وَسَقَطَتْ وَرَقَةُ التُوتِ ..!
الشيخ حسن عطوان ||
[ مع مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية مرة أخرى ] ( 2 )
🖋 اطلعت على بعض المقالات التي يعترض كتّابها فيها على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية ، وهي اعتراضات مريبة ومقْلقة حقّاً .
🖋 فبعضها يقول : إنَّ التعديل يسمح بزواج القاصرات ..
بعضها الآخر يتحدث : عن أنَّ التعديل يسلب حق الحضانة من الأم ..
وثالث يدّعي أنّه سيتسبب بإثارة النعرات الطائفية ..
ورابع يعتبر أنَّ التعديل سيكون سبباً لزيادة حالات الطلاق ، وووو .
وخامس يقول إنَّ التعديل سوف يسلب حق المرأة من الإرث !
🖋 وهذه إدعاءات في غاية الغرابة ، فمقترح التعديل ليس فيه كل ذلك !!
وكل ما جاء فيه هو ثلاث مواد ، والزبدة فيهنّ إضافة فقرة ثالثة للمادة ( 2 ) من قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم ( 188 ) ، ونصّهُا بعد حذف ما لا يخل حذفه بالمضمون :
” ( 3 ) أ . للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أنْ يختار المذهب الشيعي أو السُنّي الذي تُطَبّق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية …
ب. تلتزم المحكمة المختصة بالنسبة للأشخاص الوارد ذكرهم في الفقرة ( أ ) أعلاه عند إصدار قراراتها وفي جميع مسائل الأحوال الشخصية بتطبيق أحكام ( مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية ) .
( ت ) يلتزم المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السُنّي … بوضع مدوّنة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية ، وتقديمها الى مجلس النواب للموافقة عليها خلال ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون .
( ث ) تُقسَّم مدونة الأحكام الشرعية الى بابين :
الأول ينظم أحكام مسائل الأحوال الشخصية طبقاً للفقه الشيعي الجعفري ، والآخر ينظم أحكام مسائل الأحوال الشخصية طبقًا للفقه السُنّي ، ويُعتَمَد في وضعها على رأي المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق ، وفي حال تعذر معرفة رأي المشهور في الفقه الشيعي الجعفري يعتمد المجلس العلمي رأي المرجع الديني الذي يرجع إليه في التقليد أكثر الشيعة في العراق من فقهاء النجف الاشرف ، وفي حال تعذر معرفة رأي المشهور في الفقه السُنّي فيجب الأخذ برأي المجلس العلمي والإفتائي .
🖋 هذه هي زبدة التعديل ، ولا شيء فيه من كل ما أدُّعي .
🖋 نعم هذا التعديل إذا صوّت البرلمان على أصله وصوّت ثانية على المدونتيّن – الشيعية والسُنّية – بعد إنجازهما فسيمَكّن المتدينين من العمل بمقتضى شريعتهم في خصوص أحوالهم الشخصية فقط وفقط ، وليس في كل شريعتهم الشاملة لكل مواقع الحياة من حدود وديات وجنايات وتعاملات مالية ووو .
📌 على أنَّ هذا التعديل في النهاية لا يُكْرِه أحداً على الإلتزام بأيٍّ من المدونتين الشرعيتيَن لو أُقرَتا ، وبإمكان العلمانيين والمدنيين أنْ يبقوا على الإلتزام بالقانون القديم ، أو حتى بقانون جديد يجمعهم !
وأمّا الأقليات فهم من الأول لهم وضعهم الخاص في أحوالهم الشخصية .
📌 أمّا دواعي التعديل ، والإشكالات المطروحة على ما يلزم من إقراره من الإلتزام ببعض الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية فقد بينتُها في المقالة السابقة .
📌 وعلى فرض أنَّ بعض الإشكالات تام ، أو أنَّ بعض الأحكام ممّا لا تساعد على طرحه الظروف أو متطلبات الواقع ، كما يطرح بعض مَن نُحْسن الظن بهم فلا بأس بمناقشة ذلك عند طرح مقترح التعديل في البرلمان ، لا أنْ يرفض برمّته !
📌 إذن لنسمِّ الأمور بمسمياتها بنحو صريح ، هؤلاء يريدون أنْ يمنعوا المتديّنين – إذا اختاروا أحدى المدونتين بمحضّ إرادتهم – من أنْ يستندوا الى شريعتهم حتى في قضايا الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وإرث وما يرتبط بذلك ، مع أنَّ ذلك لا يمثل سوى جزئية صغيرة من مقتضيات التدين !
📌 ومع أنَّ هذ ممّا كفله الدستور لهم صريحاً ، إذ جاء في المادة ( 41 ) منه :
” العراقيون احرار في الإلتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون ” .
📌 فأين دعاوى أنَّ العلمانية والمدنية لا تتعارضان مع الدين ولا تحاربانه ؟؟!!
سقطت الشعارات عند أول مفترق ، وبانت الأمور على حقيقتها !!!
فقد وقف كل أدعياء الحرية والمدنية والعلمانية وموجّهيهم وأذنابهم ، وبعض الجهلة منّا ممَن لا يرَوَن أبعد ممّا بين أقدامهم ، ضد جزئية تُعَدّ إختباراً واضحاً لصدّق تلك الشعارات الزائفة ..
فسقطت ورقة التوت !!
عظّم الله أجوركم .
[ حسن عطوان ]
20 / محرم الحرام / 1446 هج .