الجمعة - 20 سبتمبر 2024

الازمة وادارة الازمات والادارة بالازمات /2

منذ شهر واحد
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

الباحث والاكاديمي صلاح الاركوازي ||


المقدمة : مفهوم الأزمة Crisis Concept
أن مفهوم الأزمة وخصائصها تعني اللحظة الحرجة والحاسمة التي تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي أصيب به مشكلة ما ووُجدت بذلك صعوبة حادة أمام صاحب القرار نظراً لقلة البيانات عن الأزمة.
إدارة الأزمات مسألة قائمة بحد ذاتها منذ القدم، وكانت مظهرًا من مظاهر التعامل الإنساني مع المواقف الطارئة أو الحرجة التي واجهها الإنسان بعد أن جوبه بتحدي الطبيعة أو غيره من البشر، ولم تكن تعرف آنئذٍ بإسم إدارة الأزمات وإنما عرفت تسميات أخرى مثل براعة القيادة، أو حسن الإدارة، وكانت هذه الممارسة هي المحك الحقيقي لقدرة الإنسان على مواجهة الأزمات والتعامل مع المواقف الحرجة بما تفجره من طاقات إبداعية، وتستفزّ قدراته على الإبتكار فالمفهوم البسيط لإدارة الشيء، هو التعامل معه للوصول إلى افضل النتائج الممكنة، بما يحقق مصالح القائم بالإدارة، ومن هنا فإن إدارة الأزمة تعني التعامل مع عناصر موقف الأزمة باستخدام مزيج من أدوات المساومة الضاغطة والتوفيقية بما يحقق أهداف الدولة ويحافظ على مصالحها الوطنية، وهي أيضًا عبارة عن محاولة لتطبيق مجموعة من الإجراءات والقواعد والأسس المبتكرة، تتجاوز الأشكال التنظيمية المألوفة وأساليب الإدارة الروتينية المتعارف عليها، وذلك بهدف السيطرة على الأزمة والتحكّم فيها وتوجيهها وفقًا لمصلحة الدولة وقد أصبح موضوع إدارة الأزمات على رأس الموضوعات الحيوية في العالم منذ العام 1962 والأزمة الكوبية، وتكمن أهمية هذا الحدث في تصريح وزير الدفاع الأميركي روبرت مكنمارا بقوله لن يدور الحديث بعد الآن عن الإدارة الإستراتيجية وإنما ينبغي أن نتحدث عن إدارة الأزمات.اذاً إدارة الأزمات تعني: العمل على تجنب تحوّل النزاع إلى صراع شامل، بتكلفة مقبولة، لا تتضمن التضحية بمصلحة أو قيمة جوهرية .
ملاحظة مهمة جداً :- لا شك أن هناك الكثير من المفاهيم والمصطلحات الشائعة والتي قد تتشابه مع مصطلح الأزمة في بعض خصائصها ولكنها في واقع الأمر ليست أزمة حيث يتم الخلط بينهما ونذكر منها على سبيل المثال:
أ- مفهوم الكارثة Disaster
الكارثة من كرث … بمعنى الغم، تقول: فلان اشتد عليه وبلغ منه المشقة، والكارث هو الأمر المسبب للغم الشديد.
أما قاموس أكسفورد ، فقد عرف الكارثة Disaster بأنها: ” حدث يسبب دماراً واسعاً ومعاناةً عميقةً، وهو سوء حظ عظيم”.
أما السيد عليوة، فقد قال بأن الكارثة: هي أحد أكثر المفاهيم التصاقاً بالأزمات، وقد ينجم عنها أزمة، ولكنها لا تكون هي أزمة بحد ذاتها، وتعبر الكارثة عن حالة مدمرة حدثت فعلاً ونجم عنها ضرر في الماديات أو كليهما معاً.
أما عبد الوهاب محمد كامل فقد عرف الكارثة بأنها: ” حدث مروع يصيب قطاعاً من المجتمع أو المجتمع بأكمله بمخاطر شديدة وخسائر مادية وبشرية، ويؤدي إلى ارتباك وخلل وعجز في التنظيمات الاجتماعية في سرعة الإعداد للمواجهة، وتعم الفوضى في الأداء وتضارب في الأدوار على مختلف المستويات.”
وعلى ما تقدم نستطيع أن نجمل أهم الفروقات بين مفهومي الأزمة والكارثة على النحو التالي:
الأزمة أعم وأشمل من الكارثة، فكلمة الأزمة تعني الصغيرة منها والكبيرة، المحلية والخارجية، أما الكارثة فمدلولها ينحصر في الحوادث ذات الدمار الشامل والخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات.
للأزمات مؤيدون داخلياً وخارجياً، أما الكوارث وخاصة الطبيعية منها فغالباً لا يكون لها مؤيدون.
في الأزمات نحاول اتخاذ قرارات لحل تلك الأزمات، وربما ننجح وربما نخفق، أما في الكارثة فإن الجهد غالباً ما يكون بعد وقوع الكارثة وينحصر في التعامل معها.

