لوْ لَم يَكُن الحُسين..!
كوثر العزاوي ||
لَعمَّت الآفاق الضلال، واكتنَفنا اليأس، ولجفّت مآقينا التي هي مطيّة الإحساس بالقرب والإفتقار إلى الغني المطلق، ولتخشّبت قلوبنا فتصبح خاوية تذْروها رياح الجفاف على مرافئ الحبّ الصافي، ولولا الحسين لذُبْنا في محيط الكفر فتهوي بنا الريح حيث مستنقع الآفات والرذيلة، ولولا الحسين لسقَطَت راية الحقّ وتعطّلت أحكام الشريعة، ولَنكَص الكثير على أعقابهم فأصبحوا نادمين، ولولا الحسين لما تبيّن الرشد من الغيّ ولما تميّز الظلم من العدل ولا الظالم من المظلوم، ولَماتَ الأمل بالإصلاح والعدل الى يوم الدين، ولزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، ولظنَنّا بالله ظنّ السَّوء لدرجة الخسران المبين!! فالحمد لله على نعمة الحسين “عليه السلام” الذي طهّرنا من خسائس الأمور، وأخلى مَدارِكنا من الأغيار!!
لقد زرع فينا الحسين”عليه السلام” كل الفضائل العليا، وعلّمنا معاني الحرية وكيف نكون أحرارًا برفض العبودية لغير الله الواحد الأحد، كما علمنا معايير الصحبة الصالحة، وفق مقام: {أما بعد، فإني لاأعلم أصحابًا أوفى ولاخيرًا من أصحابي..}
فأحيا فينا الأمل والبصيرة وروح اختيار الصاحب الذي يسوقك إلى الخلود، علّمنا الحسين نبذ الدنيا الدنية وفق نظرته المعصومة: {اما بعد..فكأن الدنيا لم تكن. والآخرة لم تزل والسلام}، علّمنا الحسين كيف نواجه الطغاة والمستكبرين بنفس مطمئنة بلاخشية بل عشقٌ في الله: وفق العنوان {إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى}، كما عرّفنا أعلى مراتب الصبر لأجل الغاية الأسمى ضمن مقام:{ هوّن عليّ مانزل أنه بعين الله}، فتلك مبادئ أنارت طريق ظلامنا فصار كل شيء عذب في سبيل الله لاختصار الطريق حيث الخلود، ومن هنا صارت حياتنا ومماتنا “حسين” بمضامين عالية رسخت مبادئ السماء في عقولنا بمفاهيم “حسينية زينبية” ترقى بنا الى مدارج الكمال، وإحراز الوصلة والوصول، فمَن وجد الحسين فلاخوف عليه وسيجد كل نجيع المكارم والمجد! فكل
ما عندنا هو من مجالس أبي عبد الله الحسين، وكل مالدينا من عاشوراء، وهذا ماأكده الإمام العارف السيد الخميني “قدس سره”،
فمَن وجد الحسين ونوره ماثلًا في إحياء ذكراه، فلْيثِق أنه سيَجد نور وجهِ مَهْدينا الموعود، ومانوره “عجل الله فرجه” الّا قبس من نور وجه الحسين”عليه السلام”ومَن لثارات الحسين غير المهدي من آل محمد “عليهم السلام” وهو مَن هوّن علينا مصابنا بأبي الأحرار كل هذه القرون الخالية منذ إحدى وستين للهجرة، ليبقى الأمل الموعود مقرونا بذكر الحسين عليه السلام إلى يوم الظهور المقدس يبث فينا روح الانتظار ويثبت لنا الأقدام علّنا نحظى بموضع قدَم في محضر قدسه يوم ينادي المنادي يالثارات الحسين.
١٤-محرم الحرام-١٤٤٦هجري
٢١-حزيران-٢٠٢٤م