متى دُفِنَ شهداء الطف ؟!
الشيخ حسن عطوان ||
🖋 إختلف المؤرخون في يوم دَفْنِ الإمام الحسين ( عليه السلام ) وبقية الشهداء من أهل بيته وصحبه وأنصاره على أقوال ، أهمها قولان :
⏺️ الأول :
إنَّ دفْنَهم كان في اليوم الحادي عشر من محرم .
جاء في تاريخ الطبري :
” ودَفنَ الحسين وأصحابه أهلُ الغاضرية من بني أسد بعد ما قُتلوا بيوم ” ( 1 ) .
وذهب إلى ذلك البلاذري ايضاً ، حيث قال :
” ودفَنَ أهلُ الغاضرية من بني أسد جثة الحسين ، ودفنوا جثث أصحابه رحمهم الله بعدما قتلوا بيوم ” ( 2 ) .
وهكذا الخوارزمي ، إذ قال :
” وأقام عمر بن سعد يومه ذلك إلى الغد ، فجمع قتلاه فصلى عليهم ودفنهم ، وترك الحسين وأهـل بـيته وأصحابه ، فـلما ارتحلوا إلى الكوفة وتركوهم على تلك الحالة عمد أهـل الغـاضرية مـن بـنـي أسـد فـكـفنوا أصحاب الحسين ، وصلّوا عليهم ، ودفنوهم ” ( 3 ) .
وهذا الرأي هو المعتمد عند مؤرخي أهل السنة .
ويوافقهم في ذلك بعض علماء الشيعة ، كتب الشيخ المفيد ( رضوان الله عليه ) :
” ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه رحمة الله عليهم ، فصلّوا عليهم ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر ( 4 ) عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صُرّعوا حوله مما يلي رجلي الحسين عليه السلام وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي عليهما السلام في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن ” ( 5 ) .
وممَن تبنى ذلك ايضاً الشيخ الطبرسي ، إذ كتب :
” فلما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد – كانوا نزولاً بالغاضرية – الى الحسين عليه السلام وأصحابه ، فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا إبنه علي بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صّرعوا حوله حفيرة مما يلي رجله وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العباس بن علي في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الان ” ( 6 ) .
وعبارة الشيخ الطبرسي هنا هي عين عبارة الشيخ المفيد ، ولعله نقلها عنه .
وذهب إلى ذلك ايضاً السيد ابن طاووس ( رضوان الله عليه ) حيث كتب :
” ولمّا انفصل عمر بن سعد ( لع ) عن
كربلاء خرج قوم من بني أسد فصلّوا على تلك الجثث الطواهر المرملة بالدماء ودفنوها على ما هي الآن عليه ” ( 7 ) .
◀️ وخلاصة هذا الرأي :
أنَّ دفن الشهداء كان في نفس اليوم الذي أرتحل فيه عمر بن سعد عن كربلاء ، وهو اليوم الحادي عشر من محرم ، وكان ذلك عصراً ؛ لأنَّ ابن سعد قد ارتحل عن كربلاء في هذا اليوم بعد الزوال .
⏺ الرأي الثاني :
وهو المعروف عند الشيعة في العصور المتأخرة ، وهو أنّ شهداء الطف قد دُفنوا في اليوم الثالث عشر من محرم .
وهو مختار السيد المقرم ، كتب :
” وفي اليوم الثالث عشر من المحرم أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد ، لأنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله ” ( 8 ) .
وتبنى ذلك ايضاً الشيخ عباس القمي ، اذ كتب :
” ومن المعروف أنَّ الأجساد الطاهرة بقيت ثلاثة أيام مرمية على الأرض دون دفن ، ونُقل عن بعض الكتب أنها دفنت بعد عاشوراء بيوم واحد ، وهذا مستبعد ؛ ذلك أنّ عمر بن سعد كان لا يزال في اليوم الحادي عشر لدفن القتلى من عسكره ؛ وكان أهل الغاضرية قد ارتحلوا من نواحي الفرات خوفاً من ابن سعد ، وبهذا الإعتبار فهم لا يجرأون على العودة بهذه السرعة ” ( 9 ) .
وأستدل أصحاب الرأي الثاني لإثبات صحة رأيهم بوجوه ، أهمها :
◀️ الوجه الأول :
ما نقلتُه آنفاً عن الشيخ القمي آنفاً ، وهو أضعف الوجوه .
