM]
فالعراق الان يعمل دون هوية والسبب تنحي السياسيين عن ادارة الدولة واكتفوا
ب(غيرهم )وكذلك بما لديهم من (امتيازات ).