الرأي العام Public Opinion /1
الباحث والاكاديمي صلاح الاركوازي ||
المقدمة
اِن الراي العام هو سلاح ذو حدين فيما لو اُجيدَ او اُسيئ استخدامه فانها تقرر مصير هذا الشخص وبرنامجه ولذلك أصبح الرأي العام القوة الكبيرة في مجتمعنا الدولي الحديث و ذلك نتيجة لمجموع الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة لهذا المجتمع، فهو قوة ذات أثر كبير في حياة الناس اليومية ،فهو الذي يبني الشهرة ويهدمها ، يؤازر هيئات الخدمة العامة ويضع القوانين و يلغيها كما أنه يرعى التقاليد الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية أو يتنكر لها وينفخ في الروح المعنوية أو يثبطها كل هذا يدفعنا إلى طرح تساؤل كبير هو محاولة التعرف على الرأي العام أكثر وعن دوره في المجتمع ، وهي من الاقوى الاسلحة المادية والمعنوية التي قد يلدأ اليه اي سياسي او شخصية متنفذة يريد ان يعلن عن برنامجه للعامة ،.
ماهية الرأي العام
مفهوم الرأي العام
الرأي العام هو تعبير الجماعة أو المجتمع أو الجمهور العام عن رأيه ومشاعره وأفكاره ومعتقداته واتجاهاته في وقت معين بالنسبة لموضوع يخصه أو قضية تهمه أو مشكلة تؤرقه وهو القوة الحقيقية في المجتمع والحكم الذي تصدره الجماهير على عمل أو حادثة أو نشاط في المجال الداخلي أو الخارجي المحلي أو العالمي وكذلك التعبير عن وجهة نظر الجماعة وعن اجتماع كلمة الجماهير وصوت الجماهير وإرادة الشعب. والرأي العام هو مجموعة الآراء التي يعبر عنها أفراد الجماعة إما من تلقاء أنفسهم أو بناء على دعوة توجه إليهم تعبيراً مؤيداً أو معارضاً لحالة محددة أو شخص معين أو اقتراح خاص ما يترتب عليه احتمال القيام بسلوك مباشر أو غير مباشر وكذلك هو محصلة أراء أفراد الجماعة ويمثل صورة من صور السلوك الجماعي تمخضت عن تفاعل واخذ وعطاء بين أفراد الجماعة وبين الجماعة والجماعات الأخرى والرأي العام كنتاج جماعي يمثل الجماعة كلها معبأة للسلوك والعمل فيما يتصل بموضوع الرأي العام.
لقد حظي مفهوم الرأي العام بتفكير العديد من المؤلفين والكتاب في المجالات السياسية والاجتماعية والنفسية وذهبوا في تعريف الرأي العام مذاهب شتى اختلفت في بعض الأحيان والتقت في أحيان أخرى حول جوانب محددة من هذا المفهوم.
لإعطاء تصور واضح عن مفهوم الرأي العام ارتأينا أن نستعرض في البداية التطور التاريخي لهذا المفهوم من البداية إلى أن أصبح مصطلحاً شائع الاستعمال والتداول، فالأشياء توجد أولا ثم تعرض أسماءها،ومنها الرأي العام فهو قديم قدم البشرية، وإن كان كاصطلاح من مصطلحات العصر الحديث الذي تعددت فيه وسائل التعبير عن هذا الرأي العام من الصحيفة إلى الإذاعة إلى التلفزيون.
وعندما اكتشف الإنسان الكتابة وما رافقها من ظهور الحضارات زادت أهمية الرأي العام، فكان حكام (سومر) و (بابل) و(آشور) يقيمون للرأي العام وزناً لا بأس به، كما تكشف آثار مصر القديمة عن إدراك واضح للرأي العام وتكشف عن أساليب راقية للتأثير فيه وتوجيهه الوجهة المطلوبة مثل (تأليه) الفرعون وتقديس الكهان وتشييد المعابد وإقامة الأهرامات، ولم يكن هذا كله سوى أساليب متطورة للتأثير في الرأي العام
وكانت المدن اليونانية القديمة أول من أعطى للرأي العام مجالاً واسعاً لتنظيم شؤون المجتمع.
لقد تحدث الرومان بعد ذلك عن (الآراء الشائعة) ووصلوا إلى مفهوم (صوت الجمهور أو (صوت الشعب) ،وإن الكلمات الإغريقية (casa pfeme nomos) واصطلاح (vxo populi) تدل على رأي المواطنين الراغبين في التأثير في الأمور العامة.