◀️ وجوابه :
أنّ بني أسد كانوا قريبين من موقع المعركة ، ويكشف عن ذلك أنَّ حبيب بن مظاهر وهو من أبرز زعمائهم كان قد دعاهم لنصرة الحسين ، ولو لم يكونوا قريبين لما جازف حبيب بالذهاب اليهم في تلك الظروف ، هذا من جهة .
ومن جهة أخرى ، أنَّ من الطبيعي جداً أنّهم كانوا يراقبون عن كثب ؛ لأهمية الحدث ، وما أنْ تأكدوا من رحيل جيش إبن سعد حتى حضروا الى ساحة المعركة ، أو على الأقل حضر مَن هو قريب لحبيب لدفن جثمانه ، ودفن بقية الأجساد الطاهرة .
أمّا كيف تأكدوا من رحيل جيش ابن سعد ، فمما لا شك فيه أنّه كان من بني أسد مع جيش الطاغية ، ولعلهم هم الذين أخبروا عشيرتهم برحيل ذلك الجيش .
◀️ الوجه الثاني :
هو عقيدة الشيعة بأنَّ الإمام لا يلي أمر تجهيزه عند وفاته الّا إمام مثله .
فلابد أنْ يكون دفن الإمام الحسين على الأقل قد تم على يد الإمام زين العابدين .
ويكون حضوره إلى ساحة كربلاء حضوراً إعجازياً ؛ لأنّه كان لم يزل في قيد الأسر بيد الأعداء .
روى الشيخ الكليني ( رحمه الله ) :
… عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال :
( قلت له : إنهم يحاجّونا يقولون :
إنّ الامام لا يغسله إلّا الإمام قال : فقال : ما يدريهم مَن غسله ؟ فما قلت لهم ؟ قال : فقلت : جعلت فداك قلت لهم :
إنْ قال مولاي إنّه غسله تحت عرش ربي فقد صدق ، وإنْ قال : غسله في تخوم الأرض فقد صدق ، قال : لا هكذا [ قال ] فقلت : فما أقول لهم ؟ قال : قل لهم : إني غسلته ، فقلت : أقول لهم إنك غسلته ؟ فقال : نعم ) ( 10 ) .
وروى الصدوق ( رحمه الله ) :
… عن المفضل ابن عمر قال :
( قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) جُعِلتُ فداك مَن غسل فاطمة عليها السلام ؟
قال : ذاك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال : فكأني استعظمت ذلك من قوله ، فقال : كأنك ضقت مما أخبرتك به ، قلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، قال : لا تضيقن فإنها صدّيقة لا يغسلها إلّا صدّيق ، أما علمت أنّ مريم لم يغسلها إلّا عيسى عليه السلام ) ( 11 ) .
وروى الشيخ المجلسي … عن إسماعيل بن سهل ، عن بعض أصحابنا ، قال :
كنت عند الرضا عليه السلام فدخل عليه علي بن أبي حمزة وابن السراج وابن المكاري فقال علي :
بعد كلام جرى بينهم وبينه عليه السلام في إمامته : إنّا روينا عن آبائك عليهم السلام أنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله ، فقال له أبو الحسن عليه السلام : فأخبرني عن الحسين بن علي كان إماماً أو غير إمام ؟
قال: كان إماماً قال : فمن ولي أمره ؟
قال : علي بن الحسين قال : وأين كان علي بن الحسين ؟
كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد ، قال : خرج وهم كانوا لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه ثم انصرف ، فقال له أبو الحسن : إن هذا الذي أمكن علي بن الحسين أنْ يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه ، فهو يمكّن صاحب هذا الامر أنْ يأتي بغداد ويلي أمر أبيه ) ( 12 ) .
◀️ وظاهر هذه الروايات :
أنَّ الإمام زين العابدين خرج من حبسه بالكوفة إلى كربلاء لدفن أبيه ، وكان خروجه إعجازياً .
وخروجه إلى كربلاء لم يكن في اليوم الحادي عشـر حتماً ، لأنّه لم يدخل الحبس إلّا في اليوم الثاني عشر ، إذ لم يكن عمر بن سعد قد دخل بعسكره وبالسبايا مدينة الكوفة إلّا في نهار اليوم الثاني عشر .
