|لحركة الاسلامية..في مقالات (٨)..علامات الظهور
الشيخ حسن النحوي ||
و بخصوص علامات الظهور تعتبر العلامة نقطة دالّة، كما بالنسبة لسائق السيارة الذي مضت على ممارسته للسياقة عشر سنوات، فهو يعرف أغلب العلامات، فالمؤمن لا تضيع عليه العلامة، أي إذا ظهرت العلامات من قبيل: الصيحة، خروج السفياني، خروج الخراساني، فلا يشتبه فيها أحد؛ لأنّها نقطة دالّة للهداية. فالأزمة ليس سببها العلامة بحيث نريد أن نتحقّق منها لو ظهرت، ولهذا لا يختلف فيها أحد لو حدثت وسط المجتمع المؤمن.
فالأزمة إذن بالعوامل، أي ما العوامل التي تؤدّي إلى ظهوره عليه السلام وما دوري أنا؟ وكيف نؤسّس لعوامل الظهور؟
أمير المؤمنين عليه السلام بعد مقتل عثمان تصدّى للخلافة، وذكر سبب التصدّي، وهو قوله عليه السلام: (لولا حضور الحاضر وقيام الحجّة بوجود الناصر… لألقيت حبلها على غاربها) ، إذن يجب أن نُعِدُّ ونهيّئُ حضور الحاضر ووجود الناصر، فعندما نجد ناصرين يقاتلون في كلّ مورد يلزم فيه القتال ولم يتردّدوا، فهؤلاء ثلّة مستعدّة لحمل السيف في أيّ وقت كان، (ونصرتي لكم معدّة) ، لكنّ الأنصار تارةً عددهم ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أو عشرون ألفاً، بحيث انتصر بهم في معركة الجمل وهزم الخوارج وتصدّى لمعاوية وهكذا، وتارةً عددهم اثنان وسبعون شخصاً، حيث (نصرتي لكم مُعدّة).
وتارةً أخرى يوجد الناصر لكنّه فاقد لإرادة النصر، بحيث تصبح عنده حالة من الخذلان التامّ، يضطرّ فيه المعصوم عليه السلام للغَيبة أو للاستشهاد؛ وذلك بسبب خذلان الناصر، وهذا ما حصل مع الإمام الحسن عليه السلام والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وهو فقدان الناس لإرادة النصرة، وعدم وجود حالة من التصدّي والقبول به، فعندما تعرف الأُمة الإمام، ولكن لا توجد إرادة لنصرته فسوف يغيب الإمام .
لذلك تجد القاعدة التاريخية أن الامّة التي تعرف إمامها و تخذله فإنّ إمامها يستشهد ، و تقع على الامة مسؤولية استشهاده بخذلانها له .
وهذا واضح حتى على مستوى الشخصيّات دون الأئمّة، مثلاً السيّد محمّد باقر الصدر (رضوان الله عليه) استشهد، بينما الإمام الخميني (قدّس سرّه) مات ميتة طبيعيّة. فمع كلّ هذه المنزلة والشأن الرفيع عند الله لم يرزقه الله الشهادة، لماذا؟ لأنّ هذا الشعب الذي نصره وأيّده لا يستحقّ أن يُحرم من الإمام ويستشهد؛ لامتلاك الشعب إرادة قويّة لنصرة الإمام، حيث كان يريد الشهادة معه، وكانت نصرته للإمام الخميني معدّة مئة بالمئة وممهّدين لذلك، فلم تكن عندهم حالة خذلان وفقدان للإرادة.
بينما السيّد محمّد باقر الصدر استشهد، والإمام الحسن عليه السلام كذلك، لو نراجع بطون التاريخ لوجدنا عدّة محاولات لاغتيال الإمام الحسن عليه السلام، كلّ ذلك بسبب فقدان الإرادة، هذا لا يعني انعدام الناصر في زمن الامام الحسن ع و زمن الشهيد محمد باقر الصدر بل قلّته ، حتى امير المؤمنين ع استشهد في نهاية المطاف بعد ان صاح ( اين عمار …) عندما أحسّ بقلّة الناصر.
اذن فكما ان البحث عن علامات الظهور مهمة، فإنّ الاهم هو البحث عن عوامل الظهور ،
فعندما نأتي إلى الآية الشريفة: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} فهذا يعني ان واحداً من أُولي الأمر لا يزال موجوداً، فهو كالشمس إذا ظلّلها وغيّبها السحاب، وهو يعلم ويرى حال جميع رعاياه، ويغيث المضطرّين، يقول الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف: (إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء) .
و اكثر ما يواجهنا من تحدي في زمن الغيبة هو قلّة الناصر بسبب الاستهداف الجسدي للشيعة من جانب و الاستهداف الناعم للأمة الشيعية من جانب آخر من خلال حرب التشكيك ، انها معركة الوعي ، من ينتصر بها يحقق عوامل الظهور و يعبّد طريق التمهيد .