الأحد - 08 سبتمبر 2024
منذ 3 أسابيع
الأحد - 08 سبتمبر 2024

الباحث والأكاديمي صلاح الأركوازي ||


ج – شروط الملاحظة الجيدة هناك عدد من الشروط يجب أن تتوافر حتى تكون الملاحظات التي يسجلها الباحـث ذات أهمية علمية وهي :
أ – ضرورة تسجيل الملاحظات الميدانية بأسرع ما يمكن حتى لا تسقط بعض الملاحظات من الباحث (الملاحظ).
ب – يجب على الباحث (الملاحظ) أن يتجنب تسجيل الملاحظات أمام مـن يخـضعون للملاحظة ، حتى لا يتأثروا بذلك ومن ثم يضطرب سلوكهم التلقائي.
ج – يجب أن تكون الملاحظات الميدانية شاملة وتفصيلية ودقيقة، وذلـك عـن طريـق الأخذ في الاعتبار العوامل التي قد يكون لها أثر في إحداث الظاهرة، وأن يتم تحديد وحدات الملاحظة، وهل هي أفراد أو جماعات، واختيار الأوقات المناسبة للملاحظة.
د – مشكلات الملاحظة وصعوباتها
أ – مشكلة توافر الملاحظ المدرب، وهذه مشكلة في غاية الأهمية لأنه قد يكـون مـن
الظاهر أن أي شخص يمكن أن يقوم بالملاحظة وهذا صحيح، ولكن ليس كل شخص قـادر على الملاحظة العلمية المثمرة. ومن ثم يجب أن يتميز الملاحظ بالتدريب الجيد والذكاء حتى تؤتي الملاحظة ثمارها
ب – أخطاء الانتقاء: حيث إن الملاحظ بشر يصيب ويخطئ، وهو أحيانًا يلاحظ ما يهمه
ويتفق مع آرائه، ويتجنب الآراء المخالفة له، ومن ثم يؤدي ذلك إلى نتائج غير صحيحة.
ج – أخطاء الإدراك: فالملاحظات ما هي إلا عبارة عن مدركات، أي تفسيرات، لما يقـع
تحت حواسنا. وعلى أثر ذلك فإن احتمال وقوع أخطاء إدراكية يعتبر أمـرًا قائمًـا وبـصفة
مستمرة.
د – طبيعة الملاحظة الاجتماعية: حيث إن موضوع الملاحظة في دراسة الرأي العام هو
الإنسان، فعندما يشعر أنه تحت الملاحظة قد لا يتصرف بشكل طبيعي.
ه – مشكلة الزمن: حيث لا يمكن استخدام الملاحظة في دراسة الرأي العام بالنـسبة
للماضي
ب – المقابلة
هي أداة لقياس الرأي العام، وتقوم على علاقة شفوية بين الباحث الميداني والحالة موضع الدراسة. وهكذا تختلف المقابلة عن الاستبيان في وجود طرف ثالـث يتـدخل فـي العلاقة بين مخطط الاستمارة والحالة موضع الدراسة، فيثور احتمال أن يؤثر في آرائها بما ينتفي معه شرط الموضوعية والحيدة.
وقوام المقابلة هو التفاعل بين الباحث والمبحوث، ومن ثم فإن ذلك يساعد الباحث على رصد مختلف التفاعلات التي تحدث خلال عملية المقابلة من انفعالات أو إشارات باليـدين… إلخ. كذلك تساهم في التسهيل على المبحوث الذي يستطيع استيضاح الغمـوض الـذي قـد يتوارد في بعض الأسئلة. ويضاف إلى ذلك أن مواجهة الباحث للمبحـوث تعطـي الباحـث انطباعًا عن مدى جدية المبحوث في إجابته، ومن ثم فإن ذلك يمثل مقياسًا لفاعلية البحث. وعلى أية حال فإن المتخصصين المنهجيين ينصحون الباحثين باتباع عدد من القواعـد المرشدة لإجراء المقابلة منها :-
١. تحديد موضع المقابلة تحديدًا جيدًا وأن تدور الأسئلة حول الموضوع المبحوث.
٢. وضوح المفاهيم والعبارات المستخدمة في الأسئلة.
٣. مراعاة الزمان والمكان اللذين يتم إجراء المقابلة فيهما.
٤. إشاعة الجو الودي بين الباحث والمبحوث.
٥. عدم مقاطعة المبحوث، وإن كان هذا لا يمنع من إعادته للموضوع في حالة خروجه عنه.
٦. عدم إخبار المبحوث بما قاله الآخرون حتى لا يتأثر بذلك.
٧. ضرورة تسهيل البيانات والإجابات دون أن يلتفت المبحوث لذلك وإذا كانت القواعد والتعليمات السابقة هامة، ويجب اتباعها من جانـب الباحـث عنـد إجراء المقابلة العادية، فإن مقابلة النخبة (الصفوة من المجتمع) بالإضافة إلى تلك القواعـد والتعليمات السابقة هناك بعض النصائح الإضافية، وذلك بحكم مواقـع النخبـة الحاليـة أو المواقع التي سبق وأن شغلتها. وهذه النصائح والقواعد كالآتي :
١. إلمام الباحث بموضوع المقابلة إلمامًا كبيرًا حتى يشعر المبحوث بجديته .
٢. يفضل مقابلة الشخصيات الثانوية أولاً ثم الرئيسية لاحقًا .
٣. الاستعانة بتزكيات من بعض الأطراف الذين تشرف على البحث .
٤. إبراز هويتك وهوية الجهة التي تشرف على البحث .
٥. ضرورة طمأنة المبحوث المتردد بإبلاغه بأن معلوماته لن تستخدم للإساءة إليه .
مميزات المقابلة تتميز المقابلة كأحد طرق قياس الرأي العام بالآتي :
أ – تتيح للباحث إمكانية التغيير في صياغة الأسئلة بما يتناسب مـع قـدرات وعقليـة
المبحوث كما تعطى فرصة جيدة لشرح الأسئلة وتوضيح معانيها للمبحوث واستمالته وحثـه إلى الإجابة ، ومن ثم فهي تعطي فرصة جيدة للباحث للحصول على إجابـات أكثـر صـدقًا وثباتًا .
ب – تتيح للباحث إمكانية تشكيل جو ودي مما يسمح في التخفيف من جزء كبيـر مـن الضغوط الاجتماعية التي يخضع لها سلوك المبحوث .
ج – تصلح المقابلة للحصول على بيانات من جميع مفردات عينة البحث بعكس الاستبيان الذي يصلح فقط في الحصول على بيانات ممن نالوا قسطًا من التعليم يمكـنهم مـن ملـئ
الاستمارات .
د – يمكن الباحث من الحصول على جميع التعليقات العارضة للمبحوثين مـن تعبيـرات للوجه ونغمة الصوت بما يساعد الباحث عـن الكـشف عـن المـشاعر والآراء الحقيقيـة
للمبحوثين