وإذا علمنا أنّ جل نهار اليوم الثاني عشر كان قد انقضى على بقية أهل البيت في عرضهم على الناس ، وفي عرضهم على إبن زياد في مجلسه في القصر ، وفي محاوراتهم معه .
فيتضح : أنَّ ابن زياد أمر بحبسهم آواخر نهار اليوم الثاني عشر .
وبهذا تكون ليلة اليوم الثالث عشر هي أول ليلة لهم في الحبس حيث بقوا فيه إلى اليوم الذي أرسلهم ابن زياد فيه إلى يزيد .
وعليه فيُرَجّح أصحابُ هذا الرأي :
إنَّ الإمام زين العابدين كان قد خـرج إلى كربلاء لدفن جسد أبيه وبقية الشهداء إما ليلة الثالث عشر أو في نفس اليوم الثالث عشر .
ولعل الأرجح أنْ ذلك كان في نهار اليوم الثالث عشر ؛ بقرينة حضور بني أسد وهم يحتاجون في ذلك الى الرؤية بطلوع الشمس .
🖋 وبالإمكان المناقشة في سند هذه الروايات .
◀️ أمّا سند الأولى ، ففيه :
أولاً : إنَّ ( معلى بن محمد ) الواقع في سندها في وثاقته من عدمها خلاف .
قال النجاشي ( رحمه الله ) في ترجمته له : ” مضطرب الحديث والمذهب ، وكتبه قريبة ” ، ولعله يقصد بقرب كتبه أنّها قريبة المضمون من متبيناتنا .
نعم وثقه السيد الخوئي ( رحمه الله ) في معجم رجاله .
وعبارة النجاشي وإنْ كانت لا تنافي الوثاقة ، لكن ما أعتمد عليه السيد في توثيقه فيه كلام .
وثانياً : يوجد تردد في سند الرواية ، هل أنَّ الراوي لها عن الإمام هو احمد بن عمر الحلال أو غيره ؟؟
ونحن لا نعرف مَن هو هذا ال ( غير ) .
◀️ وامّا سند الرواية الثانية ، ففيه :
المفضل بن عمر ، وقد وردت بشأنه روايات ذامّة وروايات مادحة ، والسيد الخوئي وإنْ كان قد رجّح الروايات المادحة ، لكن الشيخ النجاشي ( ت : 450 هج ) قال فيه :
” فاسد المذهب ، مضطرب الرواية ، لا يُعبأ به ” .
◀️ أمّا الرواية الثالثة :
فمضافاً للإرسال لمكان التعبير ب : ( عن بعض أصحابنا ) ، فهي ضعيفة السند ب ( اسماعيل بن سهل ) .
🖋 على أنَّ بعض هذه الروايات – كالرواية الثالثة – في جو أنَّ الواقفة كانوا يحتجون على دعواهم الباطلة من أنَّ الإمام الرضا ليس هو الإمام بدلالة أنّه لم يُغَسِّل أباه ، وهذا يسلب أحقيته بالإمامة بحسب دعواهم .
ولعل الإمام لم يرغب في مناقشتهم في أصل الدعوى ، وكأسلوب في الحوار سلَّم لهم بأصلها ، ثم قال لهم ما مضمونه : أنّه اذا كنتم تؤمنون بأنَّ الإمام زين العابدين قد مكّنه الله بمعجزة أنْ يلي أمر أبيه ، فما المانع أنْ يُمَكّن الله صاحب هذا الأمر [ ويقصد نفسه ] ليلي أمر أبيه ؟!
وتوجد روايات أخرى ، لكنها بمستوى هذه الروايات سنداً ودلالة .
🖊️ وعليه فمن الممكن جداً أنْ يقال :
أنَّ الجزم بهكذا عقيدة يصعب أنْ يثبت بروايات بمثل هذه الأسانيد والدلالة التي لم تخلُّ من النقاش ، هذا أولاً .
