الأحد - 08 سبتمبر 2024

الظلامات التي تعرض لها أهل بيت النبوة وشيعتهم..!

منذ أسبوعين
الأحد - 08 سبتمبر 2024

الشيخ حسن عطوان ||

وأنا أقرأ عن تاريخ المرقد المقدس لأبي عبد الله الحسين ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) ، وعمّا تحمل شيعته من ضرائب في طريق زيارته ، وجدت هذا النص المُعَبّر ، أنقله لكم بطوله – مع حذفٍ يسير أشرت لمواضعه بنقاط – وهو مثال لمقدار الظلامات التي تعرض لها أهل بيت النبوة وشيعتهم ولم يزالوا .

” … وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب ، غليظاً على جماعتهم … شديد الغيظ والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم ، واتفق له أنَّ عبيد الله ابن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأي فيهم ، فحسَّن له القبيح في معاملتهم … وكان من ذلك أنْ كرب قبر الحسين وعفى أثاره ، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلّا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة .

فحدثني أحمد بن الجعد الوشاء ، وقد شاهد ذلك ، قال : … وبعث برجل من أصحابه يقال له : الديزج ، وكان يهودياً فأسلم ، إلى قبر الحسين ، وأمره بكرب قبره ومحوه وإخراب كل ما حوله ، فمضى ذلك وخرب ما حوله ، وهدم البناء وكرب ما حوله نحو مائتي جريب [ 1366 متراً مربعاً تقريباً ] ، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد ، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه ، وأجرى الماء حوله ، ووكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل ، لا يزوره زائر إلّا أخذوه ووجهوا به إليه [ أي : أنَّ القائمين على المسالح يرسلون الزائر الى المتوكل ] .

فحدثني محمد بن الحسين الأشناني ، قال : بَعُد عهدي بالزيارة في تلك الأيام خوفاً ، ثم عملت على المخاطرة بنفسي فيها وساعدني رجل من العطارين على ذلك ، فخرجنا زائرَين نكمن النهار ونسير الليل حتى أتينا نواحي الغاضرية ، وخرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين وقد ناموا حتى أتينا القبر فخفي علينا ، فجعلنا نشمه ونتحرى جهته حتى أتيناه ، وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأُحرق ، وأُجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق ، فزرناه وأكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط كشيء من الطيب ، فقلت للعطار الذي كان معي : أي رائحة هذه ؟
فقال : لا والله ما شممت مثلها كشيء من العطر ، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع ، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه إلى ما كان عليه .

واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل أبي طالب … ومنع الناس من البر بهم ، وكان لا يبلغه أنَّ أحداً أبر أحداً منهم بشيء وإنْ قل إلّا أنهكه عقوبة ، وأثقله غرماً ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ، ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أنْ قتل المتوكل ” .

[ الأصفهاني ، أبو الفرج ، ( ت : 356 هج ) ، مقاتل الطالبيين ، ص 395 – 396 ، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف ، ١٩٦٥ م ] .

****

والقوم هم القوم ..
والأبناء أبناؤهم ..
والأتْباع على ديدن الأتْباع .

عظّم الله أجوركم .

16 / صفر الخير / 1446 هج .