العراق بين أصالة الهوية واستبداد الغريب..!
حسين سالم ||
يقولون لنا :
- إما أن تكونوا نسخة رديئة منا وإلا لن تنعموا بلحظة استقرار سياسي أو اقتصادي أو أمني، لا يعنينا كونكم مسالمين أو عدائيين، لابد أن تكونوا نسخة منا.
هذا التهديد المبطن واضح لكل من يفهم لغة التلميح الدبلوماسي، ولكل من فهم بأن هذه الدولة لا يمكن العيش معها بسلام لأنها ببساطة لا تريد ذلك.
يقولون لنا :
- يحق لنا أن نقمع طلابنا ونعتقل أساتذة جامعاتنا لمجرد أنهم قالوا كلمة لا تعجبنا، لكن ليس من حقكم أن تشرعوا ما ترونه مناسبًا لمجتمعكم من قوانين.
بديهية لا تقبل النقاش، بأن لكل مجتمع خصوصيته، فما هذه الوقاحة؟
سنكون مجرمين بعين السفيرة إذا التزمنا بفطرتنا وديننا، تقول لنا باختصار :
- من أنتم ليكون لكم رأي أو التزام تجاه أي شيء؟
أسأل هنا كل منصف، ماذا ستكون نتيجة استفتاء يُجرى لسؤال العراقيين : هل هم مع أم ضد هذا القانون ؟ مجتمع متدين كالمجتمع العراقي بماذا سيجيب؟
السفيرة تعرف طبعًا بأن الغالبية الساحقة ستكون مع القانون، لكن هذا لا يعنيها، لأن مهمتها سحق القيم الأخلاقية لهذه الغالبية الساحقة.
ماذا سيكون موقف السفيرة لو أن سفيرنا في دولتها احتج على قانون ما في أمريكا؟
وما يُضحك ويبكي في ذات الوقت، أن بعض صناديد الدعوة لعدم التدخل في شؤون العراق الداخلية تحولوا فجأة إلى رافضين لهذا القانون بمجرد أن رفضته السفيرة، وديست كل أسطوانات المناداة بالسيادة تحت كعبها العالي.
ولا أدري حقًا ما الذي تريده أمريكا من هذه البقعة من الأرض؟ لماذا العراق دون غيره يجب أن يتنفس على الهوى الأمريكي؟ لكن ما يطمئنني هو يقيني بأن هذا لن يحدث وقد أثبتت التجارب ذلك.
وما يؤلم حقًا، أن السفيرة ما زالت موجودة على هذا التراب، لم يستدعها أحد، ولم يطردها أحد، ولم تُقل لها ولو كلمة واحدة تشرح لها بأن سكان هذه البلاد يموتون كما هم، ولن يعيشوا كنسخ رديئة من أحد، لأنهم باختصار غير صالحين لذلك.
وبأن تهديدها لا يعنيهم، لأن دولتها فعلت مسبقًا بالعراقيين كل ما تهدد به الآن، أجاعت وفجّرت وقتلت، وبقي العراقيون كما هم، يقاتلون أعداءهم ساعة الحرب، ويلاعبون أطفالهم ساعة السلم، يرقصون في أعراسهم ويبكون في مآتمهم كما خلقهم ربهم، لا كما تريد السفيرة وبلادها لهم أن يكونوا.