“انتفاضة صفر” امتداد لثورة الطف..!
السيد محمد الطالقاني ||
إن بين انتفاضة صفر وواقعة الطف أوجه شبه كثيرة , ففيهما شارك الكبير والصغير, والرجل والمرأة ,والفقيه والكاسب, والغني والفقير, وشيخ العشيرة والخادم .
وقد رسمت الجموع الحسينية المنتفضة في العشرين من صفر صورة انصار الحسين عليه السلام في واقعة الطف, بصمودها, ورباطة جاشها, وارتباطها برباط الإسلام الصحيح , وحب أهل البيت عليهم السلام, والسير على درب سيد الشهداء وأبي الإحرار الإمام الحسين عليه السلام , فكان الحس الحسيني وروح الإسلام وتحدي الظالمين قوياً في نفوسهم الأبية, شانهم شان أنصار سيد الشهداء عليه السلام.
إن انتفاضة صفر تعتبر نقطة تحول جوهرية في تاريخ العراق السياسي المعاصر, فبعد وفاة مرجع الطائفة أنذاك السيد محسن الحكيم (قدس) والذي كان للنظام البعثي المقبور يد في وفاته, اعتقد النظام البعثي أنه قد اجتاز عقبة كبيرة بوفاة هذا الزعيم الديني رضوان الله تعالى عليه.
لقد أراد صدام المقبور أن يضرب الحركة الإسلامية والشعائر الحسينية بكل قوة والقضاء على اتباع أهل البيت عليهم السلام , حيث أعلنت ما يسمى (بــالجبهة الوطنية التقدمية) المؤلفة من حزبي البعث والشيوعي العراقي, بمنع إحياء مسيرة الأربعين, ورفض توجه المواكب الحسينية نحو كربلاء, لمواجهة تنامي التحرك الإسلامي, وتأثير ذلك على توجهات الجبهة اليسارية والعلمانية .
لكن أنصار سيد الشهداء عليه السلام لم يهدأ لهم بال فتحركت الجموع المؤمنة في العشرين من صفر سنة 1977, تحركا بطولياً رائعاً , أثبتوا فيه حبهم لسيد الشهداء عليه السلام , ووفائهم للمرجعية الرشيدة, فخيبوا آمال النظام المقبور الذي توهم بأنه قد استطاع أن يُدخل هذه الأمة تحت سيطرته وفي مساره .
فكانت انتفاضة صفر نقطة تعزيز الثقة بقوة الإسلاميين, لاسيما المواكب الحسينية, التي تعتبر الوجه البارز لتحدي ومواجهة التيار الإسلامي للتيار العلماني.
وقد نجح ثوار انتفاضة صفر المباركة نجاحاً كبيراً في تحويل الموت الذي أراد به العملاء العفالقة إرهاب الثائرين ,الى شعار يدفع بهم المزيد من العطاء والاصرار والتحدي .
وها نحن نرى اليوم ثمرات أولئك الأبطال من شهداء انتفاضة صفر الخالدة, ونحن نعيش عصر الحرية في العراق, فالدستور العراقي الجديد كتبه المخلصون بدماء أولئك الأبطال الذين لازالت أصواتهم إلى يومنا هذا تصرخ ( يحسين بضمايرنه … صحنا بيك أمنا ).
وهاهي الجموع البشرية المليونية في كل عام تردد نفس الصرخة وهي تزحف الى قبر سيد الشهداء عليه السلام في مسيرة الاربعين التي حيرت عقول وافكار العدو قبل الصديق .
لذا كان لزاماً على المتصدين في الدولة اليوم أن يكرموا تلك الدماء الزواكي من أبطال انتفاضة صفر بكل الوسائل الممكنة , من خلال النصب التذكارية ,والمهرجانات الشعرية, والندوات الثقافية, وليكتب الطلبة عنهم في رسائلهم الجامعية , حتى تبقى ذكراهم خالدة في نفوس الابناء والاحفاد مدى التاريخ.