“شقشقة” في طريق الحسين..!
كوثر العزاوي ||
عادت وبعض الانكسار تشي به قطيرات من دمع تحبسها الأحداق خشية انفلاتها، لأنّ ذرف الدموع تفجّعًا على أبي الشهداء لايشبهُ تلك التي فيها جنبة من وجع الجوانح، وبين ركام القلب الكثيرٌ مـن الكلام، مضت باتجاه الكفيل تمشي الهوينا وحيدة بين جموع الزائرين وأمواج الآمال تتقاذفها.
تتلفت يمينًا وشمالًا، اذا رأيتها تحسبها يتيمة أفلتَ القدر يدها عن يد أبيها وقد تمسكت به حدّ اليقين أن لايفلت يدها، فلطالما عصفت رياح الأمنيات بفكرها ليكون لها بيتا مُشرِعة أبوابهُ لخدمة الزائرين في اي بقعة تختارها يد الغيب، لتسد فراغ سنينَ عجافٍ هدرت فيها رياح الفقد والحرمان، ولغاية اليوم لم تحقق شيئا من حلمٍ عاش معها حِقَبًا، فلم تجد حيلة لتقنع عويل جوانحها من أن تفعل شيئا يناغم حلمها، فهامَت على وجهها تشقّ صفوف السائرين.
تمسح عرق الزائرات بمنديل أبيض وتمتمات العشق بين البوح والنوح، يمّمت وجهها صوب الحظيرة القدسيَّة المتجلببة بأنوار العرش، ذرفت دموع القصور والتقصير، وتلت آية الأمل عند عتبة بابها، مودِعة آمالًا وآلامًا تسبّبت في كسر جناحها، أودعت حرقتها ولوعة مصابها عند تلك الأبواب المزدحمة بأفواج الزائرين، تزودت وتوسّلت وتسوّلت.
ثم لوّحت بكفّ الوداع على أمل اللقاء، وولّت عائدة كعادتها كل سنة من كربلاء إلى بغداد بعد قضاء أيامٍ تعددت محطاتها، وتنوّعت وقفاتها، أناس جمعها بهم الحسين على موائد الطعام وخير الكلام، وآخرون مرّوا بها كما الملائكة، ومنهم من مرّ كما النسيم مع المسير، فالناس ليسوا بوجوههم، إنما سيماهُم في قلوبهم، والوجوه حقًّا متشابهة!
ويبقى الهدف من السير الوصول، والقلب اذا سار إلى الله بصدق وصل، والخير ما يختاره الله لك، لا فيما تختاره لنفسك،
٢١-صفر-١٤٤٦هجري
٢٦-آب-٢٠٢٤ميلادي