الاثنين - 09 سبتمبر 2024

لماذا هادن الإمام الحسن ولم يهادن الإمام الحسين ؟! 

منذ 4 أسابيع
الاثنين - 09 سبتمبر 2024

الشيخ حسن عطوان ||

🖋 يسأل كثيرون عن الدافع الأساس لما يُعرَف تاريخياً بصلح الإمام الحسن ( عليه السلام ) ؟؟

وهل هناك إختلاف في المزاج بين الإمامين ؟!

🖋 الجواب :

أولاً : هي هدنة مؤقتة ولم تكُ صلحاً ، إذ الصلح عبارة عن إغلاقٍ لكل الملفات أو أهمها على الأقل ، والحال أنّه لم يُغلَق شيء بين إئمتنا وبين بني أمية ، فهما على طرفي نقيض ، ديناً ومنهجاً وخُلُقا .

إنّما الذي حصل هو ايقافٌ لمعركة ، ايقافٌ لأحد فصول الحرب في هدنة مؤقتة .

والتعبير بالصلح رسخه مؤرخوا المدرسة الاخرى .

وثانياً : الظروف التي أحاطت بالإمام الحسن ( عليه السلام ) هي التي دفعت به للموافقة على الهدنة ؛ إذ الأمّة لم تكُ واعية لأهداف بني أمية في زمنه عليه السلام ، الأمة لم تكُ تُفرّق بينه ( عليه السلام ) وبين معاوية ، بل لم تكن تُفرّق بين معاوية وبين ابي الحسن ( عليه السلام ) من قَبْل ، ولذلك فرضت على الإمام التحكيم ، بل وفرضت عليه المفاوض المنحرف عن خطه أو الجاهل على الأقل ، أعني أبا موسى الأشعري .

حتى الإمام الحسين رفض الثورة بعد إستشهاد الإمام الحسن سنة ( 50 ) هجرية ؛ لأنَّ الظروف لم تزل غير مهيئة .

لو لم يؤجل الإمام الحسن المعركة لكانت ستبدو صراعاً على سلطة ، والإمام أراد بالهدنة أنْ يكشف للأمة زيف معاوية وبني أمية عموماً .

وفعلاً قد تحقق ذلك ..
حيث اكتشفت الأمة ذلك الزيف والخداع .

كثير من النصوص تشير الى أنَّ الغالبية من الناس في زمن امير المؤمنين لم يتفهموا مبدئية المعركة ، وكانوا يناقشون ويتثاقلون ، إلّا القلة المخلصة من أصحاب الإمام ، وهكذا الحال في زمن الإمام الحسن ، إذ لم يكن معاوية حينها قد نزا على منبر مسجد الكوفة ، ليقول :
” ما قاتلتكم لتصلوا أو تصوموا ، إنّما قاتلتكم لأتأمر عليكم ” .

ولم يكن قد قتل عمرو بن الحمق وحجر بن عدي .

ولم يكن قد أمر بقطع عطاء كل مَن يوالي علياً ، بل وهدم داره !

ولم يكن قد نصَّب يزيد على رقاب الناس .

نعَمْ بعد أنْ فعل كل ذلك ، وبعد فوات الآوان فهمت الأمّة مَن هم بني أمية .

ولكنّها حين وعت ، كانت قد أصيبت بمرض آخر !

إذ أُبتليتْ بخوَر إرادتها وإنهزاميتها .

ينقل الطبري : أنّه بعد أنْ بايع أهلُ الكوفة مسلم بني عقيل ، كانت المرأة أمّاً أو اختاً أو زوجة تأتي لتدعو اخاها أو زوجها أو ولدها للإنسحاب من نصرة مسلم قائلة له :
” يكفونك الناس ” .

وهذا التبرير للإنسحاب يدل على أنَّ أهل الكوفة كانوا يؤمنون بمشروعية الثورة ، لكن كل منهم يتَّكل على غيره في ذلك !

وبهذا يتَّضح أنَّ الهدنة التي وافق عليها الإمام الحسن كانت الخطوة الأولى لتَفَهُم الأمة لنهضة الإمام الحسين ( عليه السلام ) .

وليس الفرق بين الإمامين فرق في المزاج كما يعتقد البعض ، إنّما هو فرق في الظرف والهدف ، ففي ظرف الإمام الحسن كانت الأزمة أزمة وعي ، والهدف من الهدنة كشف الزيف للأمة وإعادة وعيها .

وفي ظرف الامام الحسين كانت الأزمة أزمة إرادة ، والهدف من الثورة هز ضمير الأمة وتقوية إرادتها وترسيخ قيمة الرفض للطغيان .

وإلّا فالحسن والحسين عليهما أفضل الصلاة والسلام :

( إمامان إنْ قاما أو قعدا ) ،

أي : أنّهما ( عليهما أفضل الصلاة والسلام ) حجة علينا في موقفهما سواء نهضا بالأمر أو انسحبا ، ثارا أو لم يثورا .

عظّم الله أجوركم .

7 / صفر الخير / 1444 هج .