الزيارة الأربعينية معلم من معالم الظهور الشريف..!
علاء الساعدي ||
تعتبر زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في العشرين من صفر المسماة بالزيارة الأربعينية؛ إحدى العلامات الخمس للمؤمن، حيث ورد في حديث الإمام العسكري (عليه السلام) أنه قال: علامات المؤمن خمس، صلاة إحدى وخمسين (أي الفرائض اليوميّة وهى سبع عشرة ركعة والنوافل اليومية وهي أربع وثلاثون ركعة) وزيارة الأربعين والتختم باليمين، وتعفير الجبين بالسجود والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
مصباح المتهجّد: ٧٨٨، تهذيب الاحكام ٦/ ٥٢ ح ٣٧ من باب ١٦.
الزيارة الأربعينية لها منزلة خاصة، من بين الزيارات المخصوصة للإمام الحسين (عليه السلام) نتيجة لبعدها الإيماني العميق والبعد المعنوي والستراتيجي في قلب كل موالٍ للنهج المحمدي العلوي الفاطمي الحسني الحسيني، حيث أنها ترسّخ في النفوس مسار الحق الإلهي الذي جعله في محمد وآله الأبرار، حيث الإسلام الحقيقي الذي خرج من أجله سيد شباب أهل الجنة، لأجل الإصلاح في أمة جده، ولولا خروج أبي الأحرار لما استقام الدين إلى اليوم، ولكان دينا آخراً بعيداً كل البعد عن الإسلام الإلهي، ولانحرفت كل جادة الحق عن مسارها، ولتوطنت كل أساسات الظلم والعبودية والاستبداد في المجتمعات عامة، فالحسين ثورة إنسانية عميقة، تحمل مدلولات عظيمة لكل البشرية بكافة اديانهم وطوائفهم، وكل الزيارات لجميع الأئمة تحمل العمق النفسي والارتباطي بالعقيدة الحقة، بنهج الإسلام الحقيقي الذي ما كان ليبقى إلا بشهادة السبط أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ولهذا ترسخت مقولة إن “الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء” في عمق الضمير والوجدان لكل مؤمن ومؤمنة على نهج الإسلام الحقيقي المرسوم بمحمد وآله الأطهار.
حيث ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): كأني بالقصور وقد شُيدت حول قبر الحسين عليه السلام، وكأني بالأسواق قد حفّت حول قبره، فلا تذهب الأيام والليالي حتى يُسار إليه من الأفاق، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان.
بحار الأنوار- العلامة المجلسي- ج ٩٨- الصفحة ١١٤.
زيارة الأربعين تعطي انطباعاً حيَّاً عن ركيزة من ركائز التهيئة للإمام صاحب العصر والزمان أرواحنا لمقدمه الفدى، ومظهر من مظاهر التمهيد، وتبين الطريقة عن كيفية بذل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم لخدمة إقامة دولة العدل الإلهي عند الظهور الشريف، فالمواكب والهيئات الحسينية ستكون أساساً من أسس التوطئة لدولة آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم) وما يقدمه المؤمنون من خدمة في هذه المواكب، يمثل أنموذجاً حياً لما يبذل في التهيئة لظهوره الشريف، وذلك بعد أن انقضى زمان حكم الجور والظلم، من حكم بني مروان “حكم العفالقة الأمويين” في أرض أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
ها هو ذا قبر الحسين (عليه السلام) منار للاحرار وقبلة للثوار، إذ يأتي إليه المؤمنون المخلصون من كل بقاع العالم، ويسار إليه من الآفاق ليعلنوا وبصوت عارم “يا لثارات الحسين” في ملحمة تمثل بيعة إيمانية ممهدة للقائم من آل محمد لإرساء دولته دولة العدل الإلهي المنتظر، التي ستمحو آثار ظلم الظالمين وجور الجائرين، وتقضي على ذراري القتلة المجرمين على مر العقود والسنين، لينبثق نور الله في أرضه ولو كره المشركون.