عاشوراء القدوة والمثل الاعلى للثورة الإسلامية..!
رسول حسين ||
لمعرفة تأثير عاشوراء في نشأة وتبلور الثورة الإسلاميّة لا بُدَّ من بيان ذلك على ضوء أسباب وعوامل قيام الثورة الإسلامية، مبادئها وأسسها، أهدافها ودوافعها، كيفيّة نشوئها، ودور مظاهر عاشوراء في الثورة الإسلاميّة، تمثّل ثورة عاشوراء المثل الأعلى للثورة الإسلاميّة الإيرانيّة، ولمعظم الثورات الشيعيّة الأخرى. وهي تمثّل في حقيقتها ورسالتها الأساسيّة محاربة الظلم والتمييّز والفساد السياسيّ والاجتماعيّ والبِدَع الدينيّة، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر على كافّة الثورات الشيعيّة ومَنْ قادها، أن الثورة الإسلاميّة الإيرانيّة أو الثورة الخمينية المباركة كما يحلو لي تسميتها هي إحدى الثورات التي ترتكز إلى مبادئ التشيّع، والتي تخضع لتأثير واقعة عاشوراء في جوانب مختلفةٍ أهمها جانب التضحية والفداء وكذلك أبعاد مهمة منها البعد الثقافي والاخلاقي وإلى اخره من جوانب وابعاد مختلفة، حيث تجلت في ثورة الأمام الخميني قدس سره الشريف جميع مااراده الأمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، هنا اريد أن اركز على انطلاقت ثورة عاشوراء والشبه الواضح الذي قامت لإجله الثورة الإسلاميّة كلتاهما في الظروف التي مَسَخ فيها الفساد الاجتماعيّ روحَ المجتمعات الإسلاميّة، وأُودِع النظام الإسلاميّ الرفيع في عالم النسيان، لذا فقد كانت هذه الثورة خاضعةً لتأثير عاشوراء في أسسها الفكريّة، وأسلوبها في المواجهة، وكان ذلك بادياً بوضوحٍ في فكر القيادة ومواقفها، وكذا في جماهير الثائرين؛ فقد كانت حركة الإمام الخمينيّ& في ثورته حركةً هجوميّة، انطلقت بإلهامٍ من ثورة عاشوراء، بهدف الإطاحة بنظام الشاه، وانتهت بدَحْره، فأسَّست حكومةً جديدة ترتكز إلى مبدأ ولاية الفقيه.
وقد كان أحد عوامل ثورة عاشوراء كذلك هو طبيعة الحكومة الأمويّة اللادينيّة، والمعارِضة للإسلام، والتي بلغت أوجها في عهد يزيد. كما أنّ طبيعة نظام الشاه السياسيّة، ومنهج سياساته، كانا بنحوٍ يفسح المجال لرجال الدين أن يعبِّئوا الناس ضدَّه عن طريق التمسّك بالسياسات اللادينيّة لمعاوية ويزيد، والمماثلة التاريخيّة بين هذين النظامين، لقد أدَّت الممارسات اللادينيّة التي قام بها النظام البهلوي، وقمعه للعلماء، إلى ظهور جوٍّ في المجتمع جعل الناس يشعرون بنوعٍ من التشابه بين سلوك حكومة الشاه وحكومة يزيد في محاربة الدين، وهذا ما دفع الناس إلى مواجهته، فاقتدُوا بمواقف الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، واستلهموا منها في هذا الطريق، لم تكن سياسة نظام الشاه تتكئ على مبادئ لا تتلاءم مع الدين فحَسْب، بل كان تهميش الدين واحداً من أهدافها السياسيّة، وممّا لا شك فيه أنّ محاربة يزيد الأمويّ للدين كان لها حقيقة مختلفة عن محاربة محمد رضا بهلوي، فلئنْ كان الدين قد حُرِّف بشكلٍ كامل في عهد يزيد ومعاوية فإنّ الحكومة في هذه المرحلة كانت تسعى لاقتلاع القِيَم الدينيّة، لتغرس مكانها قِيَماً جديدة، وفي الوقت نفسه كانت هناك جهودٌ تهدف إلى تقديم صورة مشوَّهة عن الدين، تجعله في نظر الناس عامل تخلُّف وتحجُّر هذا المجتمع.
واستناداً إلى ماشاهدناه من احداث تاريخية قريبة والتي تؤكّد على محاربة نظام الشاه للدين، فإنّ الهدف الأساس لنظام الشاه في سياساته الثقافيّة هو محاربة الثقافة الدينيّة، ومظاهرها في المجتمع، بما فيها العلماء، ثقافة عاشوراء، والآداب والسنن الدينيّة، وكذلك كان يهدف إلى فصل الدين عن السياسة، لإقصائه عن ساحة السياسة والحكم، وتحجيم النفوذ السياسيّ للعلماء، وقد تمّ على هذا الصعيد الترويج للتقاليد التراثيّة القديمة بشكلٍ كبير، في سبيل تعزيز القيم اللادينيّة واللاإسلاميّة، وخُصِّصت لذلك مبالغ طائلة، وقد ووجِهت هذه الإجراءات من قِبَل جميع العلماء بمعارضةٍ حادّة وشديدة، وخاصّة من قِبَل الإمام الخميني، ويرجع تاريخ معارضة الإمام الخميني لسياسات النظام البهلوي المناهضة للدين إلى عهد رضا خان، فقد طرح الإمام الخميني آراءه في هذا المجال ضمن كتابه المعروف بـ «كشف الأسرار»، كما أنّ أحد العناصر الرئيسة التي تمّ التأكيد عليها عند محاربة الثوريين لنظام الشاه هو الروحيّة الدينيّة للشعب، وكانت ثقافة عاشوراء بمفهومها الشامل أحد المؤثّرات الكبرى لعناصر هذه الروحيّة الدينيّة، والتي كان لها جذور على مرّ التاريخ في أعماق روح الشعب الإيراني، وكانت قد تحوَّلت إلى سُنَّة راسخة ومتأصِّلة في ثقافة الإيرانييّن، وأوجدت الأرضيّة الثوريّة بين الناس بشكلٍ واضح وملموس.
وقد كانت السياسات الحكوميّة المعارِضة للدين، وحالة تسلّط الحكّام المعادين له، من العوامل الأساسيّة في كلٍّ من ثورة عاشوراء والثورة الإسلاميّة ومتشابهة جداً والى حد بعيد، وكانت الثورة الإسلاميّة بدورها خاضعةً للموروث التاريخيّ من نهضة عاشوراء في ما يتعلَّق بضرورة محاربة الحكومات المناوئة للدين، وقد تصدّى الإمام الخميني لإحياء هذا الموروث، وللإمام الخميني مقارنة صريحة بين أسباب وعوامل الثورة الإسلاميّة وثورة عاشوراء، وهو يعتبر أنّ العامل الأساس في كلٍّ من الحركتين هو القضاء على الإسلام، لقد رأى سيّد الشهداء أنّ معاوية وابنه آخذان في القضاء على الإسلا فهذا الأب وهذا الابن (رضا شاه ومحمد رضا شاه) كهذَيْن، كانا يظهران الإسلام بشكلٍ مغاير لحقيقته، وكان من واجب الواجبات اقتلاع هذا النظام الاموي البهلوي، وكان الله مع الأمام الخميني قدس سره وتمت الثورة والقضاء على يزيد ٱخر، حاولت أن انقل بمقالي ولو صورة بسيطة من اوجه الشبه العديدة بين الثورة الإسلامية وثورة عاشوراء اسئل الله أن اكون قد وفقت في بيان الحالة.