الاثنين - 16 سبتمبر 2024

الرأي العام / 2 مراحل تكوين الرأي العام..!

منذ 4 أسابيع
الاثنين - 16 سبتمبر 2024

الكاتب والباحث الأكادمي صلاح الأركوازي ||


تعتبر ظاهرة الرأي العام ظاهرة معقدة يصعب تحليلها إلى أجزائها تحليلا بسيطا بل تتداخل مجموعة من العوامل والمؤثرات المختلفة في تكوينها ، مؤثرات سيكولوجية ترجع إلى طبيعة الفرد نفسه والى طبيعة الجماعة و تأثيرها على الفرد ، ومؤثرات سياسية ، ومؤثرات ثقافية واجتماعية تتكون من مجموعة من القيم والمعايير التي تحكم إدراك الفرد وسلوكياته. ورغم ذلك نحاول تقديم تصور للمراحل التي يمر بها تكوين الرأي العام:
مراحل تكوين الرأي العام
تعتبر ظاهرة الرأي العام ظاهرة معقدة يصعب تحليلها إلى أجزائها تحليلا بسيطا بل تتداخل مجموعة من العوامل والمؤثرات المختلفة في تكوينها ، مؤثرات سيكولوجية ترجع إلى طبيعة الفرد نفسه والى طبيعة الجماعة و تأثيرها على الفرد ، ومؤثرات سياسية ، ومؤثرات ثقافية واجتماعية تتكون من مجموعة من القيم والمعايير التي تحكم إدراك الفرد وسلوكياته. ورغم ذلك نحاول تقديم تصور للمراحل التي يمر بها تكوين الرأي العام:
1. مرحلة الإحساس والإدراك :
يتعرض الإنسان لمجموعة من المنبهات والمثيرات التي يتلقاها عن طريق حواسه، تلك الحواس التي تعد مفاتيح المعرفة واتصاله بالعالم الخارجي والبيئة الخارجية. ويبدأ الإنسان في إدراك هذه المؤثرات إدراكا حسيا ، إلا أنها لا تقف عند مجرد إدراكها عن طريق الحواس، بل يحاول الإنسان أن يدرك هذه المؤثرات كرموز ثم يعطي لهذه الرموز معنى أو معاني معينة ، ومن هذا يتضح أن عملية الإدراك ليست عملية سلبية تتلخص في مجرد استقبال انطباعات حسية ، بل يقوم العقل بالإضافة أو الحذف أو التحريف وتأويل ما يتأثر به من انطباعات حسية. والمعاني التي يخلعها الإنسان على ما يدركه من أشياء أو مؤثرات تتحدد وفقا لخبراته الماضية وطريقة فهمه للحياة ودوافعه وحوافزه. وهذا يعني أن الإدراك عملية معقدة وهي محصلة مجموعة كبيرة منم العوامل الموضوعية التي تتمثل في الأشكال الخارجية ، ومجموعة أخرى من العوامل الذاتية التي تنبع من خبراته السابقة وفي حدود إطاره الدلالي ومجموعة القيم والاتجاهات والمعايير المختلفة التي اكتسبها من البيئة الثقافية والاجتماعية و من ذلك يتضح أن عملية الإدراك لا تتوقف فقط على طبيعة المعارف والمعلومات التي يتلقاها سواء عن طريق حاسة البصر أو حاسة السمع و لكنها تتوقف على طبيعة اتجاهات الفرد وقيمه وثقافته.
2. مرحة الرأي الفردي :
وفي هذه المرحلة يقوم الفرد بالتعبير اللفظي بالإشارة عن ميوله واتجاهاته النفسية حول الموضوع أو المؤثرات المختلفة وتنطوي هذه المرحلة على عنصر الاختيار فطالما أن الموضوع المثار هو موضوع جدلي تختلف حوله الآراء بين مؤيد ومعارض فإن الفرد يحدد لنفسه موقفا معين لهذا الموضوع مؤيدا أو معارضا له و موقف الفرد حول موضوع جدلي واحد يختلف عن الموقف الذي يمكن أن يتخذه الأفراد الآخرون . وهذا يؤكد ما انتهى إليه W.Lippman من أن تصرفات الناس واستجاباتهم لا تكون نتيجة لملاحظات موضوعية عن العالم الخارجي ، بل في حقيقة الأمر مبنية على التصرفات الذاتية أو الصور الذهنية الكافية في نفوس الناس فالمؤثرات التي تحيط بالإنسان لا تكون السبب المباشر في الاستجابة للبيئة ولكن معنى هذه المؤثرات أو صورتها في ذهن الإنسان هي التي تحدث استجابة ، ويتفق ذلك مع وجهة نظر د. أحمد عزت راجح حول علاقة السلوك بالإدراك حيث أوضح أن الفرد يستجيب للبيئة لا كما عليه هي في الواقع بل كما يدركها وكما تبدو له وحسبما يفرض عليها من معنى وأهمية.
3. مرحلة صراع الفرد مع آراء الجماعة:
وفي هذه المرحلة تدور المناقشة والحوار والجدل الذي يصل إلى حد الصراع بين رأي الفرد و آراء الأفراد الآخرين في نطاق جماعة معينة أو جمهور معين ممن لديهم اهتمام بالموضوع وكل منهم يحاول الدفاع عن رأيه مستخدما في ذلك كل ما يتوفر لديه من معلومات وتلعب وسائل الاتصال دورا حيويا في ذلك عن طريق عرضها للآراء المختلفة.
4. مرحلة تحول آراء الأفراد إلى آراء الجماعة: (الرأي العام)
من خلال الحوار و المناقشة التي تدور بين أعضاء جمهور معين حول موضوع أو مسالة تشغل اهتمامهم يتم التقريب بين وجهات النظر المختلفة والمتباينة وتأخذ المناقشة في الاتجاه نحو التركيز حول رأي معين يميل إليه اغلب أعضاء الجماعة أو الجمهور النوعي الذي تقبله و يصبح هذا الرأي رأيا عاما بغض النظر عن وجود بعض الآراء الأخرى التي قد يتبناها أقلية في الجماعة أو الجمهور النوعي ، وهذه العملية تنطوي على تضحية الفرد برأيه الشخصي أحيانا لكي يتوافق مع رأي الجماعة وتتدخل في هذه العملية مجموعة من العوامل بعضها يتصل برغبة الفرد في التوافق مع الجماعة أو لتحقيق صفة الانتماء إلى هذه الجماعة أو للتعاطف مع الجماعة.

