الأحد - 12 يناير 2025

نتنياهو في واشنطن: لقاء وداع بسرد هزائم و خطاب تكريم لارتكابه جرائم..!

منذ 6 أشهر
الأحد - 12 يناير 2025

السفير الدكتور جواد الهنداوي ||


رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات
وتعزيز القدرات /بروكسل /2024/7/22.
سيلتقون غداً الثلاثاء 2024/7/23 ، لقاء وداع مهزوم لمهزوم ،لقاء مجرم حرب لآخر أعانه في ارتكاب الجرائم . ومثلما وصفه عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بيرني ساندرز ،في مقابلة له على قناة ام إس ان بي سي ،
بتاريخ 2024/7/20 ، ” لن احضر خطاب مجرم حرب امام الكونغرس الأمريكي ” ،قاصدا ،بطبيعة الحال خطاب نتنياهو امام الكونغرس الأمريكي .
على الانسانية وتاريخ الشرف و الاخلاق ، ان يذكروا بأن امريكا ،بلد الديمقراطية وحقوق الآنسان، كرّمت مرتكب جرائم حرب و ابادة وضدّ الانسانية بخطاب رسمي امام ممثلي الشعب الأمريكي ، ولعلم القارئ الكريم ،بأنَّ هذه التوصيفات للجرائم المُرتكبة ( جرائم حرب ، وابادة ، وضد الانسانية ) شُّرِعتْ و دّونت باتفاقيات اممية و دولية على أعقاب النازية والحرب العالمية الثانية ،اي بمعنى آخر هي جرائم نازيّة !
هذه الزيارة وحدها تكفي لإدانة معنويّة اخلاقية حضاريّة لأمريكا ، لستُ أنا او انتَ مَنْ يُدين ،ولكن شرفاء وعقلاء العالم ، والتاريخ ،و مَنْ يدرك الابعاد الاخلاقية و الانسانية لتكريم مجرم حرم .
لم يهملْ نتنياهو ما ينبغي عمله و اتخاذه ، قبل لقاءه بايدن ،و الادارة الأمريكية و اللوبي الإسرائيلي في امريكا ،فأوفد إلى الدوحة معتمديه في مفاوضات صفقة تحرير أسراه في غزّة ،و الغرض تهدئة وتطيب خواطر لمن ينتظره في امريكا بسؤال او عتاب عن الاسرى . كما لم يغادر إسرائيل قبل ان يأمر بقصف المنشاءات النفطية اليمنية في ميناء الحديدة ،رداً على مسيّرة يافا التي انتحرت في تل ابيب . اعتداء نُفّذَ بتعاون إسرائيلي أمريكي بريطاني و آخرين .
للزيارة اهداف و ابعاد سياسيّة و دعائية لنتنياهو اكثر من اهداف عسكرية او اعلان حرب ، الاّ اللهّم طلب لنتنياهو وحكومته بالتعجيل في ايصال الذخيرة التدميرية ، وعدم إزعاجه في مواصلة ارتكاب الجرائم ، ومساعدته في إسكات او تهدئة قضاة المحكمة الجنائية الدولية.
عنوان زيارة نتنياهو هو القاء خطاب الهزيمة و ارتكاب الجريمة في غزّة ، وعدم تحقيق الاهداف ،ولكن جدول أعمال الزيارة يتضمن فقرات معلنة و اخرى غير مُعلنة ،بطبيعة الحال لقاءه مع الرئيس بايدن ومع صقور الادارة الأمريكية ومع اللوبيات الصهيونية .
ماذا سيقول نتنياهو في خطابه ،و على اي موضوع سيركّز ويدغدغ مشاعر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي ،بن غاردين ،والمعروف بدعمه المطلق لإسرائيل ،و مواقفه غير الوديّة لمصر ولايران و دول اخرى في المنطقة ؟
سيتجنب ذكر غزّة ،لأنَّ ذكر غزّة سيعرض فلماً طويلاً في مخيّلة كل إنسان مستمع ،لمشاهد وصور عن الأطفال و النساء و الشيوخ الذين ذبحوا و دفنوا احياء ،وصور عن الغزاويين ، وهم مقتادون حفاة عراة ، من قبل احفاد اليهود ، على شاكلة طوابير الهولوكست .
