ايران تمارس حرب أعصاب على أغتيال هنية؛ وموقف دول الخليج من ذلك..!
أ.د.جاسم يونس الحريري ||
بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
ينفي الخبير الاستراتيجي الإيراني، ((سعيد شاوردي))، أن يكون “تأخر رد إيران” على الكيان الصهيوني أزاء أغتيالها أسماعيل هنية من باب “التردد” أو التنسيق مع الولايات المتحدة لـ “توجيه ضربة شكلية” ((لإسرائيل)).ويشير شاوردي إلى أن “عامل الوقت في صالح إيران، ولذلك فإن الرد الإيراني سيأتي في المكان والزمان المناسبين”.ويقول الخبير الاستراتيجي الإيراني إن “إيران تريد أن تلعب بورقة الوقت وفق ما تراه لصالح مخططاتها ومخططات حلفائها العسكرية، وللتأكد من أن الرد سوف يحقق أهدافه بشكل كامل ودقيق ويؤدي لأضرار جسيمة بإسرائيل”.ويرى الباحث في شؤون الشرق الأوسط، فادي عيد، أن الرد الإيراني “لم يتأخر” لكن إيران أمام “معضلة” تتعلق بسبل الرد، وتتحسب لـ”الرد المضاد”.أن مايشغل ايران وجود قواعد عسكرية أميركية وإسرائيلية في منطقة الخليج وأذربيجان، قادرة على أستهداف الأراضي الإيرانية في حال “الرد المضاد”، ما يمثل “معضلة حقيقية” لدى إيران. وإذا كانت إيران “تتفاخر” بمواجهة ((إسرائيل)) عن قرب عبر حزب الله، فإن الجانب الإسرائيلي ومعه الأميركي قادران على مواجهة طهران بالقرب أيضا عبر أكثر من 15 قاعدة عسكرية مجهزة بأحدث أنظمة الدفاع الجوي في العالم، بجانب “انتشار الأصول العسكرية للولايات المتحدة بالمنطقة والدفع بالمزيد منها خلال الأيام الماضية”وفق أحد المراقبين.ويبدو أن ايران تلعب على ورقة تأخير الرد لانه سينتج مزايا كثيرة لانه “كل ما تأخر الرد الإيراني” يتصاعد الضغط على إسرائيل عسكريا وأمنيا وأقتصاديا وسياسيا ويجعلها في حالة أستنزاف ويؤرقها ويتعب جيشها وجنودها ومجتمعها في كافة النواحي ومنها الناحية النفسية)). وفي ظل نذر حرب بين إيران و((إسرائيل))، تُطرح أغلب مراكز البحوث أسئلة حول دور بلدان المنطقة، ومن ذلك دول الخليج العربية التي تجمع بعضها علاقات مع ((إسرائيل))كدولة الامارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ، بينما تعد علاقتها مع إيران متأرجحة وتتحكم فيها عدة عوامل. فأين تقف هذه الدول الخليجية؟الإمارات: هي أبرز دولة خليجية طبعت مع ((إسرائيل)). فمنذ أتفاقيات أبراهام والعلاقات الثنائية بين البلدين في تصاعد مستمر مع التراجع النسبي منذ بدء حرب غزة.وكانت الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي أنتقدت هجوم حماس في السابع من أكتوبر2023 وقالت إنه “يشكل تصعيدًا خطيرًا” معبرة عن “الاشمئزاز من تقارير أختطاف الإسرائيليين وأحتجازهم كرهائن”. بيد أنّ الإمارات أنتقدت العمليات الإسرائيلية في غزة أيضا وطلبت وقف إطلاق النار وأدانت اقتحام ((إسرائيل)) لمعبر رفح.
