دور المرأة في الأسرة والمجتمع أسمى من دور الرجل
رسول حسين ||
” فكر الأمام الخميني قدس عن الأسرة الفاضلة ”
إنّ الناظر في حقيقة الإسلام، المتمثّل بالقرآن الكريم وسنّة النبيّ صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام، يجد أنّه مشروع حضاريّ، جاء بنحو ثوريّ، ليُغيّر البنى العقديّة والقِيَميّة والتشريعيّة التي قام عليها المجتمع الجاهليّ، فَليس الإسلام مجموعةً من الأحكام المتناثرة التي لا ناظم لها، بل إنّه منظومة مُحكَمة متكاملة، وهذا ما أكد عليه الأمام الخميني قدس سره في فكره واطروحاته عن الأسرة الفاضلة، فقد سعى جاهداً في كشف النهج الجامع لهذا الدِين، فكان الإمام الخمينيّ قدس سره الفقيه والفيلسوف الأخلاقيّ الذي قدّم نهجاً كاملاً على المستويَين النظريّ والعمليّ لدور الأسرة في المجتمع ودور الأم في الأسرة، ونجح بتوفيق إلهيّ عظيم يكاد يكون إعجازيّاً في تثبيت أسس معينة ساعدت في بناء الأسرة وبالتالي بناء مجتمع ناجح.
بالنظر لما تتمتع به الاسرة، منذ القدم، من مكانة اجتماعية رفيعة وبما تلعبه من دور هام جداً في تشكيل واستمرارية وسلامة المجتمع، فقد كانت الحجر الاساس في تكوين المجتمعات الانسانية الاولى، مما لفت اليها انظار المصلحين والقائمين على هداية المجتمعات وحُماة الانسان ورفعته الحقيقيين، اَيْ الانبياء الالهيين الذين كان واجبهم صياغة وتعالي الانسان، لقد وضع الدين الاسلامي المبين تعاليم جمّة، هامة في هذا المجال، واعطى مجموعة الاسرة، قداسة خاصة وقِيَماً معنوية رفيعة، ووجّه اهتماماً خاصاً لتشكيل الاسرة، مما بعث على تواجد وظهور مباحث كثيرة، شاملة ودقيقة، وعرض مناهج وارشادات، فيما يتعلق باختيار الزوج ومسألة الزواج، كأول حجر لبناء تكوين العائلة وتواجدها، كذلك للاسلام رأي صريح بحظانة الأطفال ودور الأم الحاظنة و وظيفتها الإلهية النبيلة في تربية الابناء ورعايتهم، مما يدل على رؤية الاسلام حول ذلك، على انه امر مؤكد، مقدس، رئيسي وطبيعي بصورة كاملة من هذا المنطلق، يرى الامام الخميني قدس سره باعتباره احد علماء الاسلام، ان الدين بما يتضمنه، اصدق واكمل برنامج حياة فردية واجتماعية، لتلبية احتياجات الانسان الغريزية والفطرية، سواء في الدنيا او الآخرة.
أن الاسلام قد وضع برنامجاً دقيقاً ومفصلًا لحياة الانسان الفردية بدءاً من الفترة السابقة لولادته، ومروراً بجميع المراحل التي يمضيها ضمن العائلة، كما وضع البرامج لمجتمع العائلة، وعين الاحكام والقوانين لكل جوانبها ومراحلها، ثم يتابع الانسان بعد خروجه من العائلة للدخول في مجال التعليم، وحتى دخوله المجتمع الكبير، ووضع القوانين التي تنظم حياة المجتمع المسلم، بل وحتى القوانين والبرامج التي تنظم علاقة الدولة الاسلامية مع سائر الدول والشعوب، كل ذلك له أحكام في الشريعة المطهرة، بالطبع ان نسيج الحياة الاجتماعية، يتحقق بمسألة الزواج، فهو امر فطري لدى كافة المخلوقات، تحتاج اليه، للركون الى شريك، خلال الحياة، اِلاّ ان ذلك في الاسلام، يحظى بقيمة معنوية خاصة، لتثبيت اساس العائلة واستمرارية وبقاء تواجد جيل بعد أخر، كواجب هام جداً، ادّى الى وضع لوائح واصدار اوامر شاملة، تطرق اليها سماحة الامام.
