المشاريع المتلكئة بين الاندثار والمعالجة..!
عبد الزهرة محمد الهنداوي ||
مازال ملف المشاريع المتلكئة والمتوقفة، في عموم العراق، يمثل تحدياً للحكومة، وفي ذات الوقت، مشهدا مُستفِزا للناس، فمنظر بعض هذه المشاريع لايسر الناظرين بعد حالة الاندثار التي تعرض لها ليبدو وكأنه بيت مهجور عاثت به عاديات الزمان خرابا، فضلا عن ذلك فان هذه المشاريع، ابتلعت اموالا ليست بالقليلة، فبعضها شهد قبل ان يتوقف، نسب تنفيذ متقدمة، ربما تجاوزت الخمسين من المائة، وقبل هذا وذاك، ان ادراج تلك المشاريع، في حينها كان الهدف منها تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ولكن المشكلة، لا المشاريع أُنجزت، ولا الاموال حُفظت، لتتم الاستفادة منها في مجالات اخرى، والاصعب من هذا كله، ان جل المشاريع المتوقفة، توقفت بقرار حكومي، ذاك هو القرار ٣٤٧ لسنة ٢٠١٥، الذي قضى بايقاف المشاريع لعدم امكانية توفير التخصيصات المالية لها، في وقت كانت الدولة تواجه تحديين خطيرين، الاول، الحرب ضد الارهاب، وبالتالي كان ذلك يمثل تحديا وجوديا، والثاني انهيار اسعار النفط الى ادنى مستوياتها، فكانت الدولة ذات عُسرٍ وربما فاقة ايضا، ليس امامها سوى اغلاق ابواب الانفاق لاغلب المجالات، وفي ظروف كان الصرف على المشاريع يعد ترفيا، ازاء تحدي بقاء الدولة على قيد الوجود.
ولكن بعد زوال تلك الظروف، وزوال غيمة الارهاب وتعافي اسعار النفط، كان لابد من الالتفات الى المشاريع المتلكئة، وإيلائه الاهمية، التي تتناسب واهميته الخدمية، وحجم الاموال التي صُرفت عليها، التي تُقدّر باكثر من ٢٠ ترليون دينار.
كانت ثمة محاولات حكومية مابعد ٢٠١٩، للمعالجة، وقد تكون تلك المحاولات حققت بعضا من النتائج، الا انها لم تُفلح في معالجة الملف كاملا، وبقيت الكثير من المشاريع معلّقة، بانتظار الحل، ومن هنا اولت حكومة السيد السوداني ملف المشاريع المتلكئة اهتماما خاصا، وجعلتها من اولوياتها، وركزت على المشاريع ذات الصبغة الخدمية، كمرحلة اولى، اذ يجري التركيز على مشاريع المدارس والمستشفيات، والماء والصرف الصحي، بوصفها متطلبات حياتية اساسية، وتؤكد الحكومة ان نتائج مهمة تحققت في طريق الحلول والمعالجات، للكثير من المشاريع المتلكئة، لاسيما مشاريع المشافي، وعددها ليس قليلا، وقد تكون الاشكالية الابرز التي تواجه هذا الملف، هو وجود عدد غير قليل من هذه المشاريع، تواجه اشكالات تعاقدية بين الشركات المنفذة والجهات المستفيدة، الامر الذي يتطلب حسم هذه الاشكالات قضائيا، وهذا بحد ذاته يتطلب المزيد من الوقت، والكثير من الاجراءات، ريثما تُحسم تلك الاشكالات، وان التأخير معناه المزيد من الاندثارات في هذه المشاريع، والاندثار معناه زيادة كلفة المشروع، او افراغه من قيمته التنموية والخدمية، وبالتالي ربما يصار الى حذف او الغاء بعضا من تلك المشاريع، لان سوف لن تكون لها جدوى اقتصادية او خدمية بعد مرور سنوات طولة على توقفها واندثارها بالكامل.