ثم جاءت الحضارة الإسلامية ومن خلال القواعد التي أرستها نستطيع القول، إنها قد اهتمت بالرأي العام وأعطته سلطات كبيرة تصل إلى حد معصية الحاكم والثورة عليه، إن هو خرج عن حدود سلطته المحددة له، وقد وضع الإسلام أصولا عامة منها (مبدأ الشورى) كما اعترف الإسلام بالحقوق والحريات كحق الملكية الفردية والجماعية. وأقام الإسلام حرية الرأي وحرية العقيدة وغير ذلك من الحريات الأخرى.
وابتداء من كتابات ميكيا فيلي (1469- 1527) حدث تطور معتبر في الكيفية التي تناول الفكر الفلسفي ما يسمى (بالرأي العام)، فقد اعتبره عنصراً يجب أن يؤخذ بالحسبان في عملية الصراع من أجل السلطة.
فيما كان روسو (1712- 1778) أول فيلسوف يستخدم تعبير الرأي العام ومن أهم كتابات روسو العديدة كتابه في العقد الاجتماعي، ويمكن اعتبار الفكرة الأساسية وراء العقد الاجتماعي هو موضوع الوحدة… وحدة البناء الاجتماعي وذلك بإخضاع المصالح الخاصة للإدارة العامة. فالحكومة دورها مساعد لأن الإدارة العامة هي مجموع إرادة الشعب الذي يضع القوانين والحكومة ما هي إلاالافراد الذين يقومون بتنفيذ القوانين، وواضح أن مفهوم إرادة الشعب يشير في المعنى العملي التطبيقي إلى جوهر الرأي العام في معناه المعاصر.
في القرن الثامن عشر المسمى بـ (عصر التنوير) جاءت الثورة الأمريكية وبعدها الفرنسية كأبرز حدثين يعبران عن دور وقوة الرأي العام.
ثم جاء القرن التاسع عشر الملىء بالأحداث والتغيرات حيث قامت الثورة الصناعية، وتطورت الكشوفات العلمية واختراع وسائل الاتصال الجديدة حتى أصبح الرأي العام ذو سطوة وسلطان كبير، كان من نتائجه مطالبة العمال بوضع التشريعات التي تضمن حقوقهم ومصالحهم.
وشهدت نهاية القرن التاسع عشر كتابات (جوستاف لوبون) العالم الاجتماعي الذي كان أحد الأوائل الذين أدركوا فكرة (الجمهور) و (التكتل) الشعبي، وتأثيرها في العمل السياسي.
وأخيراً جاء القرن العشرين فتوج انتصارات الرأي العام بمزيد من الانتصارات ذلك أن ظهور الراديو والتلفزيون والسينما قد جعل هذا القرن قرن الرأي العام، وكان للحرب العالمية الأولى التي شهدها هذا القرن أثرهام في تدعيم الرأي العام فظهور الدراسات النفسية في القارة الجديدة بعد هذه الحرب التي ركزت على دراسة السلوك، قادت إلى اكتشاف أن أصل السلوك ما هو إلا بعض صور التهيؤ للعمل وأطلقت عليه مفهوم (المواقف) أو (الاتجاهات) وهذا المفهوم ليس إلا الرأي العام في جوهره، أو القاعدة التي يقوم عليها الرأي العام.
ومنذ بداية الثلاثينات بدأ ما يسمى بأبحاث قياس الرأي العام حيث تقوم هذه الأبحاث بقياس المواقف وردود الأفعال على القضايا الموضوعات التي تشهدها الحياة السياسية والاجتماعية. إن الأحداث الضخمة التي شهدها القرن العشرين والتي هزت الوجدان العالمي بأسره بدءاً من الحرب
العالمية الأولى (1929-1932) والحرب العالمية الثانية، قد أثرت بهذا الشكل أو ذاك بالرأي العام وبدوره في الحياة السياسية الوطنية والدولية ،وأصبح للرأي العام دور كبير في صياغة الأحداث وفي توجيهها وبات أصحاب القرار السياسي يضعونه في حساباتهم سواء صرحوا بذلك أم لم يصرحوا به ,, ولتوضيح مفهوم الرأي العام ذهب بعض الباحثين إلى تفسير معنى كلمتي (الرأي) و (العام) المكونة لمصطلح الرأي العام وإننا نلجأ إلى الطريقتين معاً لتوضيح هذا المفهوم ودلالته ,, فهناك من وصف الرأي العام كعاطفة إزاء موضوع معين التي يرحب بها أكثر أعضاء الجماعة اطلاعاً وذكاء، ثم لا تلبث هذه العاطفة أن تنتشر وتعتنق من قبل معظم الأشخاص الذين تتكون منهم جماعة متعلمة ذات مشاعر سوية تعيش في دولة متمدنة ومتحضرة.
