الأحد - 15 سبتمبر 2024

العمامة بين القيادة الدينية والمسؤولية السياسية ـ التحديات والنماذج الناجحة..!

منذ شهر واحد
الأحد - 15 سبتمبر 2024

سراج الموسوي ||

 

في المجتمعات الإسلامية تُعتبر العمامة رمزاً دينياً عميق الدلالة حيث تعكس المكانة الروحية والقيادية لرجل الدين في العراق وكثير من دول المنطقة يدخل المعممون أحياناً إلى الساحة السياسية حاملين معهم تطلعات ومهام مزدوجة الحفاظ على القيم الدينية وتوجيه المجتمع نحو الصالح العام ومع ذلك تواجههم تحديات كبيرة قد تؤدي إلى انسلاخهم من أدوارهم الدينية وتحولهم إلى سياسيين حصرًا ما قد يؤثر سلباً على الثقة التي يمنحها لهم المجتمع.

العمامة بين الدين والسياسة

عند دخول المعمم إلى ميدان السياسة يتطلب الأمر منه التوازن بين دوره الديني والتزاماته السياسية التحدي هنا يكمن في المحافظة على المبادئ والقيم الدينية التي نشأ عليها وعدم الانجرار إلى المساومات السياسية التي قد تتعارض مع تلك المبادئ في كثير من الأحيان يؤدي هذا الانخراط العميق في السياسة إلى تحول المعمم إلى سياسي صِرف مما يعزز من رؤية البعض الذين يحذرون من دمج الدين بالسياسة حيث يرون أن ذلك قد يؤدي إلى فقدان العمامة لدورها الأصيل كمصدر للتوجيه الروحي والأخلاقي.

نماذج ناجحة للقيادة الدينية والسياسية

رغم هذه التحديات هناك نماذج ناجحة لرجل الدين الذي استطاع أن يجمع بين القيادة الدينية والسياسية بنجاح السيد حسن نصر الله في لبنان هو مثال بارز في هذا السياق نصر الله لم يتخلّ عن دوره الديني بل عزز من مكانته من خلال قيادته للمقاومة حيث أدار هذا الدور بذكاء وحكمة مما جعل العمامة رمزاً للقوة والمقاومة ضد الظلم والاحتلال.

الإمام الخامنئي دام ظله في إيران يُعد نموذجاً للقيادة التي جمعت بين الدين والسياسة بنجاح. الإمام الخامنئي بصفته مرجعاً دينياً وقائداً سياسيا وثقافيًا استطاع أن يحافظ على هوية الثورة الإسلامية ويعزز من مكانة بلاده إقليمياً ودولياً إن قدرته على الدمج بين القيادة الدينية والسياسية جعلت منه شخصية ذات تأثير واسع ليس فقط داخل إيران بل في العالم بأسره.

وفي العراق كان السيد محمد باقر الصدر من أوائل الذين تصدوا لهذه المهمة حيث أسس فكراً سياسياً ودينياً متكاملاً وضع الأسس لحركات إسلامية كثيرة رغم الظروف الصعبة التي عاشها بقي السيد الصدر نموذجاً للقيادة الدينية والسياسية التي تُحترم وتُحتذى.

تحديات التمثيل الديني في السياسة

مع ذلك ليس كل من ارتدى العمامة قادر على تحمل مسؤولية القيادة السياسية دخول شخصيات غير مؤهلة إلى هذا المجال تحت عباءة الدين يمكن أن يؤدي إلى تشويه صورة العمامة وتقويض دورها في المجتمع. هذا التداخل بين القادرين على تمثيل العمامة بشكل صحيح وبين من ليسوا في مقامها أدى إلى بروز مشاكل وتشوهات في رؤية المجتمع للقيادة الدينية.

الكثير من العلماء الثقات الذين يمتلكون القدرة على التصدي للعمل السياسي فضلوا الابتعاد عن هذه الساحة لتجنب الدخول في معترك مشوه بسبب سوء تمثيل البعض هذا الابتعاد يؤثر سلباً على المجتمع حيث يفقد قدرته على الاستفادة من خبرات ورؤى هؤلاء القادرين على تقديم القيادة الحقيقية.

العمامة: رمز للقيادة الصحيحة

من الضروري أن ندرك أن العمامة إذا ما ارتداها الأشخاص المؤهلون تمثل الوجود الأصح والأقوى لقيادة الأمة هؤلاء القادرون هم من يمكنهم توجيه المجتمع نحو أهدافه الدينية والسياسية متجنبين الوقوع في فخاخ السياسة التي قد تفسد الروحانية والقيم الدينية لتحقيق ذلك يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي بضرورة اختيار القادة الدينيين الذين يمتلكون القدرة الحقيقية على التوازن بين الدين والسياسة والذين يستطيعون تحمل المسؤولية بأمانة وإخلاص.

العمامة ليست مجرد قطعة قماش تُوضع على الرأس بل هي رمز لمسؤولية كبيرة تتطلب من حاملها أن يكون على قدر من العلم والحكمة والتفاني وإذا ما أحسن المجتمع اختيار من يمثلها فإن العمامة ستكون دائماً القائد الأصدق والأنسب لقيادة الأمة نحو مستقبل أفضل.