ثالثًا: تحليل المضمون
يعد تحليل المضمون واحد من أحدث طرق قياس وجمع البيانات عن الرأي العـام ، حيث يمكن للباحث القيام بجمع البيانات عن الرأي العام عن طريق تحليل الـسلوك اللفظـي المتوفر في شكل رسائل اتصالية للأفراد باستخدام تحليل المضمون وذلك بدلاً من ملاحظـة سلوك الأفراد أو المقابلة أو الاستبيان ، ومن ثم فإن تحليل المضمون يتفوق عـن الأدوات السابقة في تخطية لمشكلة الزمن حيث إن الوسائل السابقة محددة بينما تحليـل المـضمون ليس محكــوم بأي زمن . ويمكن تعريف تحليل المضمون كالآتي:
” أسلوب أو آداه بحث لوصف المحتوى الظاهر أو الواضح للرسالة الإعلامية وصـفًا كميًـا وموضعيًا منظمًا” . ويدخل ضمن العناصر الأساسية لتحديد مفهوم تحليل المضمون ما يلي
أ – يعنى تحليل المضمون تحديده وتنقيه المضمون وبلورتـه ليتـسنى وصـفه وصـفًا موضوعيًا وكميا دقيقًا
ب – يعد تحليل المضمون آداه للملاحظة لكنها ليست ملاحظة مباشرة لسلوك أفـراد أو جماعات وإنما هي ملاحظة غير مباشرة تقتصر على تحليل مـضامين المـادة الاتـصالية للوصول إلى استنتاجات صحيحة ذات صلة بفروض الدراسة
ج – يسعى الباحث إلى عمل تصنيف كي يقسم بمقتضاه المضمون موضع التحليـل إلـى فئات محددة استنادًا إلى قواعد واضحة

خطوات تحليل المضمون
هناك عدد من الخطوات الأساسية اللازمة لعملية تحليل المضمون وهي كالآتي
أ – تحديد مشكلة البحث أو موضعه كأن يقوم الباحث ببحـث اتجاهـات الـرأي العـام العراقي حول قضية الخصخصة.
ب – صياغة الفروض ( افتراض وجود علاقة بين المتغيرات ) .
ج – تحديد مجتمع البحث أي تحديد المادة أو المواد الإعلامية التي ستخـضع للدراسـة فعلى سبيل المثال قد يكون مجتمع الدراسة المقالات الصحفية المنشورة بعدد من الصحف .
د – اختيار العينة ويجب أن تكون العينة ممثلة تمثيلاً صحيحًا للمجتمع محل الدراسة .
ه ـ الثبات : والثبات يعني أن أي باحث تتوفر له الظروف ذاتهـا والمعطيـات نفـسها .