وتعد العلاقات الإماراتية الإيرانية حساسة للغاية، فرغم أن الإمارات تتماهى مع القرارات العربية الموجهة في هذا الإطار/ إلا أنها تحافظ على علاقات أقتصادية قوية تؤكدها أرقام التبادل التجاري، كما تحسنت العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال السنوات الأخيرة. أما السعودية: كانت تتجه إلى تطبيع مع ((إسرائيل)) لكن حرب غزة أدت إلى تأجيل هذا المخطط. ونددت السعودية بشكل كبير بالحرب الإسرائيلية بلهجة قوية وصلت إلى حد وصفها بـ”جرائم الحرب الشنيعة” مما أعطى الانطباع أن هوة بين الطرفين قد زادت.في المقابل، بدأت العلاقات السعودية الإيرانية مرحلة جديدة بعد الصلح الذي أشرفت عليه الصين في 10مارس2023، وكان من تبعات ذلك تراجع هجمات الحوثيين على السعودية. بيد أنّ تقارير عديدة لم يتم التأكد منها تماما أشارت إلى أن الرياض أعترضت بعض الصواريخ التي أطلقها الحوثيون في أتجاه ((إسرائيل)).وفي أتصال هاتفي جمع وزير خارجية السعودية وإيران بعد أغتيال إسماعيل هنية تم التأكيد على أن الطرفين عازمان على عدم تأزيم علاقتهما مجددًا حال أندلاع أي هجوم إيراني على ((إسرائيل)). البحرين: طبعت هذه الدولة الصغيرة العلاقات مع ((إسرائيل)) ضمن أتفاقيات أبراهام، لكن بعد حرب غزة سحبت سفيرها لدى ((إسرائيل)) وأوقفت العلاقات الاقتصادية معها، غير أن ذلك لم يتطور لخطوات أخرى، بل أحتضنت البحرين لقاء عسكريا شاركت فيه ((إسرائيل)) مع دول عربية أخرى.في المقابل البحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لا تزال تقطع العلاقات مع إيران، لكنها قدمت مؤخرًا إشارات إيجابية لرغبتها في تطبيع العلاقات مجددًا. أما سلطنة عمان: هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع أو تخفض علاقاتها مع إيران بعد عام 2016 الذي شهد القرار السعودي بقطع العلاقات في ظل أزمة إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر.وتربط عمان وإيران علاقات وثيقة، وتعد الدولة العربية الخليجية الأكثر تقاربًا مع إيران. لا تجمعها علاقات رسمية مع ((إسرائيل)) رغم مؤشرات في هذا الصدد، وتحاول عمان الابتعاد عن سياسة المحاور وعن التأثير في السياسة الخارجية، وتوقفت خلال حرب غزة عند إصدار بيانات جلها هاجمت الحرب الإسرائيلية. أما دولة الكويت: فتعد اللهجة الكويتية ضد ((إسرائيل)) الأكثر حدة مقارنة مع بقية دول الخليج العربية، إذ ترفض أي تقارب معها وتمنع دخول الإسرائيليين إلى أراضيها. في المقابل تعد العلاقة مع إيران معقدة للغاية، إذ تحاول هذه الإمارة الصغيرة التوفيق بين علاقة أكثر قوة مع السعودية وعلاقة تمليها ظروف الجوار مع إيران. وأخيرا قطر: هي الراعي الأصلي لمفاوضات إطلاق النار بين ((إسرائيل)) وحماس (تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية). لا تجمعها أي علاقات ب((إسرائيل)) حاليًا كما لا توجد أي مؤشرات على تطبيع بينهما. ينظر لقطر على أنها الداعم السياسي الخليجي لحماس خصوصًا أنها تحتضن قيادات المكتب السياسي للحركة، ونظمت مؤخرا جنازة كبرى لجثمان إسماعيل هنية.بينما تحافظ قطر على علاقات مستقرة مع إيران وجمعتهما الكثير من اللقاءات الثنائية خصوصًا في قطاع الطاقة، وكانت قطر إلى جانب عُمان منخرطة في الاتفاق النووي الإيراني ثم لعبت دورًا في أتفاق تبادل السجناء بين أمريكا وإيران.