سيتجنّب ذكر غزّة ،لان نطق الكلمة ، يذكره بفشله في تحقيق اي هدف ، و يرعبه و يخيفه وهو لا يريد ان يبدوا مرتبكاً و خائفاً في خطابه .
سيركّز على أيران وحماس ،و يعتبرهما مصدر الإرهاب ،ليس فقط لإسرائيل وانما لحلفاء إسرائيل و المنطقة .
وتركيزه على ايران فيه رسالة اخرى للرئيس القادم ،بخصوص الملف النووي .
سيكون الجديد في خطاب نتنياهو امام الكونغرس ،مقارنة بخطابه عام 2015 ، هو ان نتنياهو جاءهم ،هذه المرّة بعدو جديد لإسرائيل ،إلا و هو اليمن .
ليتَ يلتفت ويدرك المشرعون الأمريكان و السياسين و النخب الأمريكية ، وهم يستمعون خطاب نتنياهو ، وبأنه جاءهم ،هذه المرّة ،بعدو جديد وهو اليمن . تمرّ السنون ودائرة العداء والمقاومة لوجود الكيان تكبر وتقوى .
مقاومة إسرائيل لم تعد محصورة على ” بلدان الطوق ” ،والتي اصبحت فاعلة مقاوماتياً بالفصائل والحركات والرفض الشعبي لوجود الكيان ،و انما ايضاً ببلدان وحركات عابرة ” لبلدان الطوق” ( المقصود ببلدان الطوق هي الدول الحدودية لفلسطين المحتلة ) ،وهو مفهوم سياسي وجغرافي كان سائداً في تسعينات القرن الماضي ،لوصف وضع وسياسة إسرائيل في المنطقة .
ماذا عن اللقاء بين نتنياهو وبايدن ،والذي يمكن وصفه وبأستحقاق ،انه لقاء المهزومين ؟
كلاهما في ورطة ، وخاصة نتنياهو ، خياريّن أمامهم واحدهما اسوء من الآخر . خيار توسيع الحرب ، ولكن توسيع الحرب على مَنْ ؟ على غزّة واصبحت مقفرة ولا بنك اهداف ،وحتى ركام الدمار اصبح سواتر للمقاومة ،على حزب الله ام على اليمن ام على ايران ؟
انشغال و تفرغّ إسرائيل لاحدهم ، يدعو الجميع للانشغال بأسرائيل ، ويفتح عليها ابواب الجحيم .
واذا اختارت اسرائيل توسيع الحرب ،ليس هي من تقرر حصرها او وقفها ، امريكا و اسرائيل يدركون ذلك جيدا بأنَّ الحرب القادمة ليس لايام او شهر ،و إنما لسنوات .
إسرائيل امام عدو في غزّة تدعمه ميدانياً ساحة إسناد و جبهة إسناد ، والجميع يقاتلون دون سقف زمني .
نتنياهو عاجز على توسيع الحرب ، ومعنى توسيع الحرب هو هجوم جوي و بري على لبنان .
يبحث نتنياهو اليوم عن مخارج سياسية ليس مع الفلسطينيين ولا مع حزب الله ،ولكن مع الامريكين لتحقيق شبه انجازات سياسية واسترداد المعنوية له وللمستوطنين ، انجازات سياسية تتمثل بتوسيع دائرة التطبيع ، حمايته من الملاحقة القانونية ،دعم أمريكي للملمة الداخل الاسرائيلي المنقسم واليأس ، دعم أمريكي لتهدئة الرأي العام الدولي ضد ما ارتكبته إسرائيل في غزّة .
لذلك ،سيعود نتنياهو ” بخُفّيْ حُنيَّنْ ” ، لا تغير للمنطقة بعد الزيارة ،سيعود وسيسخر منه منافسيه في المعارضة . على نتنياهو ان يدرك بأن امريكا لا تقاتل بدلاً عن نتنياهو وجنوده ،تزّود اسرائيل،بكل ما تحتاجه من سلاح و دعم واستشارة الخ .. لكنها لاتقاتل بالنيابة ، وليس لديها ملكة الصبر ،بل بالعكس ،جزعت وفشلت في الحروب التي خاضتها ، والتي اختارتها او شعلت فتيلها .
ادرك محور المقاومة ذلك ،لذا نجدُ المقاومة في غزّة وساحة وجبهة إسنادها يقاتلون بشجاعة وبثقة عالية ، ولديهم الجرأة على التحدي و الاقدام .