خصائص الرأي العام
1. الرأي العام هو رأي جماعي لا يشترط أن يكون رأيا اجماعيا ومعنى ذلك أن الرأي الجماعي أي رأي الجماعة أي محصلة تفاعل آراء الجماعة من مؤيدين ومعارضين على السواء. ولا يشترط في الرأي العام أن يكون رأيا اجماعيا أي انه لا يشترط أن يتوفر الإجماع التام بين أفراد الجمهور، ذلك أن الإجماع العام يكون في اغلب الأحيان مبنيا على العرف والتقاليد والعادات ، أما الرأي العام فأساسه الحوار والنقاش واحتكاك الأفكار وتفاعل الآراء، فالرأي العام كرأي موحد للجماعة ، أمر لا يمكن تصوره حتى أثناء مراحل كفاح الشعوب ونضالها من اجل كيانها وحياتها ، ويرجع ذلك إلى اختلاف الجماعات في الشعب الواحد والى وجود فروق واضحة بين أعضاء المجتمع الواحد ، وقد أكد هذا الاتجاه كل من Park وBurgess وRoss . وهذا يعني أن الرأي العام هو الرأي الغالب على ما حوله من آراء أخرى في جماعة معينة أو جمهور نوعي معين.
2. الرأي العام يظهر حينما يقع حدث معين أو تثار قضية ويتصل هذا الحدث أو تلك القضية باهتمامات ومصالح الجمهور.
3. الرأي العام يتكون ويتبلور من خلال التفاعل بين الآراء المتعارضة داخل الجماعة ، وهذا يعني أن كل فرد من أفراد الجماعة قد يكون له رأي معين بالنسبة للقضية أو المسألة المثارة إلا أن الرأي العام ليس حاصل جمع هذه الآراء ، ولكن يشترط ضرورة التفاعل والحوار والجدل والمناقشة بين هذه الآراء المختلفة ، ومن خلال هذه المناقشات يتبلور الرأي العام فهو بذلك يعد ثمرة لتفاعل آراء أفراد الجمهور حول مسالة معينة.
4. الرأي العام لا يفرض على الجماهير فرضا ،بل هو تعبير إرادي وهو رد فعل واستجابة لمثيرات معينة في المجال السلوكي للجماعة ، ويؤكد ذلك Trotski حيث يقول ” إن البعض يتهمنا بخلق الرأي عند الجماهير ، وهذا الاتهام غير صحيح وكل ما هنالك أننا نحاول صياغته وهذا يعني أن الرأي العام يظهر بصورة تلقائية فما إن تظهر مشكلة أو قضية تمس مصالح الجماهير واهتماماتهم سرعان ما يتبلور لهذه الجماهير رأي نطلق عليه الرأي العام”
5. الرأي العام يتصف بالحركة والتغير من فترة زمنية إلى فترة زمنية أخرى، وهو في ذلك يختلف عن الاتجاه الذي يتصف بالاستمرارية لفترة طويلة لاتصاله اتصالا وثيقا بالتراث الثقافي من عادات وتقاليد.

