الاثنين - 16 سبتمبر 2024

الازمة وادارة الازمات والادارة بالازمات /1

منذ شهر واحد
الاثنين - 16 سبتمبر 2024

الباحث والاكاديمي صلاح الاكوازي ||

 

المقدمة Introduction الازمة Crisis سوف نتاول في هذه السلسلة من المقلات موضوع مهم جدا وله تماس مباشر في حياتنا اليومية الا وهو الازمة وادارة الازمات حيث يستخدم مفهوم الأزمة فى غير موضعه فى الكثير من الكتابات ويجرى الخلط بين مفهوم الأزمة وغيرها ولذا يجب إلقاء الضوء على هذه المفاهيم المختلفة . ان دول العالم الثالث والدول النامية باتت تعيش الازمات وكأنها جزء لا يتجزء من متطلبات حياتها وعلى مختلف الاصعدة لذلك يعد مفهوم الأزمة من المفاهيم الواسعة الانتشار في المجتمع المعاصر، حيث أصبح يمس بشكل أو بآخر كل جوانب الحياة بدءاً من الأزمات التي تواجه الفرد مروراً بالأزمات التي تمر بها الحكومات والمؤسسات وانتهاءً بالأزمات الدولية. بل إن مصطلح الأزمة أصبح من المصطلحات المتداولة على جميع الأصعدة وفي مختلف المستويات الاجتماعية. وعالم الأزمات عالم حي ومتفاعل، عالم له أطواره، وله خصائصه، وأسبابه، تتأثر به الدولة أو الحكومة فيتأثر به أصغر كائن موجود في المجتمع البشري. ولما للأزمات ومواجهتها من أهمية كبيرة تتطلب المواجهة… فعليه سيقوم الباحث بتوضيح مفهوم الأزمة، وخصائصها، ومراحل تطورها، وأسبابه نشوئها، وأنواعها. لم يعد السؤال المطروح على ادارة اية دولة او مؤسسة او تنظيم او اي هيكيلية ، هل يمكن ان نتعرض لازمة ؟ لانها واقعة لامحالة ، ولكن السؤال الملح الذي يطرح نفسة بدل السؤال الاول هو متى ستقع الازمة ؟. ( لكن الباحث يطرح اسئلة اكثر علمية ودقة وهي: ما هي الازمة ؟ من المستهدف من الازمة؟ ولماذا ستقع ؟ ومتى ستقع ؟ واين ستقع ؟ وكيف ستقع ؟ وماهي مداها؟ ومالذي سيحث اذا وقعت؟ ……الخ). لقد اصبحت الازمات جزءاʺ لايتجزءُ من عالمنا المعاصر مع ذلك فلا تتوفر لدى الكثير من الدول او الشركات او المنظمات اي خطط وبرامج انذار المبكر لمواجهة الازمة / الازمات ، وان وجدت فهي في اغلبها غير متكاملة وكافية. لذلك فان الاستعداد لمواجهة الازمات والتعامل معها اصبحت بحد ذاتها ميزة تنافسية وسمعة جيدة وذات قيمة للتنظيم حيث ان مثل هذة التنظيمات التي تستطيع مواجهة الازمات والتعامل معها فانها تحقق لنفسها وضعاʺ تنافسياʺ افضل من التي ليس لها مثل هذة البرامج . لاتوجد او قد لا توجد خطط ( هنالك توجهات لدى العديد من التنظيمات والهيكليات الكبيرة بان يكون لديهم برامج انذار مبكر وخطط ضد الازمات ) او برامج جاهزة لهذة التنطيمات لمواجهة والتعامل مع الازمات والدليل تكرر تعرض هذة التنظيمات للازمات بشكل متكرر. وانما يستدعي الامر اعداد خطط تتفق ومتطلبات ومعطيات كل تنظيم على حدة. الأزمة مصطلح قديم ترجع أصوله التاريخية إلى:- 1 – الطب الإغريقي – نقطة تحول بمعنى أنها لحظة قرار حاسمة في حياة المريض – وهي تُطلق للدلالة على حدوث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان، ففي القرن السادس عشر شاع استخدام هذا المصطلح في المعاجم الطبية. 2 – وتم اقتباسه في القرن السابع عشر للدلالة على ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الدولة والكنيسة. 