وعد الله..!
أمين السكافي (لبنان – صيدا) ||
للأقدار حكايتها التي تجعلك تظن أن الأمر لك، بينما هو حكاية للأقدار ترويها بحسب مشيئة الله. كمسلمين، لدينا العديد من الروايات التي تتكلم عن قتال المسلمين لليهود في فلسطين وجبل عامل بالذات، وتضيف هذه الروايات أن نهاية اليهود (الصهاينة) ستكون في فلسطين وحدود جبل عامل.
وحسب ما قرأنا من أحاديث مروية عن سيد البشرية، لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: “يا مسلم، يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فأقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود”. وحديثه أيضًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك”، قالوا: “يا رسول الله وأين هم؟” قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”.
وهناك أحاديث أخرى معلومة عند المسلمين تتحدث عن هذا الأمر الذي سيتم في مرحلة ما من المستقبل، عندما روى الرسول الأعظم هذه الأحاديث في الماضي، أي منذ أربعة عشر قرنًا.
نأتي الآن أعزائي للتحليل المنطقي لما سلف. فلقد أنبئنا أن نهاية اليهود ستكون في فلسطين، وأن نهايتهم ستتم على يدي المؤمنين من المسلمين. فلو سأل أحد نفسه بكيفية قتال اليهود في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس خلال الألف وأربعمائة سنة الماضية، وهم أصلاً ليسوا موجودين في فلسطين، طبعًا لكان حقه الاستغراب والاستعجاب. ولو لم يتم تجميعهم بقدرة القادر، هل كنا سنذهب ورائهم في أصقاع الأرض؟
فالمعجزة الأولى هي في تجميعهم في بلاد الشام وتحديدًا فلسطين، ومن قبل تيودور هرتزل (الملحد) والوعد البريطاني بإقامة وطن قومي لليهود، وكأنما الله قدر الأقدار ليتم تجميعهم هنا، تصديقًا لحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 1-4].
فهذه بحد ذاتها معجزة تفكير بضعة مفكرين بوطن لليهود، وتجهيز الأسباب والعوامل من دعوات لأرض الميعاد إلى الرعب من الهولوكست المزيفة إلى الوعد بحياة أفضل إلى سعي أوروبا للتخلص منهم وتسهيل هجرتهم إلى استيطانهم في أرض اللبن والعسل حسب معتقداتهم. فسبحان مسبب الأسباب.
الأمر الآخر ينقسم إلى قسمين: قسم للداخل الفلسطيني وقسم في محيط فلسطين. نبدأ من الداخل، حيث استطاع رجل دين مشلول بنسبة خمسة وتسعون في المئة من جسده، بتأسيس قوة مقاتلة جبارة استطاعت في العقود الماضية مقارعة الكيان، وإن تغلب عليها بالعتاد، فقد غلبته بالشجاعة والإيمان. وهذا بعد لقاء الشيخ ياسين بالإمام الخامنئي عام 1998م في طهران، وبداية الشراكة والتعاون بكل شيء للسعي لتحرير فلسطين.
أما أكناف بيت المقدس، فالمقصود هنا المحيط الجغرافي لبيت المقدس، وأحدهم هو جبل عامل الذي كان محكومًا بالإقطاع الظالم الذي يجعله لا يفكر إلا بقوت يومه. فأرسل الله الإمام الصدر ليحول هذا المجتمع إلى مجتمع مقاوم ومقاتل، وجعل بوصلته بيت المقدس بعد أن قضى على الإقطاع.
من بعدها تم تغييبه، ولكن كان قد قام بما أراده الله منه، ليكمل الإمام الخميني الدعم الكامل للمقاومة الإسلامية التي أضحت ندًا لهذا العدو الغاشم. فشباب حزب الله يقفون على حدود فلسطين بكل بسالة ويقين، مؤمنين بوعد الله، وينتظرون الأوامر للدخول إلى (فلسطين) عشقهم الأبدي لتحريرها من أيدي ظالميها شذاذ الآفاق.
ومع احترامي لكل رأي مخالف، فأنا لا أرى اليهود إلا كما وصفهم الله في كتابه: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة: 82].
عزيزي القارئ، ما علينا جميعًا فعله هو تهيئة الأسباب والعمل بها، أما لعبة الأقدار فهي بيد الله عز وجل، وما كان الله ليخلف وعده.