الثلاثاء - 05 نوفمبر 2024

جواهر عَلَويَّةٌ”كَمالُ الْعِلـم الْعَمَـلُ”

منذ 4 أشهر
الثلاثاء - 05 نوفمبر 2024

السيد بلال وهبي ||


📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “كَمالُ الْعِلـم الْعَمَـلُ”

لم يحظَ أمرٌ بمكانة في الإسلام كمكانة العلم ومرتبته السامية الراقية، حتى ليصحُّ القول: إن العلم والدين، والعلم والحياة، قرينان لا ينفصلان، لا يقوم أحدهما من دون الآخر، فالعلم يهتف بالدين والدين يهتف بالعلم، والعلم يبني الحياة والحياة تزيد في العلم وتطوِّرُه.

إن الله تعالى عندما أراد أن يبَيِّن مكانة العلم ومقامه السامي قال: “…هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿9/ الزُّمُر﴾ فقد طرح الأمر كقضية وجدانية يحكم فيها الوجدان، وتحكم فيها الفطرة الإنسانية السليمة، فإنهما يقولان: لا، لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فإن الذين يعلمون تختلف حياتهم عن الذين لا يعلمون، الذين يعلمون يمشون على هدى ووضوح ونور، والذين لا يعلمون يخبطون على طريق مظلم فيه متاهات وعثرات، وقد أكَّدت النصوص الدينية الشريفة هذه الحقيقة الجَلِيَّة، فذكرت أن العلم مصباح العقل، ونِعمَ الدليل، وأفضل هداية، وأفضل ما يقتنيه المرء، وهو حجاب من الآفات، وجمالٌ لا يخفى، وزينُ الأغنياء، وغِنى الفقراء، يرفع الوضيع، وتركه يضع الرفيع، وهو أنفع الكنوز، وضالَّة المؤمن، وجاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: “كَفى‏ بِالعِلمِ شَرَفاً أن يَدَّعِيَهُ مَن لا يُحسِنُهُ، ويَفرَحَ بِهِ إذا نُسِبَ إلَيهِ، وكَفى‏ بِالجَهلِ ذَمّاً يَبرَأُ مِنهُ مَن هُوَ فيهِ”.

من جهة أخرى أكَّدت النصوص الشريفة على خطورة العمل من دون علم فقد رُوِيَ عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: “العامِلُ عَلى‏ غَيرِ بَصيرَةٍ كَالسّائرِ عَلى‏ غَيرِ الطَّريقِ، ولا يَزيدُهُ سُرعَةُ السَّيرِ مِنَ الطَّريقِ إلّا بُعداً”. فالعمل من دون علم يستلزم هدر الطاقات والإمكانيات، والوقت، ويؤدي إلى الخُسران وضياع العمر، فيكون العامل على غير علم المصداق الأمثل لقوله تعالى: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ﴿103﴾ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴿104/ الكهف﴾. وأوضح ما يكون هذا في الأعمال العبادية والمواقف الدينية، فإنها لا تأتي تامَّة إلا بالعلم، فإنها تشتمل على أركان وأجزاء وشروط ومقدمات وأحوال، إذا اختَلَّت أركانها بطلت، وإذا اختَلَّت أجزاؤها عولِجَت، وكل ذلك يحتاج إلى العلم بها، ولهذا أفتى الفقهاء بوجوب تعَلُّم الأحكام التي يُبتلى المُكَلَّف بها على الأقل. وقد رُوِي عن رسول الله (ص) أنه قال: “مَثَلُ العابِدِ الّذي لا يَتَفَقَّهُ كَمَثَلِ الّذي يَبني بِاللَّيلِ ويَهدِمُ بِالنَّهارِ” ورُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين(ع): “المُتَعبِّدِ عَلى‏ غَيرِ فِقهٍ كَحِمارِ الطّاحونَةِ، يَدورُ ولا يَبرَحُ”.

وأكَّدت النصوص الشريفة على ضرورة أن يقترن العلم بالعمل، فالعلم من دون عمل لا قيمة له، لأنه وسيلة لبناء الإنسان وبناء الحياة الإنسانية، العلم يصوغ حركة الإنسان ويوجهها بالاتجاه الضروري الذي يرجع بالفائدة على دُنيا الإنسان وآخرته. فقد رُوِيَ عن نبي الله عيسى بن مريم (ع) أنه قال: “لَيسَ بِنافِعِكَ أن تَعلَمَ ما لَم تَعمَلْ، إنَّ كَثرَةَ العِلمِ لا يَزيدُكَ إلّا جَهلاً إذا لَم تَعمَلْ بِهِ”. ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه تلا قوله تعالى: (وَما يَعْقِلُها إلّا العالِمونَ) فقال: “العالِمُ مَن عَقَلَ عَنِ اللَّهِ فعَمِلَ بِطاعَتِهِ وَاجتَنَبَ سَخَطَهُ”. وعنه (ص): “كُلُّ عِلمٍ وَبالٌ عَلى‏ صاحِبِهِ يَومَ القِيامَةِ إلّا مَن عَمِلَ بِهِ”.
✍ السيد بلال وهبي
فجر يوم الإثنين الواقع في: 22/7/2024 الساعة (04:00)