وحدات تحليل المضمون
يرى الباحثون المتخصصون أن هناك خمس وحدات رئيسية في تحليل المـضمون وهي كالآتي :
1 – وحدة الشخصية : وتشير إلى الشخص الذي تدور حول الفكرة.
2 – وحدة المفردة أو الوحدة الطبيعية للمادة الإعلامية وهي تشير إلى الوحدة الإعلاميـة التي يقوم الباحث بتحليلها ومن أمثلتها : المقالة ، القصة ، الإعلان الرسوم المتحركة ، العمود ……الخ .
3 – وحدة الكلمة : وهي أصغر وحدة تستخدم في تحليل المضمون حيث تعبر الكلمة عـن مفهوم أو مدلول ويختلف معناها باختلاف السياق الذي توجد فيه .
4 – وحدة الموضوع أو الفكرة: وتعد هذه الوحدة أكبر وحدة وأهمها بالنـسبة لتحليـل المضمون وأكثرها بدورها جدوى في تحليل المـواد الإعلاميـة والاتجاهـات والقـيم والمعتقدات .
5 – مقاييس المساحة والزمن : وهي تشير إلى المقاييس المادية التي يستخدمها الباحث من أجل التعرف على المساحة التي تشغلها المادة الإعلامية المنـشورة فـي الكتـب أو الصحف أو المطبوعات المختلفة والمدة الزمنية التي اسـتغرقها المـادة الإعلاميـة المذاعة في وسائل الإعلام المختلفة
تقييم تحليل المضمون
يمكن القول أن استخدام تحليل المضمون في دراسات الرأي العام قد شـاع بـشكل كبير في معظم دول العالم ، حيث يمكن استخدام تحليل المضمون في:-
1 – معرفة القـضايا التـي يهتم بها الرأي العام .
2 – وكذلك اتجاهه .
3 – بالإضافة إلى التغيير الذي قد يحدث فـي اتجاه الرأي العام. ويتميز أسلوب تحليل المضمون بأنه وسيلة سهلة وغير محفوفة بالمخاطر في حالة دراسة حالات معينة مثل التعرف على الرأي العام في الدول الأجنبية ومن ثـم فقـد يكـون أحيانًا الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام الباحث لدراسة الرأي العام وهنـاك بعـض التحفظـات المشارة في استخدام تحليل المضمون في دراسات الرأي العام ويتركز ذلك الـتحفظ فـي أن وسائل الإعلام من صحف وتلفزيون وإذاعة لا تعبر في كل الأحوال عما يرغب فيـه الـرأي العام في الدول التي تنشر فيها ، وإنما تعبر عن مصالح صفوة معينة ، وقـد يكـون أحـد الحلول المطروحة هو تحليل أنواع معينة من الوسائل الاتصالية المعبرة عن الرأي العام مثل بريد القراء في الصحف أو المجلات الحائط الخاصة بالطلاب ولكن هنـاك أيـضًا مـشكلة التحيز ، حيث إن الآراء الواردة بمجلات الحائط تعبر عن جماعة ذات مصالح واتجاه محدد وهم الطلاب بينما نجد أن الآراء في بريد القراء قد يكون هناك انتقاء في المواد التـي يـتم نشره، كما أنه في كثير من الأحيان تعاد صياغة الرسالة بعد حذف بعض أجزائهـا بـشكل يفقد الرسالة الإعلامية محتواها بل يفرغها في أحيان كثيرة من مضمونها.
خاتمة
بلا شك فان دراسات الرأي العام تواجه العديد من المشكلات والصعوبات وخاصة في الدول النامية ومن ثم فان الباحث يتفق مع غيره مع الباحثين الآخرين،فان هناك عدة سـبل لتفعيل تلك الدراسات ومن هذه الاقتراحات لمواجهة تلك الصعوبات الآتي :
1 – توفير الحرية والأمان الكامل للرأي العام العربي، وإتاحة حق الاتصال والمعرفة لـه بصورة كاملة؛ حتى يتمكن من التعبير من نفسه دون استقطاب أو ضغوط من أي نوع.
2 – إصلاح النظام التعليمي في الوطن العربي وتطويره؛ كي يساهم فـي خلـق وتنميـة أجيال جديدة من المثقفين واثقة من نفسها ومدركة لمسئوليته
3 – إطلاق دور وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف التي أقيمت من أجلهـا، وهـو التعبيـر الصحيح والأمين عن اتجاهات الرأي العام العربي، وتحقيق التوازن العدالة بين الحاكم والمحكومين
4 – انتشار وتعميم مراكز بحوث الرأي العام، والتوعية بأهميتها لصناع القرار والساسة وأجهزة الإعلام والمؤسسات الحكومية والشعبية وممثلي الرأي العام في كل المواقـع، لاسيما وأن هذه المراكز تأتي على رأس الطرق المؤدية إلى خلق قيادات ديمقراطيـة،
وربط هذه القيادات بالجماهير على مختلف القطاعات، وتقديم البيانات العلمية الصحيحة حول الأحداث الجارية، بالإضافة إلى تقديم الرؤية العلمية للأحداث المتوقعة.
5 – تشجيع قادة الرأي في العالم العربي من أجل العمل على تحقيق التكامل الاقتـصادي العربي؛ حتى لا ينعكس الوضع الاقتصادي المتردي في بعض البلـدان العربيـة علـى العلاقات الاجتماعية، ومن ثم يفرز رأيًا عامًا منقسمًا على نفسه