وما أدراك ما زينب..فخر النساء..!
إنتصار الماهود||
من منا لا يعرف من هي زينب الحوراء عليها السلام؟!، ومن لم يكتب عنها وعن سيرتها العظيمة التي أثْرت التأريخ الاسلامي والقضية الحسينية، رغم ذلك كلما كتبنا عنها وعن حياتها، حين نبحث من جديد فإننا نكتشف جوانب أخرى ونسبر أغوارا جديدة في حياتها.
زينب وما أدراك ما زينب، تلك الشجاعة القوية الصابرة العفيفة التقية، حفيدة النبي المختار وابنة الوصي الكرار، لقد لعبت السيدة زينب عليها السلام، دورا محوريا في دعم القضية الحسينية وتم إعدادها لهذا الدور منذ صغرها، فكانت نعم المعين ونعم الناصر، للحسين عليه السلام.
إن لدور زينب عليها السلام العقائدي والتوجيهي أثر بالغ، في مساندة الحسين عليه السلام حيث كانت متصدية للدور الرسالى في عصرها، وأخذت على عاتقها التبيلغ والتوجيه وتعليم القران الكريم، وكان لها مجلس خاص بها في زمن أبيها الإمام علي عليه السلام في الكوفة، وإتضحت معالم دورها الأساسي أثناء معركة الطف، حيث إستطاعت لملمة الأسرة العلوية والحفاظ على العيال والحرم، وهذا دور ليس بالهيّن على رجل فكيف لإمراة أن تلعب هذا الدور وبجدارة، فكما هو معروف أن المراة تحمل عاطفة جياشة ورقة بطبيعة تكوينها، لكن ها هنا نرى زينب العظيمة تتحمل ما لا يطاق، أن ترى إخوتها وأولادهم صرعى مقطعين على الثرى ولا تبكي بل تحمد الله و تشكره وتقدم هذه القرابين المقدسة.
لا يوجد أي إنسان مهما كان قويا أن يضع نفسه مكان السيدة زينب عليها السلام، ويبقى محافظا على رباطة جأشه وصبره وقوته، ولذا لم يطلق عليها لقب جبل الصبر من الفراغ، فالسيدة زينب عليها السلام أثبتت تلك المقولة فعلا، وهو درس مهم لنا في التأسي بها والإقتداء بنهجها حين نتعرض للمصائب والشدائد، هنالك شخصيات أكسبها الزمن قيمتها وهنالك شخصيات هي من أعطت للزمن قيمته وتلك هي مولاتي زينب.
لقد إستغل الإعلام الأموي إسم الخوارج والسمعة السيئة التي
إتصفت بها حركتهم وتمزيقهم للأمة، ليقوم هذا الإعلام الخبيث بربط إسم الحسين عليه السلام بهم، وأشاعوا أن من قُتِل في كربلاء هم خوارج ضد الإسلام ولذلك إمتنع الكثيرون عن نصرة ذلك الغريب أمام الجيش الأموي.
أصبح دور مولاتي زينب عليها السلام بعد معركة الطف دورا مركبا، فهي أصبحت القائد والأم والإعلامية، فكانت مسؤوليتها الحفاظ على البيت العلوي وما تبقى من نسل آل محمد ص، وتقويهم وتشد من أزرهم من ناحية ومن ناحية أخرى كان عليها أن تبين مظلومية الحسين عليه السلام وتبين الحق أمام الجميع، فنراها إستخدمت أبلغ الأساليب في الخطابة والكلام المؤثر لتفضح زيف الأمويين وخداعهم للناس، وشاهدنا على ذلك أنها حين خطبت خطبتها في الكوفة وفي دمشق ضج الناس بالبكاء، وتأثروا بالحقائق التي طرحتها بقوة حجتها وبيانها وكيف إنقلب مجتمع الشام على يزيد الملعون وحتى زوجته إنقلبت عليه، بعد تلك الخطبة التي زلزلتهم بها وكأن عليا عليه السلام، هو من يقف وسطهم خطيبا، بفضل الوعي ونفاذ البصيرة التي تتصف بها رغم ما عانته من ألم القتل المعنوي، وهي تشاهد ما يحدث من سلب ونهب وقتل وترويع للعيال، ولو كانت غير زينب لإنهارت لكنها بقيت شامخة لتنقل لنا صورة عظيمة للمراة المسلمة التي يجب نتصف بها ونقتدي، (إن مات عزيز لك لاتجزع فهو أمر الله وإن سُلِبت أو أوذيت لا تفزع فهو بيد الله ولا مفر من أمره ولا راد لقضاءه).
ولذا نحن كنساء نتمنى أن نكون على خطى العقيلة في أيمانها وصبرها وقوتها وشجاعتها، فهي من حملت مشعل الدور الرسالي مبكرا، وهو تكليف عظيم نطمح بأن نصل إليه ونؤديه كل يوم، وليس في شهري محرم وصفر فقط، وألا يقتصر على الدور الفقهي والعقائدي، بل المرأة المتأسية بزينب عليها السلام يجب أن تكون كالطبيب الذي يعالج كل أنواع الأمراض، ولديها معرفة في العلوم كافة لتناقش أصحاب الإدراكات المختلفة، وتفضح زيف الأكاذيب وتفندها، وهي مسالة أصبحت سهلة خاصة بوجود تكنولوجيا متطورة تتيح لنا التزود بالعلم والمعرفة في منزلنا، ومجابهة ما نتعرض له من تشويه الدين والعادات الدخيلة التي تهدم كيان المجتمع، وبالطبع هي مسؤولية كبيرة على عاتق المرأة وأن يكون دورها مكملا لدور الرجل وكل من موقعه، فالأم والأمة صنوان وكفى بنا فخرا أن نكون نصف المجتمع ونحن من نربي نصفه الآخر ليخوض معترك الحياة ونبني مجتمع سليم.
وفي الختام رسالة موجهة لكل النساء، كلنا نلوذ بعباءة زينب عليها السلام ونحذو حذوها، بالطبع لا يمكن أن نصل لمرتبتها وتضحياتها الجسام التي قدمتها لنصرة الإسلام، لكننا نحاول بكل جهدنا أن نسير على خطى زينب عليها السلام، كل من موقعه وبما نستطيع أن نقدم النصرة للدين والعقيدة والمذهب، والمحافظة على الأسرة وتحصينها ضد التحديات، وأن لا نلتفت لدعاة التحرر والديمقراطية الزائفة الذين يحاولون تمرير أفكارهم الدخيلة والهدامة للدين والأسرة، فهل أنت قادرة ايتها الزينبية على أداء دورك، وأن تكوني متصدية للتحديات التي نخوضها وسط طوفان العولمة، والإنفتاح والتحرر والتمرد المخالف للتعاليم السماوية الربانية والفطرة السليمة؟!.