3 – وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامها للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحوّل فاصلة في تطور العلاقات السياسية والإقتصادية والإجتماعية إن الأزمات التي تحدث في المنظمات أو المؤسسات او دول ما هي إلا تغييرات مفاجئة تطرأ على البيئة الداخلية أو الخارجية للمنظمة أو المؤسسة دون توقع لها أو فرض لتجنبها , والحقيقة التي يفترض أن نقف أمامها كثيراً كي نعيها وندركها هي عدم وجود دولة في العالم محصنة تماماً من الأزمات، حتى وإن نجت من هذه المخاطر والأهوال لسنوات عديدة ، لقد رافقت الأزمات الإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض وتعامل معها وفق إمكاناته المتاحة للحد من آثارها .. ورغم قدم هذه الأزمات عبر الحضارات المتعاقبة؛ إلا أن الاهتمام بعلم إدارة الأزمات لم يبرز إلا حديثاً نتيجة تعدد الكوارث المدمرة من ناحية، وارتفاع الأصوات التي ما انفكت تنادي بأن شيئاً ما يجب أن يتخذ تجاه الأحداث الكبيرة والمفاجئة وذلك لمنعها أو الحد من آثارها. وكثيرًا ما يقال إن كل أزمة تحتوي بداخلها بذور النجاح وجذور الفشل أيضًا ، وإن مجالات الأزمات الإدارية كثيرة ومتعددة ولا نستطيع حصرها أو تصنيفها بل يمكن القول إن الأزمات قد تأتي عن فشل مفاجئ أو عوارض أو إهمال . كما أن بعض الأزمات تحدث خارج نطاق سيطرة الإدارة ، كما وأن بعض الأزمات تحدث نتيجة تسرب معلومات هامة وأحيانًا سرية كاستراتيجيه أو خطة جديدة أو مشروع جديد إلى خارج المنظمة فيحدث عكس ما مخطط له . Crisis Definitions تعاريف الازمة المعاني اللغوية والاصطلاحية اللازمة ومن ثم مفاهيمها وذلك على النحو التالي: الأزمة لغةً: تعني الشدة والقحط، والأزمة هو المضيق، ويطلق على كل طريق بين جبلين مأزم. الأزمة في اللغة: ويقال أصابتنا أزمة، أي شدة ويقال أزمت عليهم السنة أي اشتد قحطها(مختار الصحاح ) الأزمة، والآزمة: جمع إزم وأزم وأزمات وأوزام: الشدة والضيقة. نقول أزمة اقتصادية، وأزمة سياسية..الخ . أما الأزمة اصطلاحا: فهي ” حالة توتر ونقطة تحول تتطلب قراراً ينتج عنه مواقف جديدة سلبية كانت أو إيجابية تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة”. ويعرف قاموس رندام الأزمة بأنها:” ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول تحدد في ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغيير كبير”. ومصطلح الأزمة (Crisis) مشتق أصلاً من الكلمة اليونانية KIPVEW)) أي بمعنى لتقرر (To decide). أما اللغة الصينية فقد برعت إلى حد كبير في صياغة مصطلح الأزمة… إذ ينطقونه ( Ji -Wet) وهي عبارة عن كلمتين: الأولى تدل على ( الخطر ) والأخرى تدل على (الفرصة) التي يمكن استثمارها، وتكمن البراعة هنا في تصور إمكانية تحويل الأزمة وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة. كما يعرفها فليبس بأنها” حالة طارئة أو حدث مفاجئ يؤدي إلى الإخلال بالنظام المتبع في المنظمة، مما يضعف المركز التنافسي لها ويتطلب منها تحركاً سريعاًً واهتماماً فورياً، وبذلك يمكن تصنيف أي حدث بأنه أزمة اعتمادا على درجة الخلل الذي يتركه هذا الحدث في سير العمل الاعتيادي للمنظمة”. ويعرف رضا رضوان الأزمة بأنها:” فترة حرجة أو حالة غير مستقرة تنتظر تتدخلاً أو تغييراً فورياً”. كما أن الأزمة تعني : ” نقطة تحول، أو موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة، وتحدث نتائج غير مرغوب فيها، في وقت قصير، ويستلزم اتخاذ قرار محدد للمواجهة في وقت تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة، أو غير قادرة على المواجهة “. ويعرفها بيبر Bieber بأنها:” نقطة تحول في أوضاع غير مستقرة يمكن أن تقود إلى نتائج غير مرغوب فيها إذا كانت الأطراف المعنية غير مستعدة أو غير