صدام يهاجم عقائد الشيعة..!

منذ 10 أشهر
الأحد - 18 مايو 2025

د. أمل الأسدي ||

 

بلا مقدمة، سأعود بكم الی تسعينيات الحديد والنار والجوع والحرمان في زمن البعث واقدم لكم كلام الطاغية الوارد في فيديو، يظهر فيه الزعيم الهارب وهو يلتقي بعمداء الكليات وأساتذة الجامعات، من أجل الاستماع الی مقترحاتهم، فيبدأ أحد الأساتذة الكلام مادحا متملقا وهو يقول: سيدي الرئيس شرف كبير أن نحضر في لقاء مع حضرتك، واحنا كأساتذة حاليا نعيش بعصر ذهبي امانةً، بدون رياء وبدون تملق لاي شخص”
فقاطعه صدام منزعجا من تعبيره” بدون رياء بدون تملق” وقال: العراقيين بيناتهم من يطرون بعضهم علی عمل الخير مثل ما الله سبحانه وتعالی علمنا، لئن شكرتم لازيدنكم وهو خالقنا ،فما كان المقصود هو انه ينتظر ان نشكرو سبحانه، وانما يعلمنا،يگول اني اخلقكم ومع ذلك اگلكم لئن شكرتم لازيدنكم، فتعاملوا ويه بعضكم بهالروحية، فمانحتاج من بعضنا لا تذكير بالمهمة الوطنية لانو الوطن وطنا والبلد بلدنا واحنه اهلها، اقصد كعراقيين واحد من العراقيين…فليش رياء ليش من تطرون بعضكم ماتقدملو مقدمة، لزميلك انه ليس رياء؟ ليش مع المسؤول من تطري موقف صحيح تقدمها بمقدمة تگول رياء، في هذا الموضوع اريد اعلق عليه، هذا سببو عاملين اساسيين ينبغي ان ننتبه الو كعراقيين نبني علی الصحيح منو ونحاول نغادر غير الصحيح منو، الصحيح هو انه احنا كبلد عانينا ما عانينا من ناس يحملون عنوانين كبيرة لكن لايتصرفون طبقا لروحيةالعنوان، علی اساس قياس تراثنا ومعاني ما نحمل وما ننشد وما نتوخی وما نتوقع من حامل المسؤولية حامل العنوان، فمع هذا الحال الي تقريبا عشنا وياه قرابة الف سنة صارت عدنا نمط من الحساسية تجاه العناوين، فمن نقع علی عمل جيد لعنوان نگول ونردد نثني عليه نحطلها هاي المقدمة وكأنو الحالة استثنائية!!
العامل الآخر: هو انو قسم من شعبنا اتعبأ عقائديا علی انتظار حالة طبقا لمعتقداته،يعتقد من غيرها لايمكن ان يتحقق العدل، وهذا ايضا خطأ علينا ان نغادره، لانو بالعراقيين خير چثير والخير ممكن ان يأتي من ابناء الامة عدما يخلصون النية والموقف، ما يجوز ان نخضع لتعبئة عقائدية منقولة من اجنبي، امين ما يكون هذا الاجنبي، يگول اني مسلم او اني مسيحي اني مؤمن او هو غير مؤمن، هو يتشيع لآل البيت او هو علی حال السنة،طبعا ايضا اهل السنة من مرات نحرمهم من التشيع لآل البيت يگولون ليش انت، ليش تفرزونا نحن نؤمن بسنة رسول الله ولكن نتشيع لآل البيت اي بمعنی نواليهم، اقول مهما يكون الاجنبي علينا ان نفهم ان الدين ان لم يُنظر له بعقل وضمير عربي لايمكن ان يكون مستقيما! في نماذجه وفي تطبيقاته، بل واحيانا حتی في نظرياته المسبقة لهذا نتعامل مع الخير بصورة طبيعية ومع الخطأ بصورة طبيعية… لذلك تشوفنا من اي كلمة تصدر من اي واحد نعلق لانو احنا بحاجة الی تأكيد منهجنا، و بما انه منهجنا حي ابن الحياة في الوقت الذي هوقائدها …

