الجمعة - 20 سبتمبر 2024
منذ 4 أسابيع
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

ناجي الغزي ||

/ كاتب وباحث سياسي

في مسرح التاريخ الخالد، حيث ينساب الزمن كدماءٍ ساخنة، يظل ثأرُ الحسين فوق عرش الدم، بريقاً لا يخبو وشعلةً لا تنطفئ. هو الثأر الذي يجسد البطولة والإيثار، ورمزاً للفداء الذي لا يعرف حدوداً.

ثأرٌ ليس كالثأر، فقد ولد من رحم المعاناة وصقل بالنار والألم، حمل معه عزم الثوار وأحلام الأحرار. هو صرخة تنبعث من أعماق المحن، تعلن أنه مهما طالت السنين، فإن الحق سيبقى صامداً، والعدل سيجعل الدماء التي سالت حبراً يسطر على صفحات التاريخ.

على أرض كربلاء، حيث أُريقت الدماء بأبشع صورها، نسجت حكاية خالدة عن ثأرٍ يتجاوز حدود الانتقام ليصبح رمزاً للأخوة والعدل والحق. الحسين بن علي، في ملحمة عاشوراء، كان الحسين (ع) زعيم الثوار ورمز الاحرار الذين واجهوا الباطل بصدور عارية من الخوف، متمسكين بالحق حتى آخر قطرة دم.🩸

في كل قطرة دم يروى حكاية، وفي كل جرح، تكتب قصة مقاومة وصمود. الثأر هنا ليس نزاعاً فردياً، بل هو إرث أمة، معركة مستمرة بين الحق والباطل، بين النور والظلام. هو القوة التي تحرك قلوب الأبطال، والشجاعة التي تجعلهم يتحدون الموت لتحقيق النصر.

ثأرُ الحسين هو الثأر الذي لا يتطلب حرباً عسكرية فحسب، بل هو معركة الروح والقلب. إنه إصرار على إحياء قيم العدالة والكرامة، والتزام بتخليد ذكرى الشهداء الذين سقطوا في سبيل الحق. فوق عرش الدم يرفع الحسين راية الثورة التي لا تنحني، ويعيد تشكيل معنى الفداء والتضحية.

هذا الثأر، الذي تجاوز ساحة المعركة ليشمل الأجيال القادمة، يحثنا على التمسك بالمبادئ، حتى في وجه التحديات الكبرى. يذكرنا أن الدماء التي سالت من أجل الحق ستظل نبراساً، تعطي الضوء للأجيال وتشحذ همم المؤمنين بحلم العدالة.

ثأرُ الحسين هو أكثر من مجرد صرخة انتقام؛ إنه تحية للشهداء، ولعنة على الظلم، ودعوة للحياة بعزٍ وكرامة. هو إرثٌ عظيمٌ يرتفع فوق عرش الدم، يروي قصة أبطالٍ اختاروا أن يكونوا شعلةً لا تنطفئ في ظلام الأوقات الصعبة.

ويظل واحداً من أسمى تجليات الصمود والشرف. هو شهادة على أن الروح التي لا تستسلم، ستظل تنير الطريق للأجيال القادمة، مهما كانت التحديات.