“باشو” الصغير والأربعينية..!
د. أمل الأسدي ||
لم يتعرض شعبٌ إلی الظلم والويلات كما تعرض الشعب العراقي في حقبة النظام البعثـي البائد، فلم يسلم من شره لا إنسان ولا حيوان ولا نبات ولانهر ولاسماء!! ولاسيما الطفولة فقد تعرضت لانتهاكات خطيرة، معتقلات وسجون وموت وتعذيب الأهل أمام أطفالهم أو العكس، وأعداد غفيرة من الأطفال ماتوا أيام الحصار نتيجة شحة الأدوية وسوء التغذية وتلوث المياه، هذا غير الأيتام والمشردين، وبقي ملف الطفولة كغيره من الملفات مخفيا، في سباتٍ وتجاهل، ولم نشهد أعمالا فنية أو أفلاما وثائقية تتحدث عن الطفولة وتعكس معاناتها وتخاطب الأجيال وتعرّفهم بالحقائق!
وبقي إعلامنا يعمل برد الفعل ويتحرك علی أساسه، بينما توثق الشعوب معاناتها، وتأريخها وعاداتها وموروثها وثقافتها، ومن ذلك الفلم الإيراني”باشو الغريب الصغير” وباشو طفل من جنوب إيران، يتعرض بيتهم الی القصف، فيحترق، ويشاهد أمه وهي تحترق، فيفر هاربا، ويختبئ في شاحنة نقل البضائع، ليجد نفسه غريبا في قرية في محافظة جيلان شمال إيران، فتبدأ معاناته في هذه القرية، إلا أن سيدة المنزل”ناي” تصر علی حمايته ورعايته، وتواجه القرية وأقاربها، وتحتفظ بالطفل في منزلها وتعامله كمعاملتها لطفليها.
لقد تركت الحرب جراحا عميقة لدی الشعبين، فبيوتهم واحدة ، هويتها واحدة، ومعاناتهم واحدة، وأنينهم واحد، ولكنّ الله تعالی سخر لهم وسيلةً علاجية شافية، تلقائية لافضل لشخص فيها، إنها الزيارة الأربعينية التي نهضت من بعد ضمورها لتصبح المؤاخاة المحمدية المعاصرة، المؤاخاة الحسينية، فوحدها الدمعة علی الإمام الحسين قادرة علی تطهير القلوب، ووحدها محبة الإمام الحسين قادرة علی رتق الجراح، ووحدها الولاية قادرة علی خلق البدايات الجديدة!
نعم… لقد منحتنا الزيارة الأربعينية بدايةً جديدة، وعهدا جديدا، ولحظةً حضارية متفردة، لهذا تراهم يكثفون الجهود في استهدافها، ويحاولون التشويش عليها باختلاق السلبيات أو إبراز سلبية من هنا، وسلبية من هناك!
ومع ذلك يخيبون ويفشلون في كل مرة، لأن الزيارة الأربعينية وعالمها واجتماعها خارج التغطية الشيطانية!