حدد الاسلام لكل من الوالدين قبل زواجهما الشروط التي يجب توفرها في الطرف الآخر، والسبب هو أن هذين الزوجين هما منشأ ظهور فرد واحد أو مجموعة من الأفراد، والإسلام يريد أن يكونوا من الصالحين في المجتمع ولتحقيق ذلك يحدد الصفات اللازمة في الزوجة والزوج والأعمال والأخلاق التي ينبغي توفرها على الأسرة التي تربيا فيها، ويحدد أسلوب تعاملهما بعد الزواج وآداب الولادة وحضانة الطفل، والهدف من كل هذه الآداب هو أن تكون ثمرة هذا الزواج موجوداً صالحاً للمجتمع وليتم بذلك إصلاح أوضاع العالم كله. هذا ما تقوم به شريعة الإسلام الهادفة إلى تربية الإنسان الحقيقي، ولذلك بدأت بالتمهيد لذلك حتى قبل انعقاد نطفته، فمدّت توجيهاتها لما قبل الزواج وآدابه، ثم عينت آداب الولادة وما بعدها خلال الرضاعة ومعاملة الوالدين للطفل رضيعاً وصبياً في المدرسة الابتدائية وصفات معلميه ومربيه فيها، ثم توجه الخطاب إليه هو نفسه عند بلوغه الاستقلال والاعتماد على نفسه، فشرعت الأعمال والفرائض التي يجب عليه القيام بها، والهدف من كل ذلك هو أن يتربى جميع أفراد المجتمع تربية صالحة، وبالطبع لم يتحقق ما أراده الإسلام إلا الشيء القليل ولو تحقق كلّ ما أراد، لما كانت السرقات أو الخيانات أو نظائرها الموجودة الآن ولما اعتدى أحد على آخر. إن ما نطالب به هو تحقق هذه الأهداف.
وبالحديث عن الاسرة والمجتمع، أننا اليوم أمام مفترق طرق بحادثة مفتعلة المراد بها تشتيت الاسرة المسلمة، وهذا مانشاهده اليوم من سن قوانين دخيلة على المجتمع الإسلامي والانظمة الإسلامية أهمها هوه سلب حق الأم بحظانة اطفالها وهذا مايخالف الشريعة الإسلامية، وعند العودة لفكر الأمام الخميني قدس سره بهذا الموضوع، فالامام الخميني قدس سره كان يؤكدعلى دور الاب والام في الاسرة المفضلة، اِلاّ انه يرى ان للأم دوراً بالغ الأهمية، وكدليل على ذلك، نذكر نموذجين لرؤية سماحته في هذا الحقل، دور المرأة في المجتمع أسمى من دور الرجل، لأن النساء فضلًا عن كونهن فئة نشيطة في جميع النواحي، فإنهن يربين الفئات الفعالة الأخرى في أحضانهن، خدمة الأم للمجتمع أعلى من خدمة المعلم وهي أعلى من خدمة أي شخص آخر وهذا هو ما كان يريده الأنبياء، الأنبياء كانوا يريدون أن تكون النساء فئة تربي المجتمع وأن تقدم للمجتمع نساء ورجالًا أبطالًا، ويعتبر حضن الأم خير مدرسة يمكن للطفل أن يتربى فيها، فما يسمعه الطفل من أمّه غير الذي يسمعه من معلمه، فهو يتقبل من أمه أكثر مما يتقبله من أبيه أو معلمه، ولذلك فإن وظيفة الأم وظيفة إلهية إنسانية نبيلة ألا وهي تربية الإنسان.
اخيرلً و بالمقارنة مع المدارس البشرية غير الالهية، فان سماحة الامام قدس سره، يرى، انّ مهمة المدارس الالهية هي القيام بصياغة الانسان وتربية على كافة الاصعدة، من خلال الاحكام لتنظيم الأسرة والمجتمع.