تجربه حكم تتعدى الحد المسموح به سياسيا..!
حسن درباش العامري ||
كاتب ومحلل وناقد سياسي
ابتدأت تجربة الحكم الديمقراطي في العراق بعد تغيير نظام الحزب الواحد الذي انفردت به مجموعه من البعثيين بعد الثوره الانقلابيه في 8 شباط 1963 التي قام بها ضباط بعثيون. ثم أبعدوا عن الحكم في حركة 18 تشرين الثاني 1963 . عاد الحزب إلى الحكم بعد انقلاب حركة 17 تموز 1968 التي اطاحت بالرئيس عبد الرحمن محمد عارف ، وبقي مسيطراً على الحكم حتى عام 2003م عندما أزاحته القوات الأمريكية عن السلطة وقامت بحظره سلطة الائتلاف المؤقتة التي جاءت بعد الغزو الأمريكي للعراق.فرضت الولايات المتحده ال الديمقراطي ونظام الحكم البرلماني ،الذي يجعل من رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول الاول للسلطة التنفيذيه مع الفصل النسبي بين السلطات ..
ليتسلم مرشح الكتلة البرلمانيه الاكبر زمام الامور التنفيذيه ،ومن هنا كان المكون الشيعي هو من يمسك تلك السلطه بأعتباره المكون الاكبر في العراق ،لتوسم الحكومه العراقيه بوسم الحكومه الشيعيه …رغم ان تكوين تلك الحكومة يخضع لمبدأ مستحدث ذلك هو مبدأ التوافق والمحاصصه من خلال اتفاق جميع الكتل على كيفية توزيع المناصب بحسب عدد مقاعد نواب كل كتله في البرلمان العراقي ،ولم يطبق مبدأ الاغلبيه السياسيه ، هذا المبدأ الاخطر على حاضر ومستقبل العراق ،من خلال تولد مبدا جديد وهو السكوت المتبادل عن فساد كل من الكتل ..ومع الغاء هيئاة مهمه كانت تعمل على الرقابه الماليه والتدقيق في الحسابات الختاميه لتحول دون هدر الاموال العامه كما يحصل اليوم من ان احد المدراء العامين يهدر 93540000 مليون دينار تحت بند شراء رايه !! هذا كمثال وهنالك ماهو اكثر فضاعه…وما يحصل من تحكم مصارف عربيه وبالخصوص الاردنيه والتركيه بمصير الدينار العراقي ومنها من يرتبط بأ،،سرا،،،ئيل وهو مؤشر على فشل السياسه النقديه والفوضويه الاقتصاديه..التي تبعد العراق تحت ضغوط خارجيه بعيدا عن المشاريع الاقتصاديه الاكثر اهميه لتوجهها باتجاه مشاريع فاشله بل ومضره كابتعاد العراق عن المشروع الاقتصادي الصيني في الحزام الاقتصادي وطريق الحرير ليتم توجيهه باتجاه التبرع بالنفط وانبوب العقبه البصره ومايسمى بطريق التنميه …
ومن الملاحظ ان غالبية الشعارات التي كنا نسمعها ونطرب لسماعها ونأنس بمسماعها لم تنفذ ،كقضيه تحديد سلم عادل للرواتب ليتمتع العراقيون بخيرات بلدهم وليستلم العراقي مرتبه حسب درجته الوظيفيه وتفوقه الدراسي الذي تثبته شهادته الدراسيه وموقعه الوظيفي وليس انتمائه الحزبي لاحزاب جديده كانت تلعن النظام السابق لافعال اقل كثيرا مما تعمل هي الان ،ثم اخترعت اوصاف جديده من اجل الاستأثار بالاموال العامه فأصبح البعض يمتلك المليارات والبعض يضرس جوعا و لتجد البعض يستلم عدد من المرتبات الكبيره والبعض لايجد فرصة عمل يعتاش منها بكرامه وبعض من امسك بوزاره ليمتلك عند خروجه اسطول طائرات ليؤسس شركات طيران كما حصل مع احد وزراء الرياضه السابقين…ليتحول الواقع الاجتماعي الى مجتمع طبقي تفصل بين طبقه واخرى سواولت ومسافات ومستويات كبيره ،والمحزن بالتجربه التي قلنا انها وصمت بالحكم الشيعي انها تجربه تتخذ من الاسلام غطاء لتكون هذه التجربه من التجارب التي تشوه الدين وتنال من المذهب ،كل ذلك يحصل مع رفض المرجعيه الدينيه العليا التي اغلقت ابوابها بوجه المسؤولين ولكنهم مصرين بالادعاء على الانتماء لها…
من الطبيعي ان نجد وبمراجعه بسيطه لكل تجارب الحكم في العالم ان يكون هنالك عمل محدد للظلم وعمر محدد للجميع انواع الحكومات وبالخصوص في العراق حينما طالت فترة الحكم البعثي بكل قوته وجبروته لخمس وثلاثين عاما ولكنها في النهايه انتهت وكذلك جميع التجارب ستنتهي ويبقى الذكرى ونقل الخبر ،ففي تجربتنا هذا ان انتهى هذا الحكم اليوم على سبيل المثال، فان ذكراها وخبرها سيكون غير جيد ومدعاة للسخريه والحزن لما الصقه بالدين والمذهب من ذكريات ..حينما يكون العراق في مقدمة الدول المنتجه والمصدره للنفط والطرق بهذا المستوى والمستشفيات بهذا الوضع المزري ومايلمسه المواطن عند مراجعة اي من الدوائر الخدميه من مطالبات بالرشوه ومايسمعه من عروض تعيين وبمقابل مادي ويكون بناء جسر بأضعاف السعر العالمي ولكنه يغلق بعد اسبوع واحد للصيانه!! ويبقى الخريجون يتظاهرون للمطالبه بالتعيينات ويبقى غالبية الشباب العراقي معطل دونما استغلال لطاقاتهم البناء ويعين عدد من الباكستانيين والبنكاليين وغيرهم بمرتبات كبيره ويعين شخص متذوق للطعام بمرتب سبعة الاف دولار! اما كان الاولى ان يعين من لايجد قوت يومه من العراقيين كمتذوق ومعروف عن العراقيين اهل كرم ويتفوقون عن الجميع بتقديم اشهى الاطباق لضيوفهم وهل يعجز هؤلاء عن تذوق صحن المساء المقدم لجناب مدير الشركه الاجنبي الذي ان دققت بنفسيته لوجده غير مكتمل الاهليه (اهبل)..
يحتاج البلد الى ثوره تصحيحيه وارشاد اخلاقي للكثير من المسؤولين ودورات في الاخلاق الدينيه للتفريق بين ماهو حلال وماهو حرام ،وتصحيح مسارات وابعاد تدخل الاحزاب عن اداره الدوله والحكومه لان دور الحزب يرشح الاكفأ وليس الاستحواذ وابعاد عوائل واخوه وزوجات وصديقات المسؤول عن ادارة الدوله وتكثيف الاجهزه الرقابيه من اجل ضمان قدر من النزاهه ….