الجمعة - 20 سبتمبر 2024

جواهر عَلَويَّةٌ: “لِكُلِّ ناجِمٍ أُفُولٌ..!

منذ شهر واحد
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

السيد بلال وهبي ||


📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لِكُلِّ ناجِمٍ أُفُولٌ”

النَّجْمُ هو الشيء الظاهر الساطع في ظهوره، وكلُّ ما طلع وظهر فقد نَجَمَ، وإنما سُمِّيَت النجوم نُجوما لأنها ظاهرة للعين ساطعة بالنور، ‌أما الأجرام التي لا نور فيها فتسمّى كواكِبُ، ولذا توصَف الأرض بأنها كوكب ولا توصف بأنها نَجم، كذلك القمر، لأن نورهما ليس ذاتياً بل ينعكس عليهما من الشمس التي هي نَجمٌ، ولهذا أطلق القرآن الكريم على الشمس وصف الضياء، وأطلق على القمر وصف النور، قال تعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا …”﴿5/ يونس﴾.

ومِمَّا لا شكَّ فيه أن النجم وإن كان نوره ذاتياً لكنه يؤول إلى الانكدار، وذلك أن المواد المتفجِرة المشتعلة فيه محدودة الكَمِّ وكل محدود ناقص حتماً، ومصيره الاضمحلال، وهذا ما ذكره القرآن الكريم قبل أن يكتشف العلم ذلك إذ قال: “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿1﴾ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ﴿2/ التكوير﴾. فأما تكوير الشمس فمعناه خمود ضوئها شيئاً فشيئاً حتى ذهابه كُلِّياً، فكما أن العِمامة تكون منتشرة ثم تُلَف طبقة على طبقة حتى تصير مكَوَّرة كذلك ضوء الشمس المنتشر يخمد ويخفت حتى يتلاشى، كذلك النجوم تنكدر وتُظْلِمُ وتتناثر في الفضاء.

وإذاً: حين تنتهي الكمية المشتعلة يصبح النجم كوكباً بعد أن كان نَجماً لانعدام الضياء فيه، ولا يعود ممكنا تمييز كوكب عن نجم إذ لم يعد نجماً بل صار كوكباً، فإننا الآن نُمَيِّز الشمس عن القمر والأرض وسواها من الكواكب لأنها مضيئة ونورها ساطع على بقية الكواكب في منظومتنا الشمسية، أما حين ينكدر ضوؤها فلا تمييز بينها وبينهم، وهذا ما عبَّر عنهم القرآن الكريم باجتماع الشمس والقمر، بالنسبة إلى الانسان الذي كان يميز بينهما، قال تعالى: “فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ ﴿7﴾ وَخَسَفَ الْقَمَرُ ﴿8﴾ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ”﴿9/ القيامة﴾.

والنجوم لها أفول، تطلع وتغيب، وكل ما ينجم يأفل، الشمس تأفل، وكل ما لا ساق له من النبات يُسمَّى في اللغة العربية نجماً وهو يأفل إذ ينبت ويرتفع قليلا ثم ييبس حتى يصير هشيماً تذروه الرياح، كذلك البَشر ينجمون ثم يأفلون، فلكل حقبة زمنية نجومها من البشر، قادة، علماء، أدباء، مفكرون، مخترعون، فنانون، سياسيون، مقاتلون، وسوى ذلك هؤلاء يسطع نجمهم بُرهة من الزمن ثم يصير أمرهم إلى الأفول، فيصبحون ذكرى إن تذكرهم الآتون من بعدهم.

وحدهم صُنَّاع الحياة الإنسانية هم الذين لا يأفلون، أبدانهم مفقودة لكن آثارهم تبقى مشهودة في الآخِرين، مشهودة في الأجيال التي تعقبهم، العلماء، والقادة الصالحون والشhداء هؤلاء لا يموت أثرهم ولا تأثيرهم، يبقون أحياء ولكننا لا نشعر بحياتهم، أحياء حاضرون يؤثرون في الأحداث ويصنعوها.
✍ السيد بلال وهبي
فجر يوم الأحد الواقع في: 11/8/2024 الساعة (04:10)