“إحنا” اهل الهلا..!
إنتصار الماهود ||
”تفضل يزاير، هلا بزوار الحسين، هلا بخطار أبو علي، عليك العباس أبو فاضل تفضل يمنا، بحق الزهراء وأم البنين لا تعبر موكبنا، بوية كل شي موجود بخدمتكم أكل مبيت فلوس أنترنيت، كل شي .. هلا بيكم وكل الهلا“.
وجوه مملوحة بشوشة كأنها خرجت من أحد القصص التي تتحدث عن الكرم والضيافة، تردد هذه الكلمات مرحّبة بضيوف الحسين عليه السلام، على طول طريق الزائرين المتوجهين لقبلة العشق الإلهي، تناديك لتكون ضيفا عليها في موكبها.
عجيبة هي كربلاء، سرها عظيم في جذب قلوب المؤمنين لها وعجيب هو حب الحسين عليه السلام، هنالك لن يسألك أحد من أنت من أين أتيت، أي جنسية تحمل وما هي لغتك، كل ما يهمنا أنك متوجه للحسين عليه السلام وتتحدث لغة العشق الحسيني، فهذا ما يجمعنا وما يوحدنا بك.
ترى العراقيون يتسابقون في قَريِ ضيوف أبا عبدالله عليه السلام، فهم يقدمون الأفضل والأحسن والألذ لزوار سيدي السبط الطاهر، لن تتوقع ما الذي يقدمه أصحاب المواكب من خدمات بإمكانياتهم وتمويلهم الخاص، والتي لن تستطيع دول أن توفرها، مائدة ممدودة بما لذ وطاب وما لا تتوقع على طول الطريق وصولا الى كربلاء، إضافة الى تقديم الخدمات الطبية، الإنسانية، الدينية، هو موسم لإلتقاء المسلمين وتوحيدهم فاق حتى موسم الحج، فقد وصلت أعداد الزائرين المتوجهين الى أبي الأحرار في أربعينيته حتى 20 مليون شخص، هل تتخيلون ضخامة العدد؟!، وأن تكون هنالك خدمات تقدم لعدد يوازي نصف سكان العراق، لن تجدها حتى في أفضل الفنادق والأماكن مقابل مبالغ مرتفعة.
العراقيون يختلفون بكل شيء، فهنا كل الخدمات مجانية، وكل هذا الكرم لوجه الله تعالى وحبا وكرامة للحسين عليه السلام، كرم ليس بعده كرم، هي نعمة عظيمة خص الله تعالى بها أهل العراق، ”حجي يگول بوية الحسين عليه السلام عرف وين يندفن وعرف أحنا نصير معازيب لخطاره “ .
لقد أصبحت كربلاء المقدسة عالما مصغرا، عالم روحاني عظيم، أجواء لن تجدها في بقعة أخرى في الأرض، هذا المكان يجمع كل الأطياف والمذاهب واللغات تجد بينا، (المسيحي والصابئي والأيزيدي والسني والأجنبي والعربي والكوردي)، كلهم قدموا لزيارة الحسين عليه السلام.
لقد طَبّق أصحاب المواكب الحسينية مبدأ التكافل والتكامل الإجتماعي الإسلامي، حين تسير في طريق الزائرين ترى الجميع هنالك شيبا وشبابا وأطفالا، يتسابقون على تقديم الخير والإحسان والمساعدة، فمواكبهم لا تقدم الشراب والطعام فقط بل هنالك مواكب خاصة للتبليغ الرسالى والوعظ والإرشاد الديني، والذي من خلالها يتم تمرير رسائل إجتماعية مختلفة ومهمة، بذات الوقت وهذا هو ما يوثق ويؤطر الصورة الإنسانية التلاحمية بين جميع المسلمين، الذي إجتمعوا على حب الحسين عليه السلام.
وهل إقتصر على ذلك بالطبع لا، فنحن يجب أن لا ننسى بل نُشْيد ونَشُدّ على جهود تلك السواعد السمراء، من أبناء الحشد الشعبي والجيش والشرطة، والذين إنبروا لتقديم كافة الخدمات للزائرين، إضافة لواجبهم ومسؤوليتهم في حفظ أمن وأمان الزائرين، مثلا منهم من تراه يخدم ويطبخ في المواكب وقت إستراحته، ومنهم من ينقل ويساعد الزوار في الوصول لوجهتهم، نراهم يتركون ذلك الإنطباع وتلك الصورة المشرفة التي نفتخر بها وننقلها للعالم أجمع.
هل إنتهينا؟! بالطبع لا لننقل لكم صورا جميلة أخرى كي تبقى في مخيلتكم حتى العام القادم، لو أذن الله لنا أن نكون من الخدام أو الزائرين لسيد الشهداء عليه السلام، فها نحن نرى في السنوات الأخيرة مشاركة الأطفال في خدمة المواكب الحسينية،(بعد روحي لابسين أسود وبيهم يركضون حفاي بين الزوار ينطيه مي لو لفة لو كلينس،ومن نگوله تعبت يگول لا ماتعبان كله فدوة للحسين )، هل تتخيل عظمة الجيل القادم الذي ربيناه وأعددناه من الآن؟!، هم يتسابقون مع الكبار بتقديم الخدمات للزائرين، المرضى وذوي الإحتياجات الخاصة وجرحى معارك الإرهاب كلهم متطوعين لخدمة زوار الحسين عليه السلام.
صور جميلة إنسانية حية نعيشها في هذه الأيام العظيمة، رغم الأصوات النشاز القبيحة التي تطل علينا في كل عام، وتجاهد لإبراز السلبيات فقط في الأربعينية، كل عام أصبحنا نرى هنالك زيادة في الوعي والإيمان، وعي وثقافة حسينية مباركة إلتزام واضح وحشمة لأخواتنا الزائرات وهي مناظر تثلج القلب.
إن الزيارة الأربعينية ليست فقط وقتا للاكل والشرب والمسير دون هدف، بل هي رحلة روحانية لتجديد عهد الولاء والوفاء أولا لله وللدين والعقيدة ولآل محمد صلى الله عليه وسلم، عهد نجدده كل عام.
بالطبع كل حركة أو فكر وعقيدة ربما تتعرض للإنحراف والزلل في مسيرتها، وهي بحاجة للتصحيح الإ القضية الحسينية والفكر الحسيني، فهي صامدة محفوظة غير قابلة للإنحراف أو الزلل لانها قضية عظيمة تتجدد تلقائيا وتصحح ذاتها، لذلك نرى أن تضحية الحسين عليه السلام وقضيته صمدت لأكثر من 1400 عام، بل وتزداد قوة وجذب للملايين من المؤمنين.
وفي الختام إن الحسين عليه السلام والزيارة الأربعينية هي رسالة إنسانية عظيمة، وتضحية يجب أن تقدر وتمرر للأجيال القادمة، ويجب أن نؤسس لجيل مؤمن بكل المباديء الإنسانية والإسلامية، التي قامت من أجلها ثورة ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد الظلم والطغيان والفساد، فهل أنتم أهل لهذه الرسالة العظيمة يا شيعة أمير المؤمنين؟!