فيما أعتبر آخرون أن كل ما يمكن أن يحث على عملية التفكير والإعراب عن ذلك حول قضايا المصلحة العامة يدخل في تكوين الرأي العام، وبالتالي يمثل الرأي الأكثر فعالية لأكبر عدد ممكن من المواطنين الواعين.
والرأي العام إنما يصبح ذا معنى، حين يكون متعلقاً بموقف يتخذه أفراد كثيرون يعبرون أو يمكن مناشدتهم للتعبير من خلاله عن أنفسهم في شكل تحبيذ أو تأييد أو بالعكس في شكل رفض ومعارضة لحالة محددة، أو شخص معين بالذات، أو اقتراح محدد ذي أهمية واسعة النطاق، بشرط ان يكون هذا متمتعاً بقدر كبير من القوة العددية والشدة بحيث يسمح باحتمال اتخاذ إجراء مباشر أو غير مباشر إزاء الهدف المقصود.
ويؤكد العلماء على هذه الطبيعة المائعة للرأي العام، فهو قوة حقيقية شأنها شأن الريح، له ضغط لا تراه ولكنه ذو ثقل عظيم، وهو كالريح لا تمسك بها ولكنك تحني لها الرأس متطبعاً.
والرأي جزء من منظومة متكاملة تبدأ بالمعلومات وتنتهي بالسلوك وتشمل (المعلومات والآراء والإتجاهات والقيم والمعتقدات والسلوك) وهناك تداخل بين هذه المسميات المختلفة وحسب الضرورة للتمييز بينها لمعرفة المعنى الدقيق لكلمة الرأي الذي نقصده في مصطلح الرأي العام.
تعاريف الرأي العام :- هنالك العديد من التعاريف وكلا حسب فهمه وتقديره لهذا العلم والمصطلح ،؟ ومن هذه التعاريف :-
الراي العام : هو مجرد مجموعة من الآراء الفردية ،و هو يسند إلى جمهور نوعي معين بالنسبة لاتجاهاته إزاء موضوع جدل محدد أو هو حاصل جمع الآراء الفردية ,,
والرأي العام :اصطلاح يستخدم للتعبير عن مجموع الآراء التي يتوصل إليها الناس إزاء المسائل التي تؤثر في مصالحهم العامة والخاصة,,
والرأي العام :هو اتجاه جماعة من الناس حول مشكلة معينة أو حادث معين ,,
والرأي العام : وجهة نظر أغلب الجماعة التي لا يفوقه أو يحجبه رأي أخر وذلك في وقت معين و إزاء مسألة تعني الجماعة تدور حولها المناقشة صراحة أو ضمنا في إطار هذه الجماعة ”
والرأي العام :هو الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعية في فترة معينة بالنسبة لقضية أو أكثر يحتدم فيها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمة الإنسانية مسا مباشرا ”
والرأي العام :هو رأي الأغلبية ومعنى ذلك أن هناك إمكانية لوجود آراء أخرى تختلف عنه ولكنها لا تقلل من أهميته أو إمكانية وصفه بأنه عام.
والراي العام : (مجموع معين من الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات إجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الإجتماعية إزاء نشاط الطبقات والأفراد).
والراي العام : (هو الرأي المشترك خصوصاً عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس).
والراي العام : (نتاج التفاعل بين جماعات الأفراد يتناولون بالمناقشة قضية أو موضوعاً جدليا تتعارض فيه الآراء أو تتساوى).
والراي العام : (هو كل ميول ورغبات المجتمع وما ينفر عنه).
ماهي القواعد عامة التي تحكم الرأي العام
1. الرأي العام موقف اختباري يتخذه المرء إزاء قضية مثيرة للجدل.
2. أن يكون ظاهراً، فشرط الرأي العام هو التعبير عنه.
3. يتصف بالديناميكية والحركة، أي أنه استجابة لمعطيات الحياة المتنوعة، فهو بذلك يختلف عن العقائد التي تتصف بالثبات والاستقرار.
4. الرأي العام نتاج اجتماعي لعملية اتصال متبادل بين العديد من الجماعات والأفراد في المجتمع، ويشترط وجودهأتفاقاً موضوعياً كما يفترض المناقشة العلنية لموضوع الرأي العام.
