الأحد - 08 سبتمبر 2024

الشيعة في زيارة الأربعين تحت تأثير الحسين..!

منذ 3 أسابيع
الأحد - 08 سبتمبر 2024

رسول حسين ||

إن خصوصية الأربعين هو إحياء ذكرى شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه وهذا الامر بالغ الاهمية، إذ لولا هذه الشهادة العظيمة في التاريخ، أي استشهاد الحسين بن علي وبقية شهداء كربلاء لكن بني أمية مثلما أنهم في ذلك اليوم قتلوا الحسين بن علي وأصحابه وأزالوهم واخفوا أجسادهم المطهرة تحت التراب قد تمكنوا من محو ذكراهم من أذهان جيل الناس في ذلك اليوم وفي الأيام اللاحقة، فما هي فائدة هذه الشهادة بالنسبة للعالم الإسلامي.

لا يختلف اثنان على أن زيارة الأربعين قد تحولت في كل عام إلى حدث عالمي مهم من أحداث العالم بل أكبر حدث عالمي من حيث مشاركة البشر ولم تعد هذه الزيارة مقتصرة على البعد المحلي كما كان الوضع في القرون السالفة، بل انتقلت إلى البعد العالمي، لمشاركة الناس من مختلف الأجناس والأعراق والقوميات والبلدان والأديان والمذاهب فيها، ولوجود الوسائل الإعلامية الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام الجديد التي تنقل يوميات الأربعينية وصور ملايين المشاة إلى كربلاء، مما جعل هذه الزيارة المليونية تفرض نفسها على الجميع بلا استثناء.

إنَّ الأمم والشعوب تعمل على بناء الأضرحة والنُّصب لقادتها ومضحيها لكي تزرع في النفوس روح التضحية والإيثار، وتبث في العقول افكار الحرية والإباء، وتحاول توجيه قلوب الناس لتلك الشخصيات فتلك المحاولات أحياناً تنجح وأحياناً أخرى قد تبوء بالفشل، اما من خلّده الخالق جلّ شأنه ، فآولئك الذين تهوي القلوب إليهم الذين جعلهم الله منارا يهتدي به المؤمنون وكل ذي قلب سليم، وإمامنا الحسين عليه السلام يمثل رمزا للنضال والجهاد والشهادة وزيارته في العشرين من صفر أي بعد مرور أربعين يوما على استشهاده أحدى علامات الإيمان كما ورد عن الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال، علامات المؤمن خمس صلاة الخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

إن هذا الطوفان البشري الهائل الذي يقدر بالملايين الذين يزحفون بشوق وإخلاص مشياً على الأقدام نحو ضريح الإمام الحسين وحرمه المقدس بهدف تعظيم الشعائر الحسينية، ونيل الأجر والثواب الجزيل، ينبغي أن نستذكر في هذه المناسبة وغيرها أيضاً الأهداف الحسينية العظيمة والمبادئ الإنسانية النبيلة التي ضحى من أجلها الإمام الحسين بنفسه وأهل بيته والصفوة من أصحابه وأتباعه وأنصاره، وإيصالها إلى الشعوب والأقوام الأخرى في جميع أصقاع الدنيا، إن الزيارة التي تكون عبرإيمان ومعرفة بالإمام قد تختلف عن مجرد زيارة عادية، إذ كلما كان الإنسان على مستوى أكبر من المعرفة به زادت حصيلته من الفيوضات الروحية والمعنوية، والنفحات الحسينية التي تعمق من درجة الارتباط بالله تعالى، وتنمي من حالة التدين عند الإنسان المؤمن، وتجعله أقرب إلى الله تعالى و رسوله الكريم و الإمام الحسين، إذ بدون أدنى شك أن للزيارة آثار وفوائد روحية ومعنوية كثيرة.

كيف انتشرت ظاهرة زيارة الأربعين..؟، فبعد قدوم الصحابي جابر الأنصاريّ إلى كربلاء وزيارته قبر الحسين عليه السلام، أضحت زيارة سيّد الشّهداء سنّة متّبعة على مدار العام، وتحديداً بعد حث وتأكيد الإمام جعفر بن محمد الصادق على اهمية زيارة الحسين عليه السلام والقاءمن خلال نصوص الزيارة التي ألقاها على مسامع الشيعة وبدأ الناس يتلوها في عاشوراء وفي العشرين من صفر من كلّ عام، وعلى الرّغم من القمع ومحاولة منع النّاس من إتيان مشهده في العصر الأمويّ، وتَفاوُت ذلك في العصر العبّاسيّ بحسب علاقة الحّكام العبّاسيّين بالطّالبيّين، فإنّ الموالين لأهل البيت عليه السلام والعارفين حقّهم وكرامتهم، ظلّوا يتوافدون إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين عليه السلام إلى أن هدم القبر ومُنع النّاس من الاقتراب من ذلك الموضع الشّريف، وبعد موت المتوكّل أعيد بناؤه، وأخذ الناس يزورونه على دوام السنين، ولا سيّما أنّ الأئمّة عليهم السّلام أكّدوا على زيارت الأربعين في كثير من الاقوال والاخبار.

في زيارة الأربعين التي تضم أكبر تجمع بشري عرفه العالم في وقت واحد ومكان واحد، نشير إلى أهمية الاهتمام باستثمار وتفعيل هذه الزيارة التي تحولت إلى حدث عالمي كي تؤتي ثمارها المطلوبة، وخاتمة القول يجب التركيز على الأهداف الكبيرة والعظيمة التي نهض واستشهد من أجلها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه والسعي بكل الوسائل المتاحة وكذا إبرازها على المستوى العالمي لإيصال رسالة الإمام الحسين إلى كل العالم، ومن أبرزها الإصلاح الشامل، وإقامة العدل والقسط، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفاظ على الدين وقيمه ….والله تعالى ولي التوقيف.