التغيير والاصلاح وسياسة النفس الطويل.!
ا.د عبد الحسن الجبرة الله العسكري ||
في ضوء التجارب التاريخية للدول والشعوب المختلفة ، تبرز بين الفينة والاخرى دعوات اصلاحية تتبلور فيما بعد بحكم الحركية السياسية وديناميكتها ومرونة خطابها لتأخذ صورة تنظيم حركي يستقطب دعاة التغيير والاصلاح إما من داخل الحزب نفسه او من خارجه ، مع الاخذ بالاعتبار ان طريق التغيير والاصلاح ليس مفروشا” بالورود القرمزية ، وهو اشبه بالطريق النيسمي الجبلي المتعرج ذو الحافات الخطيرة ، فالاتجاه التقليدي المحافظ صاحب القوة والسلطة والنفوذ والمال لن يقف مكتوف الايدي امام المد التغييري المحدق به ، وما ان يشعر بالتهديد الوجودي الحقيقي فتراه يسخر ويحشد كل امكانياته السلطوية والمال السياسي وادواته الاعلامية واساليبه المشروعة وغير المشروعة لاجهاض هذا الحراك التغييري وبكل الوسائل المتاحة له ، حتى لو اضطر الى القفز على المبادىء والثوابت العقائدية المتستر بها بلا وازع ديني او اخلاقي، ومن بين هذه الوسائل التسقيط السياسي او الصاق التهم الباطلة لتصل الى حد اخراج الحراك من الملة والمذهب ، وحصر القواعد الشعبية بين خيارين لاثالث لهما اما معي او تكون ضدي ، وهنا يجدر بقادة الحراك التغييري ان يمرنوا انفسهم واتباعهم على مبدأ المطاولة والصبر وانتهاج سياسة النفس الطويل والطبخ على نار هادئة ، والقدرة على التنبؤ بما سيؤول اليه الوضع وفق رؤية وقراءة معمقة للاحداث ، وليس ببعيد عنا حركة التغيير الثورية التي قادها الامام الخميني (رض) ، ورغم انها ثورة شعبية عارمة تخطت الزمان والمكان بصفتها العالمية لكننا نحاول ان نستقي منها الدروس والعبر في حياتنا اليومية ، اذ ان عمر الثورة ناهز 25 عاما” ، انتهج فيها الامام الخميني خطوات فريدة سبقت عصره بمايقارب النصف قرن من الزمان بقدرته الفذه على المطاولة والصبر والثبات على المبدأ دون ان تتزعزع عزيمته الايمانية وثقته بالله العلي القدير رغم قلة الناصر في بدايات تشكل الخط الجهادي ، وتآمر السلطة والحاشية وتوحد اهدافهما في الاطاحة بالمشروع التغييري ، وهكذا أثمرت سياسة النفس الطويل وقوة الثبات والاصرار والعزيمة عن حالات عظيمة من التجدد والحيوية بانضمام الشباب الايراني المؤمن بالتغيير والتحاقهم بالثورة العظيمة وقدوتها الحسنة المتمثلة بقياداتها العلوية الحسينية المهدوية لتشرق شمس الحرية وانبعاث دولة التمهيد المهدوي ليس على ايران لوحدها بل على ارجاء المعمورة ، واثبتت الايام والتحديات الكبيرة التي واجهت الثورة ماقبل ومابعد نجاحها انها مصداق للآية الكريمة ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين)….. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