المفاوضات والخلد..!
امين السكافي ـ لبنان ||
هذه اللعبة الدائرة منذ عشرة أشهر، ولا يبدو أن موعد انتهائها قريب، فهي مجرد إضاعة للوقت بإنتظار حدث ما.
فالإسرائيلي الذي دخل هذه المفاوضات رغماً عنه، وبالتالي ليس متحمساً لها، لا يعرف ما الذي يريده منها.
هذه المفاوضات، مهما تكن نتائجها، فهي ستضر بالسلطة الحاكمة في الكيان، لأنه دخل هذه الحرب لهدفين: أولهم القضاء على حماس، والثاني استعادة الأسرى.
وهذين الهدفين لم يتحققا، بل العكس هو الصحيح. فحماس، وعلى لسان ناطقها الرسمي أبو عبيدة، أبلغ من يعنيهم الأمر أن الحركة تزداد قوة، وأنه تم تجنيد الآلاف من الشباب خلال الحرب.
أما كيف استطاعت الحركة استيعابهم وتدريبهم، فهذا يرجع لها ولفشل أجهزة مخابرات العدو. وأما الهدف الثاني، وهو استعادة المائة وعشرين أسير، فأيضاً لم يتحقق، ونحن هنا نتكلم عن عدد كبير، ليس شخصاً أو اثنين حتى نقول إنه من الصعوبة بمكان العثور عليهم، ولكنهم عدد كبير، وأيضاً يسأل عنه الجيش الصهيوني وأجهزة المخابرات والسلطة السياسية في الكيان.
ماذا يريد الكيان؟ أولاً، إطالة أمد الحرب، لأن نهايتها بأي شكل هي خسارة له. ثانياً، المراهنة على دخول وتحول جبهات الإسناد إلى حرب يستجدي من خلالها العون من حلفائه، وعلى رأسهم أميركا. ثالثاً، محاولة استجداء عطف المجتمع الدولي إذا تمت هذه الحرب وسقط له فيها مدنيون، فهذه الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها تحويل الأنظار عن غزة.
رابعاً، هو في مأزق لأنه يعلم أن هذه الحرب لن تكون نزهة بوجود المحور والراعي الرسمي له، إيران. ومشكلته الكبرى هي في حزب الله، الذي يمتلك العدد والعتاد، مما رأينا وما خفي أعظم. فهو في حيرة من أمره، يريد الدخول في حرب مع لبنان حزب الله، وفي الوقت نفسه هو خائف، وربما لا نبالغ إذا قلنا إنه متأكد من خسارتها، فيخرج من مأزق غزة ليقع في مأزق أكبر.
وهو حقاً لا يعلم إن كانت المسألة ستنتهي بدمار متبادل فقط، لأن فكرة الدخول إلى لبنان ليست واردة حتى في أحلامه، بل الخوف كل الخوف من دخول حزب الله إلى شمال فلسطين المحتلة. عندها ستكون الطامة الكبرى إن سيطر الحزب على الشمال المحتل بكل ما يحتويه من شجر وبشر ومصانع ومراكز، وهذا حزب الله وليس أي تنظيم آخر.
عندها لن يكون للطيران الحربي أي نفع، فما إن حاول الكيان، لا بد من وقوع أسرى بين يدي الحزب، مدنيين أو عسكريين. وما يدريك أنفاق العماد 4، أين هي؟ بمعنى، أين تبدأ وأين تنتهي؟ ولا أستطيع أن أفتي بما لا أعلمه، ولكنها قد تكون دخلت منذ زمن الشمال الفلسطيني. عندها سنردد، ولكن للكيان هذه المرة قصيدة مظفر: خازوق دق بأسفلهم من الجليل والمطلة حتى أو الرشراش أو تل أبيب أو إيلات.
فشباب ومهندسو الحزب كان لديهم عشرون سنة للحفر، ويظهر أنهم تفوقوا على الخلد في مهنته. فهذه الأنفاق التي رأينا، يعجز عنها خلدان المشرق، وأظن النصيحة لا تجوز للصهيوني، ولكن نقولها: كلما طال أمد المفاوضات، كلما حفر الخلد أكثر وأكثر.
أمين السكافي (لبنان – صيدا)