الاثنين - 16 سبتمبر 2024

نبوءة هَدرَت فخَلُدت..!

منذ شهر واحد
الاثنين - 16 سبتمبر 2024

كوثر العزاوي ||

كلمة قالتها كبيرة البيت الهاشمي لابن أخيها الامام زين العابدين “عليه السلام” يوم الطف:
{مالي أراك تجود بنفسك يابقية جدّي وأبي وإخوتي؟ فقال: وكيف لا أجزع ولا أهلع، وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وَوُلد عمي وأهلي مصرّعين مخضّبين بدمائهم، مرمّلين بالعراء، مسلّبين لا يكفنون ولا يوارَوْن، ولا يعرج عليهم أحد، ولايقرَبهم بَشَر، كأنهم أهل بيتٍ من الدَّيلم والخزر.!
فقالت: لايجز عنك ما ترى، فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله”صلى الله عليه وآله وسلم” إلى جدك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون بهذا الطف علمًا لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يُدرَس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، ولَيَجتَهِدنَّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلّا ظهورا وأمره إلّا علوّا}

أجل! لقد صدَقَت العقيلة زينب “عليها السلام” إذ رأت من جميل مصائبها مايفضي الى الخلود والعظمة، وها هو اليوم الذي نشاهد فيه آثار صِدق نبوءتها عبرَ مظاهر أربعينية سيد الشهداء التي لم تندثر مع وجود فراعنة أهل الأرض في كل عصر منذ واقعة الطف، ومع تجدد الذكرى، تجد اولئك في كل عام، لم يألوا جهدًا للحيلولة دون إحياء هذه الذكرى الفاجعة، فقد تؤلمهم مشاهـد المليونية الأربعـينية، ويُغيظهم تَوحّد الجنسيّات والقوميات، وتباين الألسن والألوان، والكلّ مُنضَوٍ تحت راية الحسين جامع قلوب الأحرار، وبارتفاع راياته يرتفع هدير التحدّي الحقيقي بهتاف “لبيك ياحسين”رغم مايجري ويشاع ومايحدث من حوادث هنا وهناك، بهدف العرقلة وإعاقة عجلة الحشود الزاحفة صوب قبلة العاشقين، وتأبى إلّا الوصول بشتى وسائط النقل المادية والمعنوية، الحديثة منها والقديمة، وهو مايُنبئ عن قوة خفية تزوّد الأرواح بالطاقة ، ويَدٌ غَيبية عطوفة تدفع بالعشاق لتضاعفَ القدرة على تحمل وَعثاء السفر، وتختزل المسافات المؤدية الى مركز النور الأعظم عند حرم سيد الشهداء “عليه السلام”! لترسم حال وصولها أضخم لوحة للوفاء، توضّح المعاني التي تحمل رسالة الوحدة والتكاتف، وتؤكد لُحمَة الانتماء للاسلام المحمديّ الأصيل، والتمسك بالعروة الوثقى، عِبر مظاهر البذل والعطاء في طريق الزائرين، اذ الأبواب مشرّعة،وبيوت الموالين مُفتّحة، مؤتمر هنا ومعارِض التبيين والتثقيف هناك، وسرادق الضيافة ومراثي العزاء تصدح في كل مكان، وفي الشوارع وعلى أعمدة الأضواء صور الشهداء رموز تذكرة وفداء في طريق الحسين، يافطات الدعم الحسينية للمظلومين في غزة، والمستضعفين في العالم، ومعالم العشق براياتها تلوح في الأفاق وحيثما تسير، في الأزقّة والحدائق والمتنزهات والأرصفة وعلى الأسطح والبنايات والسيارات، من شرق العراق إلى غربه وشماله وجنوبه ومحاور حدوده! وكأنّ كل شيء يقول: أيها المتربّصون وفّروا جهدكم وأموالكم، وأوقِفوا عجلة محاولاتكم لتعطيل مسيرة العشق والتحَدي، أنّى وقد فقِهَ أصحاب الهِمم وذوي الإخلاص، ماأعدّ الله من مِنحِ الخير قبال كل صعوبة يلاقونها في درب حب الحسين”عليه السلام” وخدمة زواره فلا يقطعون واديا، ولا يسيرون زمنًا، إلّا كُتِب لهم به عمل صالح في ذهابهم وإيابهم، وماوراء الخطوات قربٌ وقرة عين، فعلامَ الّلهث أيها الحمقى، أَوقِفوا عجلة مكائدكم، ووفروا جهدكم فالقافلة بعين الله تسير وستبقى حتى ظهور المدّخر بأخذ الثأر، القائم بالحق الإمام المهديّ المنتظر “عجل الله فرجه الشريف”.

٦-صفر ١٤٤٦هج
١١-آب- ٢٠٢٤ميلادي