سؤال :- ما أوجه الاختلاف بين الأزمة والكارثة ؟

»» نتيجة التطور الهائل في العلم واستخدام التقنيات الحديثة فقد اصبح بالامكان التوقع من حدوث عدد من الكوارث الطبيعية كالبراكين والاعاصير والفيضانات …. الخ
ب- مفهوم الصراع والنزاع: Conflict And Dispute
وهو يعبر عن تصادم إرادات وقوى معينة بهدف تحطيم بعضها البعض كلياً أو جزئياً والانتهاء بالسيطرة والتحكم في إدارة الخصم.
كما ويركز مفهوم الصراع على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وينشأ نتيجة وجود تعارض في الأهداف أو المصالح أو التصرفات بين الأفراد والقيادات داخل الكيانات التنظيمية والاجتماعية المختلفة.
أما سعود عابد فقد عرف الصراع بأنه:” تضارب المصالح والمبادئ والأفكار”، كما وقسمه إلى ثلاثة أقسام:
1. الصراع الخفيف الحدة.
2. الصراع متوسط الحدة.
3. الصراع شديد الحدة.
اي ان الصراع هو حدوث شئ يترتب عليه تعرض الهيكل الرمزي للنظام لخلل أو الاضطراب ولكن ليس بدرجة تصل إلى تهديد الافتراضات الأساسية التى يقوم عليها النظام .
او خلاف او نزاع بين طرفين او اكثر وهو من الاسباب الرئيسية لحدوث الازمة / الازمات .
ج- مفهوم الحادث Accident
شيء مفاجئ عنيف تم بشكل سريع وانقضى أثره فور إتمامه وقد نجم عنه أزمة لكنها لا تمثله فعلاً وإنما تكون فقط أحد نتائجه”.
اي هو خلل يؤثر تأثيرا ماديا على النظام بأكمله ( المنظمة كلها ) .
او هو هي نشاط مادي يحدث فجاءة وينتهي ولكن يترتب علية اثر مادي او معنوي او كلاهما .
ملاحظة :- قد يوجد عند بعض الُكتّاب تداخل في تعريفي الحادث والواقعة وقد يُستّخدمان معا او احدهما بدل الاخر او الاكتفاء باحدهما.
د – الواقعة Incident
هى شئ حدث وانقضى أثره ، وهى خلل فى مكون ، أو وحدة أو نظام فرعى فى نظام أكبر .
اي هي
هي نشاط مادي يبدء وينتهي في الحال دون وقوع أضرار مثل خلاف سياسي بسيط وقد تم احتوؤه وحلها.
ه – الظاهرة :- وهي المشكلة المتكررة بين مجموعة من الناس نتيجة لعدم حلها واتخاذ القرار بشأنها.
و – المُسلّمة :- هي مشكلة ليس لها الا حل واحد فقط .حيث يقال ان المسلم به في القضية او الموضوع كذا الا كذا .
ر – المُعضلة :- هي مشكلة ليس لها حل نسبيا من حيث المكان والزمان او كليهما .وقد تجد لها حلا مستقبلا بعيدا كان او قريب
ز – الصراع :- خلاف او نزاع بين طرفين او اكثر وهو من الاسباب الرئيسية لحدوث الازمة / الازمات .
ل – القضية :- نزاع بين طرفين حول موضوع معين وقد تصل الى القضاء لحلها .
ك – الصدّمة :- شعورمفاجىء وحاد للانسان او المجتمع لموقف غير متوقع او غير مرغوب مُسلّم بامكانية وقوعة .
خصائص الأزمة
وحتى يمكن التعامل مع الموقف الخطير الذي يواجه المنظمة على أنه يشكل أزمة فلابد أن يتوافر فيه مجموعة من الخصائص.
ويرى بعض العلماء أن الأزمات تتسم بالخصائص التالية:
في رأي لويس كمفورت L . Komfort فإن هناك ثلاث خصائص للأزمة تؤدي إلى إعاقة التعامل معها ومعالجتها وهي:
1. عامل الشك أو عدم التأكد Uncertainty
2. عامل التفاعل Interaction
