الخميس - 19 سبتمبر 2024

💎 جواهر عَلَويَّةٌ: لَنْ يَعْدِمَ النَّصْرَ مَنِ اسْتَنْجَدَ الصَّبْرَ..!

منذ 4 أسابيع
الخميس - 19 سبتمبر 2024

السيد بلال وهبي ـ لبنان ||

 


📢 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: “لَنْ يَعْدِمَ النَّصْرَ مَنِ اسْتَنْجَدَ الصَّبْرَ”

من استنجد بالصبر انتصر، حتمية يكشف عنها الإمام أمير المؤمنين (ع) ويشهد لها الصراع الطويل بين الحق والباطل، وبين المظلومين والظالمين، إن الصبر على مُرِّ الصراع وعلى اللأواء والبأس والبأساء شرط أساسي من شروط النصر، فمن صبر ظفر ولو بعد حين.
إن كلُّ حَدَثٍ يحدث يجب أن يأخذ مَداه الطبيعي، وكل تَحَوّل يجب أن تتكامل شروطه وظروفه وأسبابه، فلا شيء يحدث قبل أوانه، وعلى أهل الحق أن يتحلَّوا بالصبر والثبات، وأن يكون رجاؤهم في مستواه الأعلى، وأملهم بالنصر في منتهاه، إدراكاً منهم أنه مَهما اشتدت الشدائد وعظمُت لا بد أن تبلغ نهاياتها في لحظة ما، إذ يستحيل أن تدوم إلى ما لا نهاية، فكل ما له بداية فله نهاية.
بل إن اشتداد الأزمات بشارة بأن الفرج قريب، تلك معادلة لا تُنكَر، وأن منازلة العدو لا تكون بالقتال وحسب، بل تكون بالصبر كذلك، فالعدو يقسو في قتاله، ويُكثِرُ من بَطشه وتنكيله كي ينال من عزيمة عدوه، وكلا العدوين يصابر الآخر، كلاهما ينتظر من يتراجع أو يتنازل أو يضعف أولاً، لذلك أمر الله المؤمنين بالصبر على البأساء، ومصابرة الأعداء فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿200/ آل عمرن﴾ إن الله تعالى ينادي بالمؤمنين أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويتقوا الله تعالى الذي يملك النصر، ويكتبه لهم في اللحظة المناسبة، والصبر هو زاد الحرب وعدتها الأهم، فالحرب شاقَّة متعبة، وهي تستلزم خسائر في الأنفس والثمرات والأموال، وتستلزم مكابدة العناء والإيذاء والابتلاء، ومكابدة الفقر والحاجة، وعلى المؤمنين أن يصبروا على تجبُّر أهل الباطل وظلم الظالمين ووقاحة الطغاة ونذالة الخَوَنَة، وأن يصبروا على قلة الناصر، وقلة الإمكانيات، وضَعف المُعين، ويصبروا على إرجاف المُرجفين، ووساوس الشياطين في ساعات الكرب والضيق، وأن يصبروا على ضعف الثقة بالنفس وقلة الرجاء، وانفعالاتها المتنوعة حين يُقتَل من يُقْتَل منهم، وحين تُهدَم دورهم، وحين يخسرون أرزاقهم، وحين يضطرون للنزوح من أوطانهم، وحين يتسرَّب إلى نفوسهم اليأس أحيانا والقنوط.
والمُصابرة و هي مفاعلة من الصبر، مُصابرة هذه المشاعر كلها، ومُصابرة الأعداء الذين يحاولون جاهدين أن يفلوا من عَضُدِ وصبر المؤمنين، فعلى المؤمنين أن يكونوا أصبر من أعدائهم وأقوى شكيمة، وأثبت عزيمة. فكأن الصراع بين المؤمنين وأعدائهم رهان بينهم، والله يدعوهم إلى أن يقابلوا صبر الأعداء بالصبر، وجهد الأعداء بالجهد، ودفع الأعداء بالدفع، وإصرار الأعداء بالإصرار، حتى ينتهوا إلى الانتصار عليهم، وإنزال الكبت بهم، بعدما كانوا أصبر منهم وأثبت، وإذا كان الأعداء يُصِرُّون ويصبرون فحرِيٌّ بالمؤمنين أن يكونوا أشدَّ إصراراً، وأشدَّ صبراً، وأشدَّ ثباتاً، وأعظم يقيناً بأن النصر سيكون حليفهم نهاية الجولة.

تلك هي سُنَّة الله في الصِّراع بين أهل الحق وأهل الباطل، وبين المستضعفين والمستكبرين، لا بُدَّ من الشدائد، ولا بُدَّ من المَصاعب، ولكنها تهون بالصَّبر عليها، ثم يجيء النَّصر والفَرَج، يجيء من عند الله الذي يملك الأسباب كلها، فالنصر لا يمكن أن يأتي بالأماني، ولا يمكن أن يأتي رخيصاً من دون أثمان، ومَشَقّات ومَصاعب، وما قيمته إن كان يأتي بسهولة دون تضحيات، وما قيمته إن لم يكن من المؤمنين صبر على الآلام والمتاعِب والخسارات؟!

فجر يوم الجمعة الواقع في: 23/8/2024 الساعة (04:24)