وثانياً : أنّه لا شك في أنَّ الذي يقول بحضور الإمام السجاد ( عليه السلام ) الى كربلاء لدفن أبيه الإمام إنّما يقول بذلك بحكم المعجزة ، وهنا يمكن التساؤل أنّه لماذا لم يُسَخّر الله سبحانه للإمام تلك المعجزة وهو في طريقه الى الكوفة وقبل يوم الثالث عشر ؟؟
بأنْ يخيل للقوم انّه ( عليه السلام ) مازال بينهم ، في حين أنّه يقوم بدفن والده ، حتى لا يبقى جسد والده الطاهر ثلاثة ايام على رمضاء كربلاء .
فمادام الأمر ضمن قانون المعجزة ، فإعمال هذا القانون كلما كان مبكراً كان أولى وأفضل ، والله سبحانه قادر على كل شيء .
◀️ الوجه الثالث :
وهو أنَّ طريقة دفن الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه على النحو والتوزيع المعروف والمتسالم عليه بلاخلاف ، يكشف أنَّ مَن قام بذلك وأشرف عليه هو الإمام زين العابدين ، إذ لا يمكن لبني أسد – وهم من أهل قرى الغاضرية الذين لم يشهدوا المعركة – أنْ يحققوا ذلك بدون مرشد عارف تماماً بهؤلاء الشهداء وبأبدانهم ولباسهم ، خصوصاً وأنَّ الرؤوس الشريفة كانت قـد قُـطعتْ وبقيت الأجساد الشريفة بلا رؤوس ، فلولا هذا المرشد المطَّلع لما أمكن لبني أسد التمييز بين شهيد وآخر ، ولولا ذلك المرشد لكان الدفن عشوائياً بلا معرفة ، ولم يكن ليتحقق هذا الفصل المقصود .
وهذا المرشد المُطّلع هو الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) .
🖋 ويرده :
◀️ أولاً :
إنَّ الدفن لم يُمَيَّز فيه إلّا الإمام الحسين وأبو الفضل العباس وعلي الأكبر وحبيب بن مظاهر والحر بن يزيد الرياحي .
أمّا بقية الأنصار الشهداء فقد دفنوا في ما يشبه القبر الجماعي .
وتمييز حبيب الأسدي والحر الرياحي أمرٌ سهل ، اذ حضرت عشيرتاهما ، ومن المعقول جداً وجود مَن يميزهما بسهولة .
وأما سيدنا العباس ( عليه السلام ) فتمييزه سهل ايضاً ، اذ انّه أُستشهد قرب النهر ، ومن المعقول جداً أنْ يوجد مع جيش العدو من العشائر القاطنة قرب موقع المعركة ، وهؤلاء نقلوا بعض ما حدث من وقائع إقتحامه لجيش العدو للحصول على الماء لعياله وإستبساله ، ومن ثم إستشهاده .
وأمّا الإمام الحسين ، فالإنصاف أنَّ تمييز جسده مُشْكل ، مع كثرة الطعون والجراح والسهام ، ولا سيّما إذا قلنا إنَّ الخيول قد رضّت الجسد الشريف ، وليس مجرد أنّه قد خُيّل لهم ذلك ؛ لأنَّ الله سبحانه لا يُمَكّنها من ذلك فعلاً ، كما يرى بعض الأعاظم ذلك .
وهكذا الحال بالنسبة لعلي الأكبر .
🖋 ولكن مع ذلك فللمناقشة في هذا الوجه من أصله مجال :
اذ يمكن جداً القول بأنَّ المرْشِد لذلك من بين بني أسد أنفسهم ؛ لما قلته آنفاً إنَّ المظنون قوياً أنْ يكون من بين بني أسد مَن كان قد شارك في المعركة مع جيش بني سعد ، وقد يكونوا أكثر من شخص .
ومن المؤكد أنَّ الإمام الحسين وولده كانا محط أنظار الجيش المعادي ، وهؤلاء هم الذين ساعدوا بني أسد في تمييز جسد الإمام وولده ، وحتى بقية الشهداء الذين مُيزتْ مراقدهم .
لذلك فالوجه الثالث يحتاج الى ضميمة الوجه الثاني ، وهو الإعتقاد بأنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام ، وبالتالي فلا يصح دفنُ الإمام بإرشاد شخص من بني أسد ، بل لابد من حضور الإمام زين العابدين ، فيكون هذا الوجه في حقيقته رجوعاً للوجه الثاني .
◀️ وبالتالي سيكون جوابه : هو نفس ما أجبنا به على الوجه الثاني المتقدم .
