الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

خطاب بايدن اعتراف بالهزيمة وانتصار لحماس و تغييب لفلسطين..!

منذ 5 أشهر
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات ، بروكسل ،٢٠٢٤/٦/١ .
في مقال سابق ،بتاريخ ٢٠٢٤/٥/٢٦، نُشِر في هذه الجريدة الإلكترونية ،وبعنوان ” امريكا و إسرائيل في مأزق وسباق من اجل حّلْ ” ، وبيّنا الاسباب وهي ،بأختصار ، قرار محكمة العدل الدولية،و قرار محكمة الجنايات الدولية ، و خسائر جيش الاحتلال الاسرائيلي في الميدان ، ويأسه من تحقيق هدف .

عرض ،في الامس في يوم الجمعة ، الرئيس بايدن خارطة طريق لانهاء حرب الابادة في غزّة ،وذلك في خطاب متلفز ، من البيت الأبيض .
قال بايدن في الخطاب “انَّ إسرائيل قدّمت مقترحاً لوقف مستدام لإطلاق النار …” وكأنَّ المشروع او المقترح لوقف إطلاق النار هو مِنْ تأليف و مبادرة إسرائيل ، ولكن هو في الحقيقة من صنع الادارة الأمريكية و بالضغط على إسرائيل ، و اداءه للخطاب يفشي بأن المشروع أمريكي الصنع وليس اسرائيلي الصنع . فهو ( اي الرئيس بايدن ) يقول ،من جهة ، ” ان إسرائيل قدمت مقترحاً … ” ، ومن جهة اخرى ،يذكر في استرساله فيي الخطاب ” أعلمُ انَّ بعض الجهات في إسرائيل لا توافق على الاقتراح …” . اسباب جعل مصدر و مرجعية المشروع او المقترح اسرائيل وليس امريكا هو لتعزيز مكانة اسرائيل ،والتي وصلت إلى الحضيض دولياً و أممياً و شعبياً ، و إظهار اسرائيل ،امام العالم ،بانها هي صاحبة الشأن والقرار وتقدّم مقترح السلام ،ليس بضغط او بتهديد من هذا او اذاك ،وانما بواعز رغبتها وحرصها لانهاء الحرب و احلال السلام . لكن بطبيعة الحال ،هذه المحاولة لإخراج اسرائيل ،بوجه حَسِن او مقبول للعالم فاتَ أوانها ولن تخدع احداً .
حرصَ الرئيس بايدن على طرح المقترح ،بنفسه ،وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض ، لاسباب عديدة : أولاً ،لتبيان اهمية المقترح ،و لضمان مِنْ الادارة الأمريكية بتطبيقه و الالتزام ببنوده من قبل إسرائيل . اراد الرئيس بايدن ان يعلن لحماس وللدول العربية و للعالم ” كفالته وضمانه لإسرائيل بتطبيق المقترح او المشروع ” ، كذلك لإظهار حرصه ،امام الرأي العام الدولي و امام الشعب الأمريكي ،على احلال السلام ،ولاسباب انتخابية ،بطبيعة الحال . كان في خطابه أسلوب الرجاء و مفردات التوسّل لإسرائيل وكذلك لحماس لكي يوافقا على الاقتراح ،حيث قال في خطابه بأنّّ المقترح المطروح هو ذات المقترح الذي سبقَ وان وافقت عليه حماس سابقاً و رفضته اسرائيل.
ذَكرَ الرئيس بايدن في خطابه إسرائيل و حماس ولم يرد على لسانه ذكر فلسطين في جميع المراحل الثلاث التي يمّرُ بها الحّلْ . لربما ما يتعلقُ في فلسطين وردَ في تفصيلات المراحل الثلاث . الخطاب وماوردَ فيه و ما غاب عنه ( فلسطين ) يؤكد سعي امريكا و اسرائيل إلى الاسراع في ايجاد حّلْ و وقف الحرب إرضاءاً للمحاكم الدولية و للأفلات من قراراتهم القادمة ؛ من قرار محكمة العدل الدولية بطرح طلبها امام مجلس الامن الدولي ان لم تستجب اسرائيل لوقف فوري للحرب و ادخال المساعدات ؛ و من طلب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بأصدار مذكرة توقيف ضّدَ نتنياهو و وزير الدفاع بتهمة ارتكاب جرائم حرب و ابادة وضد الانسانية ، ويمكن للهيئة القضائية التمهيدية في المحكمة ان توافق على طلب المدعي العام ، بين لحظة و اخرى ، وتصدر مذكرات اعتقال بحقهما .
ولا نستبعد ابداً ان تأخير اصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو و وزير الدفاع هو برغبة او بضغط او بترتيب بين المحكمة و امريكا ، من اجل الوصول القريب لحلٍ .
الخطاب ، و الذي يتضمن مشروع او مقترح وقف حرب الابادة ، يعكس بوضوح عن رغبة شديدة لإسرائيل بوقف الحرب و استرجاع الاسرى وعن ارادة إسرائيل بعدم الحديث او السماع عن دولة فلسطينية او حّلْ الدولتيّن .
هل توافق حماس على اقتراح بايدن ؟
اثبتت المقاومة في غزّة قدرتها ليس فقط الميدانية العسكرية ،و انما أيضاً قدرتها التفاوضيّة مصحوبة بصبر وتأني ومرونة . أتوقعُ قبول حماس و المقاومة في غزّة قبول الصفقة ، لاسيما لم يتضمن المقترح اي بند له صفة القهر او الاذعان تجاه حماس و المقاومة . كذلك ،لم يردْ في خطاب الرئيس الأمريكي اي وصف لحماس بالارهاب او بالقضاء عليها ،اي خاتمة الحّلْ المطروح لا تشترط غياب حماس من المشهد .
المقترح ،مثلما وردت خطوطه العريضة في الخطاب ،هو اعتراف بالوقائع : هزيمة لإسرائيل و انتصار لحماس ،وهي التي ستفرج عن الاسرى الإسرائيليين ، وغياب لفلسطين .