أنواع ومظاهر و وظائف الرأي العام

أنواع الرأي الـــعام
1. الرأي العام الظاهر:هو تعبير مجموعة من الناس عن اتجاهاتهم وآراءهم إزاء المشكلة تعبيرا صريحا بحيث تتوافر الحرية ولا يخشى الناس أن يعبروا عن آراءهم بصراحة مثل: الرأي العام المدين للمذبحة المرتكبة في غزة من طرف العدوان الإسرائيلي.
2. الرأي العام الباطن: هو الرأي العام الغير معبر عنه، لأن أفراد الجماعة يخشون التعبير عن آراءهم واتجاهاتهم لأنها ضد القانون أو المعايير الاجتماعية المتعارف عليها ولا شك أن المناخ الذي يحدث فيه مناخ كامن يسود فيه الخوف والقمع قد يكون لأوضاع سياسية أو لأسباب اقتصادية ( مهما كانت الأسباب التي تحول دون الإعلان عن الرأي فهذا لا يمنع من وجود رأي عام إلا أنه يبقى كامنا حتى تحين الفرصة للتعبير عنه ) .

تصنيف الرأي العام من حيث الوجود
1. رأي عام فعلي : هو الرأي العام الذي أصبح موجودا نتيجة حدوث أحداث معينة تشغل اهتمام الجمهور و يترتب على ذلك تكوين الجمهور رأيا نحو هذه الأحداث ( في هذه الحالة الرأي العام موجود فعلا ولا يمكن قياسه) .
2. رأي عام غير موجود لكنه متوقع: يطلق على الرأي العام المتوقع وجوده حينما تثار قضية ما أو حينما يقع حدث معين ، فحينما يحدث هذا الحدث في المستقبل يتكون حوله رأيا وهذا يعني أن الرأي العام ليس موجودا في الوقت الحالي ولكن من المتوقع نشأته في المستقبل .
تصنيف الرأي من حيث مدة استمراره
التصنيف الزمني :
1. رأي عام يومي: وهو الفكرة اليومية التي يعتنقها معظم الناس نتيجة لحادث مفاجىء أو كارثة حلت بالجماعة وهو رأي متقلب سريع التغيير.
2. رأي عام مؤقت: وهو محدد بعوامل زمنية تمثله منظمات معينة كالأحزاب.
3. رأي عام دائم: ويتركز على أسس تأريخية وثقافية ودينية ويمتاز هذا الرأي بأنه أكثر تأثيراً في الناس كما يمتاز بالأستقرار والثبات.
التصنيف الكمي :
1. الرأي الساحق: وهو رأي أكثرية الجماعة ويتكون غالباً نتيجة لاندفاع الجماهير وحماسها إزاء مسالة معينة ونادراً ما يكون نتيجة الدرس والبحث والرؤية.
2. رأي الأغلبية: ويمثل ما يزيد عن نصف الجماعة وهو رأي الأغلبية الفعالة ذات التأثير.
3. رأي الأقلية: وهذا الرأي يمثل ما يقل عن النصف في الجماعة ولكن ليس معنى هذا بلا قيمة فقد يضم رأي بعض الصفوة وقد يصبح أحيانا رأي الأغلبية.