5. يستمد الرأي العام شكله من الإطار الاجتماعي الذي يتحرك بداخله.
6. إن الرأي العام يمثل آراء جمع كبير من الأفراد، وأن هذه الآراء تتصل بالمسائل المختلف عليها وذات الصالح العام، وإن هذه الآراء لا تمارس تأثيراً على سلوك الأفراد والجماعات السياسية الحكومية.
إالخصائص التي تحكم جوهر الراي العام
1. إن الرأي عمل من أعمال الإرادة وعلى هذا الأساس فإن الموقف إزاء الكوارث الطبيعية لا يمكن أن يسمى رأيا.
2. يتميز الرأي بأرتباطه بالوعي..إن الرأي يوجد عندما تطرح أمام الشخص أو أمام أعضاء الجماعة قضايا فتتجاوز بتأثيرها نطاق العواطف لتدخل نطاق الوعي وهذا التجاوز هو الذي يتيح فرصة ضمان ثبات الرأي ووضوحه.
الرأي يقسم إلى قسمين :
الرأي الشخصي : فهو ذلك الرأي الذي يكونه الفرد لنفسه في موضوع معين بعد تفكير في هذا الموضوع ويجاهر به دون أن يخشى شيئاً.
الرأي الخاص : هو ذلك الجزء من الرأي الشخصي الذي لا يجاهر به الشخص، أمام الناس ولكنه يحتفظ به لنفسه خشية أن يعرض نفسه للخطر وتظهر أهميته في الانتخابات والاقتراعات السرية.
أما كلمة (عام) : فأنها تشير إلى المسائل والمصالح المشتركة والشؤون التي يشترك في الاهتمام بها كل أو أغلب الأعضاء البالغين في جماعة أو أمة.
ملاحظة :- الباحث والكاتب يقسمه الى ثلاث اقسام وهي :-
1. الرأي العام .
2. الرأي الشخصي .
3. والرأي الخاص .
مكونات الرأي العام
الواقع أن عملية تكوين الرأي العام من العمليات المعقدة التي بجذورها في مجالات مختلفة، ويتكون الرأي العام نتيجة التفاعل بين مجموعة من العناصر الفسيولوجية و الوظيفية والاجتماعية والنفسية المتداخلة بحيث يمارس كل منها أثرها في تكوين الرأي العام وهذه العوامل هي:
1. العوامل الفسيولوجية الوظيفية :
فهناك مثلا سمات جسمية تؤثر على عقلية الفرد وأفكاره ، فالمريض تكون أفكاره عليلة، وقد تكون نظرته للحياة متشائمة ومن الدراسات الهامة في هذا المجال بحث تأثير فصائل الدم ، والعصارات القلوية والحمضية وأثرها في شخصية الإنسان ، كما أجريت أبحاث كثيرة تدور حول السمات الجسمية الأخرى مثل خصائص الجمجمة التي عني بها علماء الجريمة من أمثال لومبروزو بدراستها وقد اتضح أخيرا أن الغدد الصماء وما تفرزه من هرمونات تؤثر تأثيرا مباشرا على نفسية الفرد فعندما يزداد نشاط الغدة الدرقية مثلا يصبح الفرد متوترا وقليل الاستمرار وسريع الغضب .
2. العوامل النفسية:
هناك عوامل نفسية تؤثر في الفرد وفي سلوكه ، فقد يكون الإنسان متصفا بالحب لأن غريزة الخوف قوية لديه أو انه لم يكتسب بعد صفات التسامي والإعلاء sublimation ، وتلعب الأهواء دورا بالغ الأهمية في بلورة الرأي العام وذلك حسب الظروف السائدة ففي غمرة الحرب مثلا يتقبل الناس آراء ويعتقدون في صحتها وأهميتها، بينما يشكون فيها وقت السلم أي في الظروف العادية وحتى في الأحوال العادية يتأثر الرأي العام بأفكار لا شعورية دون أن يعرف الناس ، فاللاشعور يؤثر في توجيه أفكارنا وآرائنا بصدد عمل أو حادثة أو فكرة وذلك تبعا لخبراتنا السابقة لما مر بنا من انفعالات وصدمات.