🖋 وبعبارة موجزة :
إنَّ القول بإنًَ مَن دفنَ الإمام الحسين وأشرف على دفنِ سائر شهداء الطف هو الإمام زين العابدين ، وقد حضر الى كربلاء بمعجزة ، وطُويت له الأرض لتحقيق ذلك ، هذا القول وإنْ كان ممكناً ولا مانع منه عقلاً ، لكن الكلام في الدليل على وقوع ذلك وتحققه خارجاً .
والروايات التي ذُكرتْ لإثبات حضور الإمام زين العابدين في كربلاء لدفن شهداء الطف ، أو تلك التي أُستدل بها لإثبات إصل الإعتقاد بأنَّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام ، هذه الروايات في أسانيدها بل وفي دلالتها كلام ، فلا تصلح لإثبات ذلك بنحو جازم .
🖋 النتيجة :
إنًَ الرأي الثاني وإنْ كان معقولاً وممكناً وله مَن يؤيده ، وما يؤيده ، وما يرجحه .
ولكن الرأي الأول له ما يرجحه ايضاً ؛ لاسيّما وهو متبنى فطاحل من الشيعة كالشيخ المفيد والشيخ الطبرسي والسيد ابن طاووس رحمهم الله .
على أنَّ الإلتزام بهذا الرأي لا يعني التخفيف من وقع المصيبة ولا فداحة الخطب .
والله العالم بحقائق الأمور .
****
( 1 ) محمد بن جرير الطبري ، ( ت : 310 هج ) ، تاريخ الأمم والملوك ، ج 4 ، ص 348 ، الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت .
وهو يروي هنا عن أبي مخنف ، لوط بن يحيى ، ( ت : 157 هج ) ، والظاهر أنّه شيعي بالمعنى الأعم .
( 2 ) البلاذري ، أحمد بن يحيى بن جابر ، ( ت : 279 هج ) ، أنساب الأشراف ، ج 3 ، ص 411 ، الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت .
( 3 ) الخوارزمي ، الموفق بن أحمد المكي ، ( ت : 568 هج ) ، مقتل الحسين ، ج 2 ، ص 44 ، الناشر : أنوار الهدى ، المطبعة : مهر .
( 4 ) هذا بناءً على رأيه رحمه الله من أنَّ الشهيد في كربلاء هو علي الأصغر وليس الأكبر ، وأنَّ الإمام زين العابدين هو الأكبر .
( 5 ) المفيد محمد بن محمد النعمان ، ( ت : 413 هج ) ، الإرشاد ، ج 2 ، ص 114 ، تحقيق : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لتحقيق التراث ، قم .
( 6 ) الطبرسي ، الفضل بن الحسن ، ( 548 هج ) ، إعلام الورى بأعلام الهدى ، ج1 ، ص 470 – 471 ، الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ، قم .
( 7 ) إبن طاووس ، السيد ، ( ت : 664 هج ) ، اللهوف في قتلى الطفوف ، ص 85 ، الناشر : أنوار الهدى ، قم .
( 8 ) المقرم ، السيّد عبد الرزاق بن محمّد بن عباس الموسوي ، ( ت : 1391 هج ) ، ص 319 ، دار الكتاب الإسلامي .
( 9 ) القمي ، الشيخ عباس ، ( ت : 1359 هج ) ، منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل ، ج1 ، ص 565 ، الدار الإسلامية للطباعة والنشر ، بيروت .
( 10 ) الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب ، ( ت : 329 او 328 هج ) ، الكافي ، ج 1 ، ص 384 – 385 ، ح 1 ، باب : إنَّ الإمام لا يغسله إلّا إمام من الأئمة ( عليهم السلام ) ، الناشر : دار الكتب الإسلامية ، طهران .
( 11 ) الصدوق ، محمد بن علي بن الحسين ، ( ت : 381 هج ) ، علل الشرائع ، ج 1 ، ص 184 ، باب ( 148 ) ، ( العلة التي من أجلها غسل فاطمة أمير المؤمنين لما توفيت ) ، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف ، 1385 هج .
( 12 ) بحار الأنوار ، مصدر سابق ، ج 45 ، ص 169 .
*******
عظّم الله أجوركم .
[ حسن عطوان ]
تم تنقيحه في 12 / محرم الحرام / 1444 هج .