هكذا شن صدام هجوما علی الأستاذ الذي مدحه كذبا وقال أنهم يعيشون عصرا ذهبيا مع أن راتب الأستاذ الجامعي لايكفي غير أيام! ومع هذا التملق وبّخه صدام وبدأ بمهاجمة الشيعة ونظرتهم الی من حكم المسلمين وأخفق في حكمه، وان هذا الإخفاق ظل مهيمنا علی الجمهور، وهذا ما خلق هذا التحسس تجاه المسؤول.
هكذا يضع صدام نفسه موضع الحاكم العادل والمسؤول الشريف الذي يستحق الشكر وعدم المقارنة بالحكام المخفقين، وكأن العراقيين يعيشون الرفاهية والحرية والتطور والتقدم في حكمه! وكأنه لاوجود للحروب وويلاتها، ولاوجود للموت والإعدامات ولاوجود للتهجير ولاوجود للمقابر الجماعية ولا وجود للتمييز الطائفي والعنصرية!! ولاوجود للسجون والمحاجر!! لاوجود لذلك ولكن العراقيين يعيشون الماضي ولايشكرون النعم!

أما العامل الثاني الذي تحدث عنه الطاغية صدام فهو هجوم صريح وبلا رتوش علی الشيعة ومعتقداتهم ولاسيما عقيدة الإمام المهدي المنتظر، وبكل صراحة وعلنا ينسبها الی الأجنبي وهنا يقصد إيران، فحوّل عقيدة الإمام المهدي ومعتقدات الشيعة من كونها إسلامية مرتبطة بالله ورسوله وأهل بيته الی أنها تعبئة اعتقادية خاطئة قادمة من الأجنبي!!
ثم يعترف أثناء الحديث بطائفيته وفرزه للشيعة عن السنة، حين قال ان بعض السنة يعترضون احيانا علی هذا الفرز، يقولون نحن سنة ونتشيع لآل البيت أي نواليهم، ثم يمضي صدام ليضع نفسه بدل الرسول الأعظم وبدل القرآن الكريم وبدل أهل البيت، ويضع ضوابط جديدة للدين، وهي أن الدين للعرب والتعامل معه خاص بالعرب، وأنه يجب أن يُنظر له بعقل عربي وإلا فهو غير مستقيم!!
فهو يضع الشيعة العراقيين وهم أغلبية هذا البلد موضع الأجنبي، وعقائدهم الإسلامية غير صالحة وغير صحيحة لأنها تعبئة أجنبية!
وهو أيضا يتحدی القرآن الكريم الذي قال:((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))الأنبياء:107
وقال أيضا:((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرً…)) سبأ 28
وكذلك قوله تعالی:((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا..))الأعراف158
ويتحدی رسول الله الأعظم(صلی الله عليه وآله) الذي قال:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ، عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى)) مسند أحمد:٣٨/ ٤٧٤
إذن؛ بحسب كلام الطاغية،أن أي دين لايخضع للضوابط الصدامية؛ هو دين باطل وعقيدة فاسدة، فهو يری أنه هو الرب الأعلی الواجب الشكر،فكيف يأتي هذا الأستاذ ليمدحه ويتملق له ويقول: بدون رياء!!
كما أنه يذكر أن منهجه ابن الحياة، منهج حي وليس ميتا، وهذا يرتبط بتحول أسلوب السلطة في التسعينيات من العلمانية الی السلفية، في أيام الحملة الإيمانية، فمن يقود الحياة يجب ان يكون علی قيد الحياة، ولاوجود لعصمةٍ وإمام معصوم، ولايوجد إمام منتظر، ولاداعي للاعقاد به، فعقائد الشيعة عقائد ميتة! وانتظار الإمام من العقائد الميتة، فأي شخص يقود يحل محله كما عبّر الطاغية: ” بالعراقيين خير چثير والخير ممكن ان يأتي من ابناء الامة عدما يخلصون النية والموقف، ما يجوز ان نخضع لتعبئة عقائدية منقولة من اجنبي”ٗ فبحسب كلام صدام أن الشيعة يعتقدون بأن الإمام المهدي سيحقق العدل، وأن وظيفة العدل خاصة بالإمام المهدي، واعتقادهم هذا باطل، وتصوراتهم خاطئة لأننا حققنا العدل في قيادتنا!!!
هكذا كان صدام، وهكذا كانت طائفيته، وهكذا كان يجلس الجميع أمامه، لايستطيعون النظر الی وجهه من الخوف!
تری أين ذهب هولاء الأساتذة اليوم ؟ وماذا يقولون لطلبتهم وأبنائهم عن ذاك الزمن؟ هل سيذكرون لهم ماحدث في هذا اللقاء؟