قادرة على احتوائها أو درء مخاطرها “. أما وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر فاعتبر الأزمة بأنها: ” عرضاً Symptom لوصول مشكلة ما إلى المرحلة السابقة مباشرة على الانفجار، مما يقتضي ضرورة المبادرة بحلها قبل تفاقم عواقبها”. للأزمة تعاريف أخرى كثيرة وادناة بعض هذة التعاريف :- 1 – موقف يتصف بالحرج والمفاجأة ذو آثار مادية ومعنوية هدامة بالغة الضرر، تفتقر معالجته للاستعداد الملائم والحشد الكافي للموارد المادية والمعنوية اللازمة لمعالجته، ويترتب على عدم معالجته تفاقمه ونتائج أخرى بالغة الخطورة تتطلب أساليب ووسائل غير الاعتيادية للتعامل معها . 2 – الأزمة هي عبارة عن مشكلة معقدة يبدو ان حلها أمر شبه مستحيل بالطرق التقليدية ( هذا عندما نكون بصدد مشكلة ذات بعدين نفسي او اجتماعي او اقتصادي ) . 3 – خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام كلة كما انة يهدد هذا النظام الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها. 4 – حالة غير عادية تخرج عن نطاق التحكم والسيطرة وتؤدي إلى توقف حركة العمل أو هبوطها إلى درجة غير معتادة، بحيث تهدد تحقيق الأهداف المطلوبة من قبل المنظمة وفي الوقت المحدد”. 5 – “هي كل ما لا يمكن توقعه أو التفكير فيه من أحداث أو تصرفات تؤثر على وتهدد بقاء الناس ومنظمات الأعمال أو تلوث البيئة والحياة الطبيعية”. 6 – أورد جبر تعريفاً جيدا للأزمة أنها “تعني تهديداً خطرًا متوقعًا أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية إتخاذ القرار”. 7 – تعريفًا آخر للأزمة أوردته منى شريف بأنها موقف ينتج عن تغيرات بيئية مولدة للأزمات ويتضمن قدرًا من الخطورة والتهديد وضيق الوقت والمفاجأة ويتطلب استخدام أساليب إدارية مبتكرة وسريعة. 8 – أيضًا عرّفها عليوه بأنها توقف الأحداث في المنظمة واضطراب العادات مما يستلزم التغيير السريع لإعادة التوازن. من خلال استعراض التعاريف السابقة لمفهوم الأزمة نجد:- 9 – أنها تعني اللحظة الحرجة ونقطة التحول التي تتعلق بالمصير الإداري للمنظمة ويهدد بقائها وغالبًا ما تتزامن الأزمة مع عنصر المفاجأة مما يتطلب مهارة عالية لإدارتها والتصدي لها. 10 – الأزمة التنظيمية: هي الحدث الذي يعرض المنظمة للخطر وفي اقل تقدير يولد ضغطا هائلا على طاقات المنظمة ومواردها وقدراتها وإدارتها. أو 11 – هي الوضع الذي يواجهه المنظمة والذي لاستطيع التعامل باعتماد الطرق الطبيعية الروتينية والذي يأتي عند خطط ناتج التغير المفاجئ 12 – الأزمة بالمفهوم السياسي :هي الموقف الذي يؤدي إلى استخدام القوة العسكرية في المواجهة أو التوصل إلى حل بين الإطراف . 13 – الأزمة بالمفهوم الدولي: هي تداعي سلسلة من التفاعلات يترتب عليها نشوء موقف ينطوي على تهديد مباشر للقيم والمصالح الجوهرية للدولة . كذلك وعرفهـا جلـن سـندر Snyder وبـول ديـزينج Diesing بـأن الأزمـة الدوليـة هـي تسـلسل تفاعلي بين حكومـة دولتـين أو أكثـر فـي صـراع شـديد لا يصـل إلـى درجـة حـرب حقيقيـة ولكن يحوي بين طياته بدرجة كبيرة احتمالية نشوب تلك الحرب 14 – الأزمة بالمفهوم الاقتصادي :هي النتيجة الحتمية للنزاع القائم بين الحالفات المتنافسة والتي تحاول ان إن تكون هي الرابحة . 