الجمعة - 20 سبتمبر 2024

الرد الايراني المرتقب..هل سيكون مقدمة لتساقط ركائز النفوذ الامريكي؟!

منذ شهر واحد
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

حافظ آل بشارة ||

بعد مضي عشرة اشهر على معركة طوفان الاقصى، تبقى الظاهرة الاشد حضورا في المشهد الفلسطيني ظاهرة الابادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني حيث يقترب عدد الشهداء من 40 الف شهيد اغلبهم من النساء والاطفال، وبغض النظر عن كل التفاصيل المتعلقة بهذه القضية التي اصبحت عالمية هناك ثوابت يعرفها جمهور المقاومة يمكن تلخيصها بعدد من النقاط :
1- المعركة في فلسطين حاليا معركة اميركا التي تقود الحرب وتقاتل وتناور والكيان الصهيوني مجرد مخلب امريكي في المنطقة، او وكيل لكل دول الاستكبار في العالم، التحالف الاستكباري يريد انهاء وجود الشعب الفلسطيني بالقتل الجماعي والتهجير والتدمير الشامل، في كل من غزة والضفة، لتصبح (اسرائيل) دولة اغتصاب تمتد على كامل التراب الفلسطيني.
2- كل ما تعلنه اميركا من مشاريع وقف اطلاق النار او انتقاد نتنياهو او اعلان البراءة من جرائمه هي مجرد ذر للرماد في العيون، فالمشروع مشروعهم، والرئيس الامريكي بايدن قال بصراحة لو لم تكن (اسرائيل) موجودة لاوجدناها…
3- المشروع النهائي لاميركا في غرب آسيا له خريطة واضحة، وكثير من تفاصيله انجزت في السنوات الماضية، ملخص المشروع دويلة استيطان صهيونية يطورونها لتصبح خلاصة لقوة الغرب عسكريا واقتصاديا تتولى ادارة العالم العربي والتحكم به وبثرواته، وكل دول التطبيع حاليا هي ضمن المنظومة الصهيونية وتابعة لها واغلب دول التطبيع تضم قواعد عسكرية اميركية مهمة تضمن السيطرة على البر والبحر والجو، وعندما تكتمل الصورة تستغني واشنطن عن تجييش الجيوش وتدير عملية الهيمنة من خلال الكيان واتباعه الحكام العرب.
4- الذي يواجه هذا المشروع هو محور المقاومة بدعم الجمهورية الاسلامية، ونقطة القوة في هذا المحور انه ينطلق من ثوابت عقائدية ووعي عال يستوعب حجم الخطر المقبل، كما انه موزع جغرافيا من ايران الى العراق الى لبنان وسورية واليمن، وهي رقعة تطوق الصهاينة من كل الجهات، وهو محور مدجج بمنظومة تسليح حديثة يمكنه من خلالها قلب الموازين.
اما نقاط الضعف لدى الصهاينة، فهي ضيق المساحة البرية وفقدان العمق الستراتيجي، والقتال بجيش وظيفي، فالصهاينة مع انهم شكلوا كيانا يستند الى الاساطير الدينية الباطلة الا انه لم ينجح في تشكيل جيش عقائدي يجتمع حول اسطورة ارض الميعاد، بالعكس فان فئة الحريديم الذين هم نخبة الاصوليين الصهاينة يرفضون الخدمة في الجيش ويعدون الجيش الوظيفي الصهيوني انه قد وجد لخدمتهم وحمايتهم، لذلك لا وجود للعقيدة الصهيونية في جيش العدو، اما نقطة الضعف الاخرى في الكيان فهي انه مكون من مهاجرين يحملون الجنسيتين ومن السهل ان يغادروا فلسطين المحتلة عائدين الى دولهم الام. اضافة الى الصراعات الطبقية والعنصرية في الكيان بين الاشكناز الغربيين واليهود الشرقيين السفارديم. ونقطة اخرى ان هناك ثقلا يهوديا عالميا غير صهيوني همه اليوم اعلان براءته من جرائم الحرب الصهيونية في فلسطين.
ان معركة طوفان الاقصى افسدت اغلب عناصر الخريطة الامريكية، وشكلت صدمة، وهناك تفاصيل كثيرة منشورة في الاعلام حول مأزق الصهاينة، وهو يواجهون الضربات من كل صوب حتى اصبح اقتصادهم وجيشهم وحكومتهم على حافة الهاوية، ولم يعد نتنياهو وجها مقبولا في الكيان ولا في العالم، اميركا وحدها صفقت لنتنياهو، وعقب جريمة اغتيال القائد اسماعيل هنية وانتهاك سيادة ايران، انتقلت المعركة الى افق جديد فكل الحسابات تؤكد ان ضربة ايرانية باشتراك محور المقاومة يمكن ان تنهي وجود الكيان عمليا لأن بايدن ونتنياهو وحدهما يعرفان اي نوع من الاسلحة سوف يستخدمها محور المقاومة، في وقت اصبحت الهزائم الامريكية السابقة في افغانستان والعراق والصومال دليل عمل للمقاومة، واصبح واضحا ان المقاومة لن تخوض الضربة الموجعة لوحدها بل ربما يتحرك تحالف القوى الجديدة المؤلف من روسيا والصين وكوريا الجنوبية وكلها لديها مع اميركا ثارات لا تنسى، وكلها ترفض خرق التوازن القائم.
لذا من المتوقع ان تنفذ ايران ردها الموجع ويتهيأ المحور وحلفاؤه الكبار لمواجهة اي تصعيد امريكي بردود ثقيلة قد توسع نطاق الحرب وهو تطور لا يمكن ان يكون لصالح اميركا، باعتباره سيكون نزاعا محفزا لاصطفافات القوى البديلة في غرب اسيا، واعلان نفسها كقطب عالمي اسيوي مبني على اساس تحالف دول مستقلة ومحترمة كل منها تقاتل النفوذ الامريكي بمنطلقات وقناعات وطنية ذاتية، خلافا لتحالفات اميركا التي تبحث عن خدم واتباع لا عن حلفاء محترمين، فالاوربيون جازعون من هيمنة واشنطن على قرارهم، ودول التطبيع اكثر شعورا بالعبودية لاميركا، وهذا تجمع لا يمكنه ان يقاتل ويواجه خطر التعرض لضربات اليد الثقيلة للحلفاء الجدد الذين يقاتلون على ارضهم في مواجهة غزاة قادمين من وراء المحيطات مازالوا يفكرون بذهنية القرن التاسع عشر المنقرضة.