تصنيف الرأي العام من حيث درجة اندفاعه
1. رأي عام مستنير : هو الرأي الذي يتكون نتيجة المناقشة الهادئة ولا يندفع وراء الأهواء والعواطف وينشأ هذا الرأي كلما كانت الجماعات متماسكة وكانت مصالح الأفراد مشتركة وما يساعد أيضا على تكوين رأي عام مستنير انتشار الوعي و التعلم بين الأفراد ووجود قادة يرعون مصالح الجماعة بالإضافة إلى توفر قدر كافي من المعلومات الدقيقة والواسعة لدى الجماعة حول القضايا التي ينشأ حولها رأي عام.
2. رأي عام غير مستنير: هو الرأي الذي يندفع أصحابه وراء العواطف والانفعالات دون أن يناقشوا الأمور بهدوء ومما يؤدي إلى وجود رأي عام غير مستنير عدم تماسك الجماعة، وانتشار الجهل، عدم توفر قدر كافي من المعلومات عن الموضوعات التي ينشأ حولها رأي عام أو كون هذه المعلومات كاذبة أو مضللة.

تصنيف الرأي العام من حيث الانتشار
1. رأي عام نوعي : هو الرأي الذي يعبرعن اهتمامات مشتركة ومتشابهة بالنسبة لمجموعة ما إزاء قضية تتعلق بمصالح هذه الفئة.
2. رأي عام وطني : يقتصر على الوطن أو الدولة المتواجد بها كأن نقول الرأي العام الجزائري
3. رأي عام إقليمي : يسود مجموعة من الشعوب تتجاور جغرافيا تربطهم مصالح مشتركة مثل الرأي العام المغاربي أو الرأي العام الأوربي.
4. رأي عام عالمي : يعكس اهتمامات يشترك فيها أكثر من مجتمع يتشكل تدريجيا حول مشكلات وطنية مشتركة من عدد كبير من البلدان وقضايا ذات نطاق دولي مثل الأزمات العالمية.

مظاهر الرأي العام
نعني بمظاهر الرأي العام أنماط السلوك التي يستخدمها جمهور الرأي العام في التعبير عن وجهات نظرهم واتجاهاتهم حيال القضايا التي تمس مصالحهم حيث يقسمها سعيد سراج إلى قسمين:
المظاهر الايجابية
وتتمثل في :
‌أ- الثورات : وهي احد الأساليب العنيفة التي تستعمل للتعبير عن الرأي العام وتندلع حيث يرسخ في ضمير الجماهير أنه لا فائدة من التعبير الكلامي عن مطالبهم ( السلطة في واد والشعب في واد آخر ).
‌ب- المظاهرات : حيث يتخذها الشعب وسيلة بغرض إشعار القادة والحكومات عن آرائهم نحو المشكلة.
‌ج- نشر الشائعات : عندما لا تسمح الحكومات بالمظاهرات ولا يجد الشعب وسيلة للتنفيس عن الرأي العام يلجأ لهذا الأسلوب كمظهر للتعبير عن وجهة النظر وذلك لإزعاج الحكومات ( رواية تناولتها الأفواه دون أن تركز على مصدر موثوق به يؤكد صحتها .
‌د- الندوات والاجتماعات واللقاءات العامة : وهي إحدى أشكال التجمع الشعبي حيث تحدث لقاءا قريبا بين الجماهير لدراسة مشاكل المجتمع والخروج بحلول تكون مرشدا للقادة.
‌ه- أجهزة الإعلام : هي الوسائل التي يستعملها الأفراد للتعبير عن الرأي العام .
‌و- الانتخابات : يعبر فيها الجمهور عن رأيه من خلال اختيار الحاكم.

المظاهر السلبية
وتتمثل في :
‌أ- المقاطعة .
‌ب- السلبية والاستهتار .
‌ج- الإضراب عن العمل والاعتصام .
وتعكس هذه الأساليب حالة عدم الرضا السائدة لدى الرأي العام اتجاه السلطة واحتجاجه على سياستها كما تعني انعدام الاتصال بين الشعب وقادته وعدم مشاركة الجماهير في اتخاذ القرار السياسي بصورة حقيقية وهذه الأساليب ليست بالأساليب الديمقراطية في التعبير عن الرأي العام لأنها قد تنعكس بالضرر على الشعب في حد ذاته وان كانت تختلف فيما بينها في قدر الضرر الناجم عنها .
أهم مصادر تكوين الرأي العام في المجتمعات
1. السمات الوراثية .
2. لانتماء الديني .
3. البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية .
4. الميزات الذاتية للفرد والجماعة .
5. التقاليد والتصورات والموروثات الثقافية .
6. وسائل الإعلام “الأداة الإعلامية “من تلفاز وراديو وصحيفة ومجلة.
وليس هناك ثمة شك من أن كل مصدر من المصادر المذكورة يختلف بحسب قوة إرتباط الفرد أو الجماعة بهذه المصادر، ومدى تغلغلها في الروح الفردية الاجتماعية، ومن هنا تختلف الأمم والمجتمعات في سمات الرأي العام السائد فيها، وفي قوة تأثيره في حياتها وحركتها الاجتماعية.

