من هو الخطيب الحسيني؟!
د. أحمد الخاقاني ||
الخطيب الحسيني مُربي ومعلم وموجه وقدوة صالحة بكل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية من بيان العقيدة الحقة وحل الإشكاليات التي تطرح عليها وبين المسائل الفقهية وتفسير القرآن والتعرض للمشاكل المجتمعة وإيجاد الحلول الناجعة لها وفق ميزان الشارع المقدس وحث الناس على التمسك بالدين والذود عنه وعن المسلمين وقضاياهم المهمة ونشر الفضائل بين المسلمين ونقد الرذائل بلغة هادئة غير بذيئة .
وعليه :
لا يمكن أن يكون المربي للناس ممن يحتاج تربية وتعليم وتوجيه بل هو القدوة وأكرر بأن الخطيب قدوة للناس في كل سلوكه وهو أول من يطبق ما يقول حتى يكون نموذج صالح للإقتداء والعدالة فيه أمر ضروري فإن خلا من كونه قدوة صالحة في نفسه فلن يكون قدوة حسنة لغيره وفاقد الشيء لا يعطيه وهذا واضح من كلام الله تعالى في كتابه العزيز “كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ”.
وفي يوم من الايام في منتصف ثمانينات القرن الماضي كان في بيتنا ضيف وخلال حديثه وصف أحدهم بقوله (فلان هذا الساقط) وكان صوته مرتفع فرأيت وجه جدي “رحمه الله” قد تغير وكان ممتعض جداً وقال له ما مضمونه : “هذا الكلمة ما تصدر من خير مثلك وهذا بيت بي اطفال ونساء وصوتك عالي فراح يتعلمون ها الكلمة وهذا شيء مو طيب”
إذن :
الكلمة الواحدة لها تأثير في التربية فكيف إذا كان الخطيب يلفظ كلمة مثل ( هتليه ، ساقطين ، سرسريه ، سرابيت , ولد شوارع، خر بكذا وكذا ” وغيرها ) وهنا سيشرعن الخطيب تعلم هذه الألفاظ لمن تحت منبره فإذا كان القدوة يتلفظ هكذا ألفاظ وهو محل التربية والتعليم لمن تحته منبره فأكيد سوف يعتبرها البعض أمر جائز وهذا أخطر ما يكون فعن رسول الله “صلى الله عليه وآله” “إن الله يحب الحيي المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف” وورد عن الإمام الباقر “عليه السلام” “قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين، الفاحش المتفحش، السائل الملحف” .
والأنكى من ذلك :
لو كان الخطيب ليس لديه مقدرة علمية معتد بها من الدرس الحوزوي والمطالعة المستمرة لكل قديم وجديد في الشريعة ومختلف جوانب المعارف وليس لديه وحدة موضوع في محاضرته ولا منهجية واضحة في طرحه ويتخذ اسلوب هزلي أو تهكمي ولأجل الشهرة يتطاول على الشريف والوضيع ويضع نفسه محل المعصوم أو الفقيه في إفتاء الناس وبيان الشريعة لهم خلاف ما يطرحه أهل الإختصاص من الفقهاء العدول بل البعض جعل نفسه فقيه وينظر في الروايات ويحللها ثم يضع حكماً على ضوء فهمه لهذه الرواية وتلك وهو لم يمضي ستة أشهر حتى في الحوزة ومنهم لم يصل للحوزة بالمرة وهذا ما بينه المعصوم حيث قال أبو جعفر الباقر “عليه السلام”: “من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه” والشيعة أصناف كما ذكرهم المعصوم فقد ورد
عن الإمام الصادق “عليه السلام”: “افترق الناس فينا على ثلاث فرق: فرقة أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا، فقالوا وحفظوا كلامنا وقصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله إلى النار، وفرقة أحبونا وسمعوا كلامنا، ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا، فيملأ الله بطونهم نارا يسلط عليهم الجوع والعطش، وفرقة أحبونا وحفظوا قولنا، وأطاعوا أمرنا، ولم يخالفوا فعلنا، فأولئك منا ونحن منهم ”
إن خطورة الخطيب غير المتروع والمتفقه كبيرة ولا تقل خطورة عن غيرها من المشاكل المعاصرة وبقائهم على المنابر أمر له تبعات ونتائج غير محمودة للجيل المتلقي حينما يتربى ويتعلم ويتم توجيه على غير جادة الحق والصواب وليس من القدوة الصالحة .