15 – الأزمة من وجهة نظر علماء الاجتماع : هي التي تحدث عندما يواجهه الفرد تغير في موقف حياتي يحتوي على مشكلة لايمكن حلها باستراتجيات التعامل الاعتيادية اليومية وبحيث يودي ذلك الى تمزق التوازن العاطفي للفرد . وفي العام 1937 عرّفت دائرة معارف العلوم الإجتماعية الأزمة بأنها: حدوث خلل خطير ومفاجئ في العلاقة بين العرض والطلب في السلع والخدمات ورؤوس الأموال. ولقد استعمل المصطلح بعد ذلك في مختلف فروع العلوم الإنسانية وبات يعني مجموعة الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي على تهديد واضح للوضع الراهن المستقر في طبيعة الأشياء، وهي النقطة الحرجة، واللحظة الحاسمة التي يتحدَّد عندها مصير تطور ما، إما إلى الأفضل، أو إلى الأسوأ – مثل الحياة أو الموت، الحرب أو السلم- لإيجاد حل لمشكلة ما أو انفجارها. الأزمة: هي نقطة تحول مصيرية في مجرى حدث ما، تتميَّز بتحسّن ملحوظ أو بتأخر حاد، وترتبط بتجاذبات قديمة لا بد أن تزول لتحلّ محلها ارتباطات جديدة، وتورث تغيرات كمّية ونوعية في هذا الحدث . وعرفت الأزمة بأنها (نقطة تحول في موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة، مما يهدد المصالح والبنية الأساسية، وتحدث عنها نتائج غير مرغوب بها وكل ذلك في توق قصير يلزم معه اتخاذ قرار موحد للمواجهة) . ( ميهوب ، ٢٠٠٩ : ٣٤ ) . وتعرف أيضا بأنها حادث خطير يؤثر على أمن الإنسان أو البيئة أو سمعة المؤسسة، ويؤدي إلى سير العمل بشكل معاكس لما قرر له (5:1998,bland Michael) كما عرّف ألستار بوخان (Alastair Buchan) الأزمة في كتابه إدارة الأزمات: بأنها تحدٍّ ظاهر أو ردّ فعل بين طرفين أو عدة أطراف، حاول كل منهم تحويل مجرى الأحداث لصالحه. أما كورال بل(Coral Bill) فإنها تعرّفها في كتابها إتفاقيات الأزمة – A study in Diplomatic Management, the Conventions of Crisis : بأنها ارتفاع الصراعات إلى مستوى يهدد بتغيير طبيعة العلاقات الدولية بين الدول. – ويشير روبرب نورث ( Robert North ) إلى أن الأزمة الدولية: هي عبارة عن تصعيد حاد للفعل ورد الفعل، أي هي عملية انشقاق تحدث تغييرات في مستوى الفعالية بين الدول، وتؤدي إلى إذكاء درجة التهديد والإكراه، ويشير نورث إلى أن الأزمات غالبًا ما تسبق الحروب، ولكن لا تؤدي كلها إلى الحروب إذ تسوّى سلميًا أو تجمّد أو تهدأ، على أنه يمكن دراستها على اعتبارها إشتراك دولتين أو أكثر في المواجهة نفسها. – كما يعرّفها جون سبانير ( John Spanir) بأنها: موقف تطالب فيه دولة ما بتغيير الوضع القائم، وهو الأمر الذي تقاومه دول أخرى، ما يخلق درجة عالية من إحتمال اندلاع الحرب. – وفقاً لذلك فإن الأزمة: هي موقف مفاجئ تتجه فيه العلاقات بين طرفين أو أكثر نحو المواجهة بشكل تصعيدي نتيجة لتعارض قائم بينها في المصالح والأهداف، أو نتيجة لإقدام أحد الأطراف على القيام بتحدي عمل يعدّه الطرف الآخر المدافع، يمثل تهديدًا لمصالحه وقيمه الحيوية، ما يستلزم تحركًا مضادًا وسريعًا للحفاظ على تلك المصالح، مستخدمًا في ذلك مختلف وسائل الضغط وبمستوياتها المختلفة، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو حتى عسكرية. – كما تعرّف الأزمة: بأنها تهديداً خطراً أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار . ملاحظة مهمة جداʺ :يجري الخلط بين مفهوم الازمة وبين عدد من المصطلحات الاخرى ومن هذة المصطلحات هي :- مفهوم الكارثة Disaster Concept مفهوم الصراع والنزاع Conflict And Dispute Concept مفهوم الحادث Accident Concept الواقعة Incident مفهوم المشكلة Problem Concept الظاهرة Phenomenon المُسلّمة Assumptive = Admittedly المُعضلة Dilemma القضية The Issue الصدّمة Shock

يتبع ان شاء الله
في الجزء / 2
مفهوم الكارثة