لطائف من نداءات الباعة..!
تقي مطشر الشحماني ||
كتب الكثير من الباحثين عن نداءات الباعة في الأسواق كعزيز الحجية والشيخ جلال الحنفي وغيرهم من الكتاب الفولكلورين واشبعوا الموضوع بحثا. وأردت اليوم أن اكتب عن بعض النداءات اللطيفة التي كان ينادي بها بعض الباعة على بضاعتهم والتي يقصد في بعضها إسماع بعض حبيباتهم كلمات الغزل التي لا يلتفت إليها الناس إلا لكونها نداء على البضاعة وقد يكون بعضها تحرشا ببعض الجميلات كباعة الرقي والشلغم والباذنجان وغيرهم.. فمما ينادي به باعة الرقي للحرشة
بعد ان يشق (الرقية) بسكينه على شكل مثلث ليخرج منها (الشيف) الأحمر الشهي ينادي بأعلى صوته حين يرى محبوبته أو إحدى الجميلات
– هاي هاي هاي لك يابه اليوم رگينه احمر وحلو
– شرط السچين احمر وحلو
– اليوم إيموت من حلاته
كما ينادون عند تفريغ الرقي:
– بثلاثين يحگته سيارة حمرة جابته.
أما بائع الباذنجان ويسميه العراقيون (البيتنجان) فيصرخ بأعلى صوته
– لك اليوم شايل خشمه الأسمر بس كلبه ابيض
وللباذنجان حكايات مع العراقيين فالظاهر إن قلي الباذنجان وبيعه في الأسواق ليكون غموسا لفقراء الناس شيئ متعارف عليه من قبل الفتح الأسلامي فالجاحظ يذكر (أن من بين ما يباع بأسواق القلائين في البصرة وبغداد هو الباذنجان، ولقلائي الباذنجان شهرة في أسواقهم.)
وقد سمعت بعض الباعة ينادي على الباذنجان لتلازمه مع (الطماطه)
– هذا ركابچ يحمره
أي هذا الذي يطبخ معك أيتها الطماطم.. وأخبرني والدي أن احد أحد بائعي الباذنجان من ذوي البشرة السمراء، وكان طويل القامة شديد السواد مرحاً يملا السوق مزاحا وإسمه زناد و يُلفظ إسمه بالتصغير (زنيد)، وقد إختص ببيع الباذنجان، وكان يسمي الباذنجان ( خصا… زنيد) فما أن ينزل بضاعته في السوق, حتى يمسك بباذنجانتين ويبدأ (بالبزخ) والهتاف بأعلى صوته
– بويه يلمعن خصا…. زنيد
وكان الناس يمازحونه.
– بيش اليوم خصا… زنيد
وكنت أمازح والدي رحمه الله حين كانت زوجتي تعمل تبسي البذنجان:
– اليوم غدانه خصا… زنيد
أما الطماطم (الطماطه) فهي الرديف للباذنجان في مسيرته إلى موائد الفقراء. ففي الخمسينات كان يباع الكيلو منها ب (4 فلوس) وفي أغلى حلاتها ب(10 فلوس) بحيث يقدرعلى شرائها الفقراء بسهولة لتكون سيدة طعامهم. وعندما إستوطن أهل الجنوب في بغداد وبدأت تظهر تجمعاتهم في مناطق الشاكرية والعاصمه والمنكوبين ثم بعد توزيع مدينة الثورة وظهور أسواق (مريدي) و(چماله) و(العوره) و( عريبة) وغيرها نقلوا إلیه عاداتهم وتقاليدهم في البيع والشراء ونوع البضاعة ولا أزلت أتذكر (هاتو ابو الطماطه) وهو من ذوي البشرة السمراء حين كان يعرض بضاعته من الطماطة (يدگ اصبعتين) وهو يغني
ياحمره يا طماطه منين جابوچ
من گاع المجر بسلال عبوچ
وللخيار أغنيته الخاصة أيضا
نبع يخياروالحگه بثلاثين
كما إشتهر باعة الشلغم (اللفت) الذي يباع مسلوقا وقد أضيف إليه (الدبس) بعرباتهم الملونة والمعباءة بالرارنج المقطع بلونه الزاهي زيادة في الاغراء (وإنا أعتقد أنها أكلة
ضاربة في القدم إلا أني لم أجد من يذكرها على أنها سلعة تباع) فلهم نداءاتهم الخاصة التي يشم منها رائحة التحرش احيانا:
– مايع من حلاته
– مايع وحلو
ثم يضرب بسكينه حافة قدر وينادي بأعلى صوته عند مرور إحدى الحسناوات متعرضا:
– لك اليوم عسل يسحن الروح الحلو
وهناك الكثير من النداءات الأخرى التي قد أوفق يوما لجمعها في بحث منفرد لاحقا إن شاء الله ..