3. عامل التشابك والتعقيد Complexity
ويضيف الصباغ إلى الخصائص السابقة:أن الأزمة تساعد على ظهور أعراض سلوكية مرضية مثل:-
1) القلق،
2) فقدان العلاقات الاجتماعية،
3) شيوع اللامبالاة،
4) وعدم الانتماء.”
أما السيد عليوة فيرى أن أهم خصائص الأزمات ما يلي:
1. نقطة تحول تتزايد فيها الحاجة إلى الفعل المتزايد ورد الفعل المتزايد لمواجهة الظروف الطارئة.
2. تتميز بدرجة عالية من الشك في القرارات المطروحة.
3. يصعب فيها التحكم في الأحداث.
4. تسود فيه ظروف عدم التأكد ونقص المعلومات ومديرو الأزمة يعملون في جو من الريبة والشك والغموض وعدم وضوح الرؤية.
5. ضغط الوقت والحاجة إلى اتخاذ قرارات صائبة وسريعة مع عدم وجود احتمال للخطأ لعدم وجود الوقت لإصلاح هذا الخطأ.
6. التهديد الشديد للمصالح والأهداف، مثل انهيار الكيان الإداري أو سمعة وكرامة متخذ القرار.
7. المفاجأة والسرعة التي تحدث بها، ومع ذلك قد تحدث رغم عدم وجود عنصر المفاجأة.
8. التداخل والتعدد في الأسباب والعوامل والعناصر والقوى المؤيدة والمعارضة، والمهتمة وغير المهتمة… واتساع جبهة المواجهة.
9. سيادة حالة من الخوف والهلع قد تصل إلى حد الرعب وتقييد التفكير.
اما خصائص الازمات من وجهة نظر
The Crisis From The Viewpoint of Properties
((17 /2003 / الصيرفي ) (77 /2008 / عياصرة ) ( 23 /2006 / قيسي )
1 . الإدراك أنها نقاط تحول يصعب على المنظمة تحملها لمدة طويلة وبالتالي قد تفقدها توازنها بشكل قد يؤدي إلى نهايتها.
2 . مجموعة من الأحداث المتشابكة والمترابطة مع بعضها بعض ، والتي ينتج عن ترابطها ظروف جديدة
3 . التداخل والتعدد في الأسباب والعوامل والعناصر والقوى المؤيدة والمعارضة والمهتمة وغير المهتمة.
4 . تسود فيها ظروف عدم التأكد ونقص المعلومات والشك والغموض وعدم وضوح الرؤية.
5 . توفر عنصر الخطر الذي قد يؤدي إلى احتمال تصاعد الأزمة إلى مستوى المواجهة المباشرة ويفقد متخذ القرار فيه ثقته بنفسه وتصعيد حالة الخوف الذاتي لديه.
6 . مواجهة الأزمة تتطلب خروجا عن الأنماط التنظيمية المألوفة وابتكار نظم تمكن من استيعاب ومواجهة الظروف الجديدة المترتبة على التغيرات المفاجئة .
7 . تتصف بوجود درجة عالية من الشك في الخيارات المطروحة .
8 . نقطة تحول تتزايد فيه الحاجة إلى رد الفعل المتزايد لمواجهة الظروف الطارئة .
9 . تتطلب قرارات مهمة وسريعة في فترة زمنية قصيرة .
10 . تهديداً أساسياً لمصالح الكيان الإداري واستمرار في أدائه الوظيفي
اي يمكن القول بأن الازمة هي : حالة تجابهة المنظمات وتتميز ب :
Crisis : It is a State of Faced Organizations and is Characterized By
1. تدّاعي الحوادث المُهددة لكيان المنظمة في الحاضر والمستقبل
2. تهديد سمعة وامتيازات القيادات الادارية .
3. انتشار الخوف والترقب والحيرة لدى صانعي ومتخذي القرارات .
4. ندرة واختلاط البيانات والحقائق المتاحة .
5. ضيق الوقت المتاح لاتخاذ القرارات .

ان شاء الله يتبع في جزء/2
أنواع الأزمات Types Of Crisis