بعض الملاحظات ألاساسية حول الرأي العام
1. إن بعض الكتاب الذين يتناولون ظاهرة الرأي العام يذهبون في رأيهم إلى أن الرأي هو ما يصل إليه الإنسان أو الجماعة باختياره أو باختيارهم له من بين بديلين متغايرين أو أكثر، وأعتقد أن هذا الرأي يخالف الواقع وذلك أن الرأي العام تخصيصا يتعلق بقضايا سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية واجتماعية تطرح وجهات النظر في وسائل الإعلام، وليس بالضرورة أن يكون الرأي العام هو الاختيار من بين يديلين أو أكثر، ذلك أن العملية ليست اختيارية وإنما تحصيل حاصل لمجموعة كبيرة من الآراء والأفكار حول قضية ما والاستنتاج والوصول أخيرا إلى رأي عام له صفة الأغلبية والعمومية .
2. يحصر بعض الباحثين ظاهرة الرأي العام في الأمور السياسية، ويعدونها ظاهرة سياسية بحتة، ولكن النظرة التأملية المتمعنة والمتفحصة لمفهوم “ الرأي العام والممارسات القديمة والحديثة لهذه الظاهرة تجعلنا نوسع من دائرتها لتشمل الحياة بمختلف جوانبها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، ولنا في ذلك سند من واقع الحياة المعاصرة التي تشابكت فيها هذه الجوانب وتداخلت نتيجة لتعدد مصالح لإنسان، وارتباط بعضها ببعض، ونتيجة للانتشار الطاغي لوسائل الاتصال بين الناس أفرادا ومجتمعات .
3. يؤخذ الرأي العام في كثير من الأحايين بالاستناد إلى أوساط معينة وتغييب أوساط أخرى عندما لا تتحقق مصلحة جماعة أو دولة معينة عند هذه الأوساط مما يجعلها تقوم بتزييف الحقائق، وتبيان الحالة على أن هناك رأيا عاما يؤيد قضيتها أو موقفها بينما الواقع غير ذلك تماما، هذا الأمر مهم جدا عند تناول موضوع الرأي العام.
4. لم يتم – حتى الآن – الأخذ بالرأي العام إلا في حالات محدودة أو قضايا قليلة جدا، ولو أن القضايا قد عولجت بالاستناد إلى الرأي العام لكانت العديد من القضايا العالقة قد حلت في حينها، ولكن هناك اعتبارات أخرى غير الرأي العام منها المصالح السياسية والاقتصادية للبلدان ذوات العلاقة بالقضية المطروحة، وتجدر الإشارة إلى أن الرأي العام ليس بالضرورة أن يكون حلا عادلا لبعض القضايا وذلك أن المصلحة والاعتبارات الأخرى المذكورة آنفا تأخذ دورها في هذا المجال.
5. يتأثر الرأي العام بالأحداث أكثر من تأثره بغيرها، فهو شديد الحساسية بالنسبة للأحداث الهامة.
6. يهتم الرأي العام بالقضايا القائمة أو المتوقع حدوثها قريبا، وتشغله القضايا الأكثر أهمية عن القضايا الأقل أهمية.
7. كلما أعطيت الشعوب فرصة أكبر في التعليم كان الرأي العام أكثرنضجا وواقعية .وأخيرا يمكن القول بأن الرأي العام عبارة عن محصلة جملة من عوامل وحيثيات ومؤثرات ووسائل متعددة تؤثر في قضية معينة أو عدة قضايا لها أطرافها المتنازعة وليس بالضرورة أن يكون الرأي العـــام منصفا – كما ذكرنا – أو صائبا وإنما يتعلق بالعوامـــل المذكورة أنفا سلبا أو إيجابا.
يتبع ان شاء الله / 3

وظائف الرأي العام