3. العوامل الثقافية:
وهي تمثل مجموع العادات والتقاليد والقيم وأساليب الحياة التي تنظم حياة الإنسان داخل البيئة التي يعيش فيها، فأفكار الشخص الذي نشأ في بيئة مترفة غير الشخص الذي نشأ في بيئة مغايرة و للعادات المكتسبة أثناء عملية التنشئة الاجتماعية المختلفة لها أثرها على ما يصدره الفرد من أحكام ومما لاشك فيه أن الدين والتعليم والعادات المكتسبة تؤثر في نفسية الفرد وما يصدر عنه من أفكار وآراء ويتأثر الرأي العام تأثرا شديدا باتجاهات الجماعة الأولية وقيمتها، وهكذا فإن الثقافة تعد من اخطر العوامل المؤثرة في الرأي العام اتجاه موضوع معين ، ومثال ذلك أن كراهية الأمريكيين البيض للزنوج كانت نتيجة عناصر ثقافية خضعوا لها في الماضي حيث ظروف الثقافة التي يتعرض لها الطفل الأمريكي تكسبه الاتجاه العدائي ضد الزنوج.
4. النسق السياسي:
تسمح الديمقراطية بذيوع وانتشار الرأي العام ولا تعمل هيئات في الخفاء، كما تعمل الديمقراطية على قيام حرية الفكر والاجتماع والتعبير عن الرأي بين أفراد المجتمع وذلك على عكس ما هو موجود في ظل الدكتاتورية وبالإضافة إلى ذلك فان الحريات العامة وهي حرية الرأي وحرية الصحافة والكتابة وحرية الاجتماع والعمل وغيرها تعد من مكونات الرأي العام . ويعتبر وجود القادة الذين يتميزون بالقدرة على التأثير على الآخرين من العوامل الهامة في تكوين الرأي العام وذلك لما يتميزون به من قدرة على معرفة الرأي العام و معرفة بأحاسيس الجماهير وحينما تتوفر ثقة الجماهير في القادة فانه يصبح أداة قوية وفعالة في تغيير اتجاهات الجماهير والتأثير منهم وتكوين الرأي العام الذي يؤيد القضايا التي يدعو إليها.
5. الأحداث والمشكلات :
تعتبر الحوادث والمشكلات والأزمات التي يتعرض لها مجتمع معين من العوامل التي تعمل على تكوين اتجاهات جديدة للرأي العام ، فمهما قيل عن عبقرية جوبلز فالحقيقة انه لا هتلر ولا جوبلز و لا غيرهما من الدعاة والعباقرة كانوا يستطيعون تحويل ألمانيا إلى النازية دون الاعتماد على الأزمة الاقتصادية والشعور بالقلق وعدم الأمن بين صفوف الألمان فالتغيير الثوري ليس حركة فجائية تحدث في فراغ ولكنه تعبير عن ظروف موضوعية وأحداث سياسية واقتصادية واقعية ولهذه الأسباب نجحت الثورة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي و أمكن صياغة الوعي الجديد بين طبقة العمال ، وقد يكون الرأي العام مؤقتا كالذي يحدث نتيجة مشكلة بين أصحاب العمل والعمال عند مناقشة الأجور مثلا ففي هذه الحالة يزول الرأي العام بزوال المشكلة.
6. الإعلام والدعاية :
الإعلام هو العمليات التي يترتب عليها نشر المعلومات وأخبار معينة تقوم على أساس الصدق والصراحة ، واحترام لقول الجماهير وتكوين الرأي العام عن طريق تنويره ، أما الدعاية فهي العمليات التي تحاول تكوين الرأي العام عن طريق التأثير في شخصيات الأفراد من خلال دوافعهم وانفعالاتهم ومفاجأتهم بالأخبار والتهويل فيها وتقديم الوعود الكاذبة، و من هنا فان كلا من الإعلام والدعاية ووسائل الاتصال والصحافة وإذاعة ومسرح وسينما واجتماعات عامة تعد قوة ايجابية فعالة لها تأثيرها الناجح في تكوين الرأي العام فالدعاية عجلت من هزيمة الألمان في الحربين العالميتين ، كما تلجأ بعض أجهزة الدعاية السياسية إلى جعل بعض الجماعات الثانوية كالاتحادات المهنية والطلابية والجمعيات الدينية مناف داو مسارب تسري فيها الدعاية الحربية وتعزز اتجاهاتها.
7. الشائعات:
وهذه الأحاديث والأقوال والأخبار والروايات التي يتبادلها الناس و يتناقلونها دون التثبت من صحتها أو التحقق من صدقها . ويميل كثير من الناس إلى تصديق ما يسمعونه ثم يأخذون في ترديده ونقله وقد يضيفون إليه بعض التفصيلات الجديدة.
يتبع ان شاء الله/2
مراحل تكوين الرأي العام