الأحد - 15 سبتمبر 2024
منذ 3 أسابيع
الأحد - 15 سبتمبر 2024

أمين السكافي (لبنان – صيدا)..!


حكايتنا مع بني إسرائيل حكاية طويلة بطول الزمن، وهي رواية تاريخية وحاضرية بامتياز. ليدخل أحدنا إلى المستقبل منتصرًا، ويدخله الآخر مهزومًا وذليلاً.

بني إسرائيل، والمعروفون أيضًا باليهود، هم من أقدم الديانات التي عرفها البشر قبل الإسلام والمسيحية. ومع ذلك، هم أقل عددًا بكثير من تلك الديانتين، إذ لا يتجاوز عددهم على مستوى العالم بنحو واحد وعشرين مليون يهودي حول العالم، منهم ستة ملايين ويزيد في الدولة المغتصبة التي أقيمت على أرض محتلة. بينما يبلغ تعداد المسلمين والمسيحيين حوالي أربعة مليارات شخص حول العالم

هذا التناقض الفاضح في الأعداد بين الديانات، وخصوصًا إذا عرفنا أن تاريخ اليهود يعود إلى أربعة آلاف سنة، أي حوالي القرن السابع عشر قبل الميلاد، في وقت يرجع تاريخ النصارى إلى ألفي عام، والمحمديون إلى حوالي ألف وأربعمائة عام. والمرجح أن أول أنبيائهم هو أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم، ليستمروا من خلاله مع ابنه إسحاق وحفيده يعقوب، ليأتي توزيع السلالات مع أولاد يعقوب الاثني عشر.

ليدخلوا مصر في عهد يوسف النبي، ولتتحول أحوالهم إلى الأسوأ مع مرور الأجيال، وطبعًا بسبب خبثهم وحبهم للمال، وقع الغضب عليهم من ساسة مصر. ليأتي موسى من بعدها ومعه هارون فيخرجونهم بمعجزات من أرض مصر. لست بوارد تأريخ اليهود، ولكن من المعروف أنهم أينما حلوا ستحل الفتن والقلاقل، وسيظهر خبثهم للآخرين. ولا ندري لماذا، ولكن عندهم كره للبشرية بأكملها، حتى الحلفاء هم يداهنوهم فقط ليحصلوا على ما يريدون.

قد يكونون أول من مارس الربا والبغاء بنسائهم، وقصة تمار مشهورة في التوراة. أمر آخر، فهم مشهورون بتكذيب وقتل أنبياء الله كيحيى وشبيه المسيح، وكيف بعد كل المعجزات غاب عنهم موسى النبي بضعة من أيام ليعود ويجدهم يعبدون عجلاً من ذهب. وغيرها الكثير من أفعالهم المنكرة.

ولهذا لا تستعجب بقاءهم على هذا العدد طوال هذه المدة الزمنية، ولكن يقال: رغم قلة عددهم، أنهم يتحكمون بنسبة كبيرة من اقتصاد وسياسة العالم. وقصة اللوبي الصهيوني المشهورة، خاصة في مراكز القرار الدولي، بدأ من واشنطن إلى لندن فباريس وروما، ولا تستبعد موسكو حتى.

المهم، عزيزي القارئ، لما هذه المقدمة؟ وأنا أنظر اليوم إلى التلفاز، أتت أخبار عن الكيان، ووضعت صور للقذر نتنياهو ووزرائه بن غفير وغالانت وسموتريتش. والمفروض أن هؤلاء (الكلاب) يتحكمون بمصير المدنيين من شعب غزة الباسل، وأنهم لم يكفهم الواحد وأربعين ألف شهيد، جلهم من الأطفال، عدا الجرحى والمعاقين والمدفونين تحت الأنقاض أنقاض غزة الصابرة المحتسبة. هؤلاء بموافقتهم أو عدمها يتوقف قتل وإبادة وارتكاب المجازر بالنساء والأطفال.

صحيح أن قلب غزة ينبض بمقاوميها البواسل، وصحيح أن هناك زنار ناري من المحور لا يقصر أبدًا في كيل القذائف والمسيرات والصواريخ على كيان بات على أعتاب الشيخوخة، وينتظر من يطلق عليه رصاصة الرحمة، ولو أن الرحمة لا تجوز على هؤلاء الأنذال.
ولكن الذي أزعجني أننا من كنا نسود العالم من شرقه لغربه، ونتحكم بمصائر شعوب وأراضي، وعددنا الذي يناهز الملياري مسلم، ننتظر كلمة من هذا الآفاق نتنياهو. حقًا إنها من سخريات القدر. هنا تذكرت حديث أبي القاسم عليه وعلى آله الصلاة والسلام: “يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها”، فقال قائل: “ومن قلة نحن يومئذ؟” قال: “بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن”، فقال قائل: “وما الوهن؟” قال: “بأبي هو وأمي: الوهن حب الدنيا وكراهية الموت”.

فالعجب كل العجب لعشرين مليون من شذاذ الآفاق أذلوا أمة المليارين، ولكن الله سخر من اليمن إلى العراق إلى جبل عامل إلى إيران من يتكاتف مع أخوته في غزة. اللهم لا تجعلنا من أصحاب الغثاء، وخذنا إليك بشهادة ترضاها لنا ويفخر بها أهلنا، وصلاة في المسجد الأقصى ببركة دماء مجاهدينا.